الجزائر

بن زواوة وبكري وبوشناق.. يهود جزائريّون أثاروا الجدل



بن زواوة وبكري وبوشناق.. يهود جزائريّون أثاروا الجدل
بعد تثبيت اليهود أقدامهم في تلمسان عن طريق الحاخام أفرايم ألانكاوه، تأسست بعد ذلك الدولة الزيانية التي اتخذت من تلمسان عاصمة لها، وبرزت في تلك المرحلة شخصيةٌ جديدةٌ بدأت في تقويض علاقة الجزائريين باليهود، ومهدت لعهد الخيانات التي ميّزت هذه المرحلة؛ كان ذلك الرجل هو بن زواوة سطورة، أو بنيامين شطورة أحد اليهود الذين تقلدوا مناصب سيادية في الدولة الزيانية ضمن الجهاز المالي، ومؤسسة المُكوس والضرائب حتى أصبح يلقب بسطورة المكّاس.

عمدت إسبانيا في غزوها لمدينة وهران على الاستعانة باليهودي بن زواوة سطورة؛ إذ يذكر الدكتور يحيى بوعزيز في كتابه «مدينة وهران عبر التاريخ» أن «الإسبان استعانوا ببن زواوة سطورة، المكّاس اليهودي، وبعض أعوانه من الخونة، أمثال عيسى العربي، يوم أن فتحوا لهم أبواب المدينة غدرًا وخيانة؛ مما سهل اقتحام القوات الإسبانية بسهولة أنتجت وحشية كان نتاجها 4 آلاف ضحيّة».


خلال الحكم العثماني للجزائر تواجد اليهود – حسب باحثين – واستمرّت معهم سيطرة التجّار اليهود الوافدين من مدينة ليفورنو الإيطالية على عصب الاقتصاد الجزائري، مستغلين الامتيازات الممنوحة لهم من طرف الدولة العثمانية؛ وسيطروا على عدة أنشطة، كالصياغة والعطارة والخياطة.

وقد كانت عائلتا بكري وبوشناق – بحسب ما تذكره المراجع التاريخية – من كبرى العائلات اليهودية آنذاك، تتمتّعان بنفوذ سياسي عالٍ ومكانة اقتصادية راقية، من خلال سيطرة شركة العائلتين على تجارة القمح، كشركة تجارية جزائرية خاصة. كانت تجارة القمح وقتئذ تشغل أغلبية صادرات الجزائر العثمانية في عهد الداي حسين، ساهمت العائلتان اليهوديتان – حسب الباحث الجزائري – فوزي سعد الله في توريطها مع فرنسا في قضية الديون التي تسببت فيما بعد في احتلال الجزائر، إضافةً إلى إنشائهما لشبكات تجسسٍ على الجزائريين بقصد التقرّب بها أكثر إلى الداي؛ لنيل رضاه، وتسببهما في المجاعات نتيجة لاحتكارهما تصدير المواد الأساسية والمضاربة بأسعارها.

وأثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر، تباينت ردود فعل اليهود على ذلك، في وقتٍ رأت فيه الباحثة الجزائرية أمال معوشي في كتابها «اليهود واحتلال الجزائر» أن «يهود الجزائر من أوائل الذين رحبوا بالاحتلال الفرنسي، وأبدوا مشاعر الفرح والسرور للوضعية الجديدة التي أصبحت تعيشها الجزائر، ولم يهتموا في تلك الأثناء الصعبة إلا بالحفاظ على حياتهم وترتيب أمورهم».


خلال الاحتلال الفرنسي عمدت فرنسا إلى حماية اليهود وإعطائهم حقوقًا تميّزهم عن الجزائريين المسلمين، متمثلةً في قانون كريميو الصادر سنة 1870؛ والذي أصدر الجنسية الفرنسية لـ37 ألف يهودي؛ وتضاعف عدد اليهود المهاجرين إلى الجزائر؛ بسبب تلك القوانين والامتيازات حتى وصل عددهم إلى مئات الآلاف مع استقلال الجزائر.

مع استقلال الجزائر ألمحت الإحصاءات إلى تواجد عدد اليهود في الجزائر خلال الثلث الأخير من سنة 1962 كان لا يتجاوز 25 ألف نسمة، بينهم 6 آلاف نسمة في العاصمة الجزائر، وتقلّص عدد الجالية اليهودية بالجزائر بنحو 90% عند مطلع التسعينات من القرن الماضي؛ بسبب الخوف الذي حصل على معظم اليهود، خصوصًا خلال العشرية السوداء التي عرفت أحداث عنف دامية؛ ليبلغ اليوم عدد اليهود بالجزائر حسب إحصائيات أمريكية إلى نحو ألف يهودي يعيشون تحت سريّةٍ شديدة، بينما أحصى تقريرٌ للدائرة المركزية الإسرائيلية للإحصاءات وجود 200 يهودي فقط في الجزائر، بعد مغادرة 800 يهودي إلى إسرائيل سنة 2014.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)