الجزائر

بيت بشتارزي يكرم فراشة الخشبة "صونيا"



مع الراحلة من فنانين وأصدقاءواستُهل اللقاء بعرض شريط حيّ لأول مرة عن الراحلة من إخراج علي عيساوي، بثَ بعض الحوارات للراحلة وكذلك مقاطع من أداءاتها في المسرح، وكذلك نبذة عن حياتها وانتقالها من مسقط إلى رأسها إلى العاصمة ومن ثمة بدء مشوارها الثري والمتنوع. وكذلك شهادات عن لحظاتها الأخيرة التي لم يتم تداولها إعلاميا لأنها كانت ترغب في العزلة وتمضية ما تبقى لها في سلام. رغم إحساس الحزن والانكسار الذي يبعث عليه المقطع، إلا أن هناك فرحة وبهجة يبعث بهما أيضا من خلال هذه الروح الفراشة.وفي كلمته قال المخرج علي عيساوي أن ما أراد قوله عن الراحلة صونيا قد لخصه في هذا الشريط، حيث أنه رافقها في الأعمال، ورغم أنها لا تحب الاستجوابات والحوارات إلا أنها قبلت في النهاية وهذه أول مرة، مضيفا أن 15 دقيقة مصورة لا يمكنها أن تختزل مسارا فنيا كبيرا وطويلا، فهي العظيمة فوق الخشبة، حيث أنها عبرت من التكوين الذي كان مهما في حياتها المهنية، مشيرا أنه لم يرغب بأن يكون الشريط عبارة عن حداد، بل أراده مقطعا للفرح الذي يصور أجمل لحظاتها. مؤكدا أن أجمل ما قامت به هو قبولها التصوير لأن الأمر مهم، لذلك علينا إقناع الفنانين وقد أقنع مؤخرا الفنان سيد أحمد أقومي بالتصوير، حتى يكون هؤلاء الكبار مادة لكتابة التاريخ المسرحي في الجزائر. وتابع علي عيساوي الذي يعتبر ذاكرة المسرح، أنه ليس الوحيد الذي يقوم بالبحث والتقصي والتسجيل هناك آخرون يفعلون بوسائلهم الخاصة، داعيا بالمناسبة كل الفنانين لتدوين كل ما يخصهم، فالتاريخ لا يكتبه شخص واحد، كما أن الباحثون يحتاجون المادة.من جهته، الفنان عبد الحميد رابية الذي يدون هو الآخر سيرا ذاتية عن الفنانين الذين رافقهم وعمل معهم، استعرض في ما سماه ب«الكلمة" التي تختلف في نظره عن المحاضرات الكلاسيكية والعلمية. حيث تحدّث عن الراحلة صونيا قائلا أنها ممثلة متكاملة، حساسة ومسؤولة ومناضلة، عاشت العزلة والتهميش، لكنها زرعت الأمل والسعادة وصنعت الفرجة والبهجة، معتبرا إياها رمزا وظاهرة رائعة وقامة من قامات المسرح الجزائري وهرما من أهرامه، مؤكدا أن كل المؤهلات والكفاءات والنجاحات موجودة في ثقافتها الواسعة وعملها المتقن والجمالي، مضيفا أنها قدمت الكثير وضحت من أجل الفن الرابع، لأنها كانت مؤمنة بالمسرح كدواء وطريق نحو الشفاء.وأكد -من جانبه- المخرج عمر فطموش، على أن الراحلة صونيا كانت قد عرفت كيف تلعب في جو المسرح حيث تمكنت جدا من العلاقة بين الممثل والمخرج التي يجب أن تكون جيدة، مشيرا أن بعض الأمور تتجاوزنا فهي فقط من يمكنها التحدث عن الخشبة وعن كل الشخصيات التي جسدتها، فهي -يضيف- التي تملك السر الخيالي، قائلا أنه كان يلتقي صونيا وعز الدين مجوبي بالعاصمة، مؤكدا على التفاصيل التي تهتم بها صونيا في الأعمال مستشهدا بحبل الغسيل الذي كان بالنسبة لها تفصيلا مهما لأداء دورها في عرض "فاطمة"، حيث عاشوا المسرحية قبل أن تعرض من خلال الحبل. وواصل فطموش، أنها كانت تولي أهمية كبيرة للتكوين وتصر عليه، وكانت اللقاءات بينهم تعتمد على عمل أرضية أساسية حول المسرح في المدينة وهذا ما عملت عليه أيضا عندما كانت مسؤولة عن مهرجان المسرح النسوي بعنابة، وكل مرة كانت اللقاءات تثمر تطورا في الأفكار، وكانت دائما تردد عبارة "يجب فعل شيء ما" كرغبة منها في التقدم أكثر. ودعا فطموش إلى الكتابة والتدوين، قائلا أن صونيا هي مكتبة، لذلك على الدكاترة والباحثين الجامعيين الاهتمام بالأعمال الجيدة والكبيرة، متمنيا أن يجد يوما ما كتبا وتحليلات معمقة في المكتبات عن أعمال عز الدين ومجوبي وعبد القادر علولة مثلا.من جهته، ذكر جمال مرير الجانب الإنساني للراحلة صونيا، فهي كانت تفرح بالتجارب الناجحة وتتأسف للإخفاقات. قائلا أنها امرأة مسرح بمعنى الكلمة، حيث تتابع الإنتاجات والممارسة المسرحية إضافة إلى اهتمامها بالتكوين، وعندما كانت على رأس معهد برج الكيفان عملت على خلق جسر بين المسرح والجامعة وفتحت الأبواب لمنتجين ومخرجين. وتابع مرير أن أعمالها معروفة ونجاحها كذلك، بالإضافة إلى إنسانيتها فهي تنازلت عن السكن لحارس مسرح سكيكدة الذي كان يبيت به. مؤكدا أن علاقتها عاطفية مع مؤسسة المسرح، متمنيا أن يسمى مسرح سكيكدة باسمها.وطالب الفنان عبد الحق بن معروف في كلمته، بالاحتفاء بصونيا بعيدا عن الكآبة والجنائزية ومعا لتكريس ثقافة الحياة والميلاد والابتعاد بالموت، مشيرا أن صونيا كبيرة وصارمة عانت كثيرا وكانت محاربة، والأجمل في مسيرتها أن تعرف التقاسم، تقاسم الأفكار والمبادرات وغيرها، ولها أيضا -يضيف- قوة الفنانة التي بإمكانها المدح وقول "شكرا"، وقول "لقد قمت بأداء جيد".أما الكاتب المسرحي الدكتور أحسن ثليلاني، فقد وصف صونيا ب«رمز المسرح النسوي ورمز الثقافة النسوية الجزائرية"، فالأمر ليس سهلا وسط هذا المجتمع الذكوري الذي لا يترك مكانا للإبداعات النسوية، وصونيا وهي القادمة من الميلية المحافظة حيث مارست المسرح كممثلة ومخرجة ومديرة وفرضت نفسها وأسست مهرجان المسرح النسوي في عنابة، فهي رمز كبير، ونحن نستحضرها اليوم نستحضر معها كلثوم وجميلة بوحيرد، فقد تركت بصمات في مسيرتها الفنية، مضيفا أنه التقاها في اللجنة الوطنية للقراءة في الطبعة التي خصصت بالذكرى ال50 للاستقلال، حيث كانت تعمل بجد وتقدم كلاما مكتوبا خلال الاجتماعات. وأشار ثليلاني، أن شخصية صونيا قوية، وقورة في مشيتها وكلامها وملابسها حتى أنها قارئة كبيرة، داعيا لثقافة التأسيس، فنحن لا نملك مخرجات وكاتبات كثيرات، ولا نملك بمن هن من مستواها، مؤكدا أن هذا اللقاء المخصص لذكرى صونيا دفع كبير للمسرح.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)