الجزائر

بعد تعليق مشروع تحديث مدينة قسنطينة



بعد تعليق مشروع تحديث مدينة قسنطينة
بن تليس.. حي شعبي يعيش سكانه على أمل الترحيليعد حي بن تليس أحد أكبر الأحياء الشعبية و أعرقها بمدينة قسنطينة، غير أن عوامل الزمن و ارتفاع الكثافة السكانية به، حوّلا المكان إلى ما يشبه الأحياء القصديرية، رغم قربه من وسط المدينة و إطلالته المباشرة على عدد من أهم الأماكن بها، فيما يتساءل آلاف السكان عن مشروع الهدم و إعادة الإسكان، الذي تحدثت عنه السلطات في سنوات سابقة.وسط عدة أحياء شعبية مثل حي الصنوبر و شارع رومانيا سابقا، و بين الطريقين الوطنيين رقم 3 و 5، و بالقرب من محطة المسافرين، و على بعد أمتار من ملعب الشهيد حملاوي و فندق ماريوت و جامعة منتوري، يمتد حي بن تليس على مساحة شاسعة تضم مئات البيوت التي يعود بناء أقدمها إلى خمسينيات القرن الماضي، و إن كان المظهر العام للحي يظهر لائقا من بعيد، بعد أن استفادت بيوته من الترميم قبل حوالي سنتين بمناسبة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، حيث تم طلاء جميع المنازل باللون الأبيض ما أعطى صورة جديدة للمكان غيّرت معالمه و بات لا يشبه كثيرا الأحياء الفوضوية، إلا أن من يتوغل داخله يدرك أن الصورة البعيدة لا تعكس الواقع الحقيقي.فالحي عبارة عن مئات البيوت المتلاصقة على امتداد شارع رئيسي يزيد ارتفاعه تدريجيا كلما تقدمنا عبر الطريق، الذي يشهد حركة مرورية كثيفة خاصة أنه يربط بين حي الصنوبر و الطريق الوطني رقم 3، و يعتبر منفذا هاما لأصحاب السيارات الذين يفضلون اختصار المسافة و تفادي الاختناق المروري، و خلف المنازل الممتدة على طول الشارع، تقع مئات البيوت الأخرى التي تفصل بينها أزقة ضيقة، أما نوعية البناء فتشبه إلى حد بعيد البناءات الفوضوية، حيث تتكون معظمها من عدة طوابق، أما أحجامها فغير متساوية و أشكالها غير متناسقة، و حجم الطابق السفلي أصغر أحيانا من الطابق العلوي، فيما تبدو التصاميم عشوائية، و بالرغم من أن اللون الأبيض يغطي جميع البيوت غير أن التشققات تملأ الجدران الخارجية التي تبدو آيلة للسقوط، أما الأسقف فمعظمها من قرميد قديم أو قصدير، و كلما توغلنا داخل الأزقة، لاحظنا أن البيوت تبدو أقرب إلى الأكواخ، خاصة أن عملية الترميم أو الطلاء الخارجي لم تشملها تماما، أما مشاهد التسربات من قنوات الصرف الصحي فتظهر في كل زاوية، و قد شاهدنا بعض السكان يقومون بأنفسهم بإصلاح إحدى القنوات المسدودة.السكان يتساءلون عن مشروع الإزالةالعديد من السكان الذين التقينا بهم و تجولوا معنا بين أزقة الحي، أكدوا أن البيوت ضاقت بقاطنيها و لم تعد تستوعب النمو المتزايد للعائلات، مؤكدين بأن بعض المنازل تضم أكثر من 20 فردا مقسمين على عدة أسر، حيث أن كل عائلة تضم عدة أبناء، و كلما يتزوج أحد الأبناء، يسكن في أحد غرف المنزل مع أسرته، مما حول جميع البيوت إلى مساكن صغيرة من غرفة واحدة لا يزيد حجمها عن 10 أمتار مربعة، حسب تأكيدهم، أما بعض الغرف فمبنية على الأسطح بشكل بدائي و من دون أدنى شروط السلامة، موضحين بأن البيوت كلها ملك لأصحابها، و موثقة بعقود ملكية، حيث أن الحي ليس فوضويا على حد تأكيدهم، غير أن جميعهم عبر عن استياءه من وضعية المساكن، ما دفع أحدهم للقول «نحن نعيش داخل كهوف»، كما تشكل الانزلاقات حسبهم، خطرا داهما على الحي بسبب وقوعه أسفل جبل ترابي.و حسب تأكيد بعض أفراد اللجنة السابقة للحي، فإن عدد السكان يزيد عن 10 آلاف، فيما يتربع على قرابة 30 هكتارا، ابتداء من منطقة «عين بوطمبل» و هو الاسم المحرف لجملة باللغة الفرنسية تعني «ماء شروب»، إذ أن هذا المكان المعروف منذ العهد الاستعماري يعد أحد أجزاء بن تليس و أقدمها، و يؤكد أيضا أن هذا التجمع السكاني قديم جدا، كما أوضح السكان بأن السلطات قامت بإحصائهم في سنة 2007، تمهيدا لإعادة إسكانهم، و ذلك ضمن مشروع تهيئة المنطقة المطلة على وادي الرمال و التي تضم أحياء باردو و شارع رومانيا و جنان التشينة، غير أن العملية توقفت بعد إزالة جزء من حي باردو و كذا حي رومانيا، فيما يتساءل السكان الذين باتوا يطالبون أكثر من أي وقت مضى بترحيلهم نحو مساكن جديدة، عن مصير هذا المشروع الذي بقي حسبهم مجرد كلام.رئيس المندوبية البلدية لحي التوت، أكد بأن عمليات الترحيل لا تدخل ضمن اختصاص البلدية، مؤكدا بأنه كان على علم بمشروع الترحيل الذي يدخل في إطار تهيئة المنطقة، و ذلك منذ عهد الوالي السابق عبد المالك بوضياف، غير أنه ليس على اطلاع بالمستجدات، و فيما إذا كان ألغي أو لا يزال مبرمجا، مشيرا أن الحي سيستفيد قريبا من مشروع لتعبيد الشارع الرئيسي و إصلاح الأرصفة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)