الجزائر

تأخر إنجاز محطات الراحة يفتح باب رزق لسكان القرى التي يعبرها أطفال يخاطرون بحياتهم لبيع المأكولات على الطريق السيار


شكّلت ظاهرة بيع المواد الغذائية من طرف الأطفال والمتمدرسين من الإناث والذكور والطاعنين في السن على الحواجز الإسمنتية للطريق السيار شرق ـ غرب، صورة من الصور المأساوية التي باتت تمثل خطرا على حياة هؤلاء وصحة وسلامة مستعملي الطريق من مسافرين وسائقين، وكل ذلك رغم مطاردة الدرك لهم وتقديم عدد منهم للجهات القضائية.  من تلك الصور، صورة الفتى رضا، وهو تلميذ سابق من بلدية بواشد بعين الدفلى، طرد من صف السنة الخامسة ابتدائي قبل شهرين. يقول رضا: ''أنا من ضحايا التسرب المدرسي وما عملي هذا إلا من أجل مساعدة والدي العاطل عن العمل بسبب كبر سنه''. الكلام نفسه يقوله قرينه عبد القادر الذي يدرس في السنة الأولى متوسط بدشرة أولاد علي وقناي ببلدية جليدة، حيث يلتحق بالطريق السيار بعد نهاية الدروس على الساعة الثالثة زوالا، ليكون حاضرا في مكانه المعتاد على الساعة الثالثة والربع بالضبط. ويرجع عبد القادر سبب هذا النشاط إلى حرصه الشديد على قيمة العائد المالي الذي يجنيه منه، حيث يعتبر أقدم ''التجار'' على الطريق برصيده الزمني الذي يعود إلى سنتين، مشيرا بفخر واعتزاز إلى أن دخله اليومي لا يقل على 600 دينار. هنا على حافتي الطريق السيار على أجزائه العابرة لولاية عين الدفلى، تباع حبة البيض المسلوقة بـ20 دينارا وقطعة خبز ''المطلوع'' المعروف لدى سكان الناحية ''بالمشوط'' بـ25 دينارا.  وعن سبب تفضيل عبد القادر لهذا النشاط الذي يطارده لأجله أفراد الدرك يوميا، حسب قائد مجموعة الدرك بعين الدفلى، يقول هذا التلميذ إنه يفعل ذلك من أجل التخفيف من وطأة الحاجة والفاقة ''وظروف أسرتي المعيشية الصعبة..''، مؤكدا بأنه ''لا يستطيع الاستغناء عن نشاط كهذا في الوقت الحالي''. مآسٍ وأخطار تتنوع معروضات الأطعمة التي يتفنن الأطفال في تقديمها لمستعملي الطريق السيار للجهة الغربية، بين الخبز التقليدي والألبان والحليب الرائب والبيض المسلوق والأجبان والمشروبات الغازية والقهوة والشاي، حيث يتم عرضها من الصباح الباكر إلى غاية غروب الشمس. ولا تخلو هذه المهنة من أخطار حقيقية ولا يمكن تبريرها على أساس أنها تزج بالبراءة في ممارسات يعاقب عليها القانون، خاصة إذا تعلق الأمر بفتيات في عمر الورود مثل فاطمة وبديعة ونسرين من منطقة أولاد الحاج، حيث يلجأن إلى الطريق السيار لبيع هذه المواد التي تحفظ الطفلة بديعة أسعارها جيدا. ويجمع هؤلاء ''التجار الصغار'' على أن وقوفهم لساعات طويلة على حافة طريق محفوف بالمخاطر والمفاجآت لبيع ''الكاسكروط'' واللبن والقهوة والشاي، رغم انعدام أدنى شروط النظافة والسلامة الصحية وربما عدم صلاحية بعضها للاستهلاك، يعود إلى ظاهرة الفقر والبطالة التي يواجهها سكان القرى، الذين يعتبرون ذلك فرصة ثمينة لتدبير مصروف زائد للجيب، قبل أن يصبح ذلك مستحيلا بعد الانتهاء من إنجاز محطات الراحة على طول خط الطريق السيار. مطاردة مستمرة ولأنه نشاط غير مرخص به قانونا، فإنه لا يمر يوم دون تسجيل حالات توقيف لهؤلاء التجار الصغار من طرف مصالح الدرك الوطني. وفي هذا السياق، يقول قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني (عين الدفلى)، ''إن مطاردة هؤلاء عمل مستمر وسبق أن قُدّم عدد كبير منهم إلى العدالة بداعي ممارسة أنشطة فوضوية وغير صحية، زيادة على تعريض أنفسهم لأخطار مرورية وصلت إلى أزيد من مائة حالة''.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)