بغداد ترى أن الأزمة منتهية والأمريكيون يخاطبون العراقيين: لا تعطوا فرصة لعناصر تنظيم "القاعدة" والإيرانيين

أثارت الاشتباكات وتصاعد التوتر في العراق قلقاً بالغاً لدى الحكومة الأمريكية، ووصف مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية " ما حصل بين الحكومة العراقية ورئيسها نوري المالكي من جهة، وبين عشائر وزعماء الأنبار والسنّة، قائلا "إن الوضع الحالي يذكّر بالتحديات الكبيرة التي يواجهها العراق ولا يزال".
وأبدى المسؤول الأمريكي أسفاً خاصاً لأن ضحايا سقطوا "قبل أن تُعطى المساعي وقتاً كافياً لتصل الى حلّ سلمي". وأكد أن مسؤولين أمريكيين في واشنطن وبغداد كانوا وما زالوا "على اتصال مع عدد كبير من الزعماء العراقيين للتوصل إلى حلّ للقضايا السياسية والطائفية العالقة". وما يثير القلق بشكل خاص لدى الأمريكيين هو أن الاشتباكات خلال جانفي الماضي في الفلوجة كانت دموية، وسعى زعماء الحكومة وزعماء السنّة الى تطويق المواجهات، لكن التظاهرات هذه المرّة استمرت وقتاً طويلاً، ولم يصل الطرفان الى حلول سياسية، ثم تصاعدت التظاهرات الى مواجهات وسقط قتلى. ويعتبر كثيرون في واشنطن أن القاعدة في العراق استغلت الاضطرابات السياسية وعناد رئيس الحكومة، المالكي، في تصعيد الموقف السنّي بخلق احتكاك كان يمتدّ بسرعة. ولاحظ السفير الأمريكي السابق إلى العراق، راين كروكر، هذا الأمر، وقال "إن الوضع في العراق يأخذ منحى خطيراً"، واعتبر أن التوافق بين أهل العراق، والذي أقبلوا عليه في عام 2007 و2008، صمد في العام 2010 وكذلك خلال قضية طارق الهاشمي، نائب الرئيس العراقي. ولمّح الدبلوماسي الأمريكي السابق الى أن التوافق في العراق أصبح مهدداً الآن، وأنه على المحك. وبدأ الأمريكيون يشاهدون ثمرة بعض جهودهم، وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إنه يجب الوصول الى حلول فعلية من خلال المسار الدستوري والمؤسسات، مشيرا إلى أن هذا العمل صعب بالفعل، ويتطلب ترك شكاوى الماضي، وإيجاد قواسم مشتركة بين المنافسين التاريخيين والترفّع عن الخلافات الشخصية. وعبّر المسؤول الأميركي عن ارتياحه لعودة وزراء الأكراد الى اجتماعات الحكومة، ودعا الجميع الى اللحاق بهم.
من ناحية أخرى، اعتبرت شخصية قريبة من رئيس الحكومة العراقية المالكي "أن التهدئة بدأت، والآن هناك العديد من القيادات السنية من زعماء العشائر ورجال دين وسياسيين يعملون من أجل عزل المتطرفين ومن يريد دفع الاحتجاجات الى مسارات عنف أو غير ذلك". وبدا المصدر واثقاً من تخطي المالكي لهذه الأزمة مع أن زعماء التظاهرات أصروا على متابعة اعتصاماتهم الى حين نيل مطالبهم. ويرى المالكي أن "دائرة المعتدلين والرافضين لموجة التطرف تتسع" وسيعمل على التعامل مع هؤلاء المعتدلين ويقويّهم ويدعمهم ويتجاوب مع مطالب يتقدّمون بها. ويبدو العراق مرّة أخرى، على وشك الوقوع في الهاوية، ويبدو أيضاً أنه يعود منها مرة أخرى. ويقول العديد من الأمريكيين إن الولايات المتحدة لا تملك أي تأثير على العراقيين، لكن ممثلي الخارجية الأمريكية يتصرفون وكأن لديهم كل النية وكل التأثير، فالخوف من عودة إرهاب القاعدة يجمع الأطراف العراقيين والأمريكيين معاً.