الجزائر

بعد أن استبعد الوزير ذلك الجزائر مجبرة على مراجعة الرسم على الأرباح الاستثنائية بعد تعويض ''أناداركو''



سوناطراك اختارت صيغة التراضي اقتناعا منها بعدم إمكانية صدور حكم لصالحها أكد مسؤول من قطاع الطاقة والمناجم أن فوج العمل المنصب من طرف الوزارة لدراسة تعديلات جديدة في إطار قانون المحروقات مجبر على مناقشة تغييرات تخص الرسم على الأرباح الاستثنائية، لتجنيب سوناطراك منح تنازلات مماثلة لتلك التي حظيت بها أناداركو، لشركات بترولية أخرى معنية بقرار الخضوع لمنح رسوم استثنائية بأثر رجعي ابتداء من سنة 2006.
 حسب نفس المسؤول، فإن التنازلات التي أقرتها الشركة الوطنية كتعويض غير مباشر لصالح الشركة الأمريكية أناداركو يعني تأكيد الشركة لخطأ وقع في صياغة البند المتعلق بالرسم على الأرباح الاستثنائية في عهد الوزير السابق، شكيب خليل، الذي قام بصياغة القانون المعدل سنة .2006   
غير أن القيام بتعديلات تخص الرسم على الأرباح الاستثنائية، خاصة الجزء الرجعي منها، سيضع وزير الطاقة والمناجم، السيد يوسف يوسفي في حرج، خاصة وأنه كان قد استبعد ذلك في خرجته الإعلامية للدوحة، حيث أعلن عن تعديلات جديدة تخص قانون المحروقات المعدل، مركزا على الجانب الجبائي، دون المساس بالقرار المتعلق بالرسم على الأرباح الاستثنائية الذي وصفه بالقرار السيادي.  وحسب ذات المسؤول، فإن أعضاء فوج العمل كانوا قد اعترفوا بأن مشكل تراجع الاستثمارات الأجنبية في قطاع المحروقات يعود بالدرجة الأولى إلى البند المتعلق بالرسم على الأرباح الاستثنائية، وهو القرار الذي طبق بأثر رجعي انطلاقا من سنة 2006، والذي قررت الحكومة تجنب الحديث عنه لارتباطه مع مبدأ السيادة الوطنية في استغلال الحقوق البترولية، بإبقاء نسبة 51 بالمائة لصالح سوناطراك، وعدم تجاوز نسبة 49 بالمائة للشريك الأجنبي.
في نفس الإطار، قال نفس المسؤول بأن جميع الاقتراحات التي تمت مناقشتها إلى غاية الآن على مستوى فوج العمل، والمتمثلة أساسا في تخفيض العبء الجبائي على الشركات البترولية الأجنبية، حتى أنها ذهبت إلى غاية تقليص نسبة 50 بالمائة من الجباية المفروضة في المناطق الوعرة على التنقيب والاستغلال، لم تثر اهتمام الشركات الدولية التي لا تزال تطالب بالنسبة لغالبيتها مراجعة البند المتعلق بالرسم على الأرباح الاستثنائية، لتكون مسايرة لما هو معمول به في الدول الأخرى التي أصبحت أكثر استقطابا.
على صعيد آخر، أكدت ذات المصادر بأن سوناطراك لجأت إلى إيجاد حل بالتراضي اقتناعا منها بعدم الحصول على قرارات لصالحها في إطار التحكيم الدولي لها، الذي يرتكز على القوانين المعمول بها دوليا في إطار الجباية المفروضة على الأرباح.

سوناطراك كانت شريكا بنسبة 11 ثم 6 بالمائة
الجزائر فقدت أوراقا تفاوضية بتنازلها غير المبرر عن مساهمتها في أناداركو

 كان بإمكان الجزائر إذا أبقت على مساهمتها الهامة في أصول شركة أناداركو أن تكسب هامش حركة ومناورة، تمكنها من التفاوض في النزاع مع الشركة الأمريكية من موقع أقوى، ولكنها تنازلت عن هذه الورقة في 2003 دون مبرر عقلاني.
ويلاحظ أيضا، حسب الخبراء، أن الجزائر خسرت أوراقا تفاوضية كانت ستلعب في صالحها، خاصة لو أبقت على حصتها الرئيسية أي 11 بالمائة، مما كان يسمح لها بدخول مجلس الإدارة للشركة التي عرفت نموا دوليا سريعا بفضل نجاحاتها في الجزائر.
فسوناطراك كانت من بين المساهمين في مجموعة أناداركو بنسبة 11 بالمائة، ثم 6 بالمائة، بعد رفع المجموعة الأمريكية لرأسمالها، وسبق لسوناطراك أن خدمت أناداركو برفضها بيع حصصها، في وقت كانت الشركة الأمريكية تعاني من أزمة خانقة، وكانت محل عرض للشراء والحيازة .
ولم تشأ سوناطراك آنذاك، رغم العروض المغرية، أن تساوم الشركة الأمريكية، خاصة وأن أناداركو كانت من الشركات التي ساهمت في تطوير قطاع المحروقات في عز الأزمة بالجزائر خلال التسعينات، ولكن عادت الجزائر لارتكاب خطأ تقدير قاتل بقرار تنازلها عن حصصها في أناداركو وديوك اينرجي.
وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر استفادت ابتداء من 1986 من عدد من المزايا، على خلفية تسوية النزاع الغازي الجزائري-الأمريكي، المعروف تحت تسمية نزاع سوناطراك وبانهاندل وتكساكو ، حيث استفادت سوناطراك من قرار المحكمة الدولية، التي أقرت تسديد الجانب الأمريكي لتعويضات مالية زائد دخول سوناطراك كمساهم، فقد سددت بانهاندل مثلا 200 مليون دولار نقدا، زائد أكثـر من 6 ملايين سهم عادي لبنهاندل، بقيمة تعادل 265 مليون دولار، مع إمكانية إعادة بيعها خلال سنتين بسعر 55 دولارا للسهم الواحد. كما استفادت من نفس المزايا في شركات أمريكية أخرى من بينها ديوك إينرجي، التي بلغت حصص سوناطراك بها أكثـر من 16 مليون حصة أو سهم، وما قيمته 640 مليون دولار، وكانت نسبة سوناطراك تتراوح ما بين 4 و5 بالمائة، لتتراجع مع رفع رأسمال الشركة. فيما بلغت حصة سوناطراك في أناداركو 11 بالمائة في أول الأمر، لتتراجع إلى 6 بالمائة، بعد رفع رأسمال الشركة الأمريكية، وقدرت قيمة الحصة الجزائرية بحوالي 240 مليون دولار.
وقد تقرر التنازل عن الحصص في 2003 في فترة كان وزير الطاقة والمناجم، السيد شكيب خليل، يضمن رئاسة مجمع سوناطراك أيضا، ليتم بعدها تحويل العائدات المتحصل عليها، وتحويل عائدات العملية إلى صندوق استثمار، فضلا عن توظيف جزء منها على شكل سندات خزينة، رغم أن دور سوناطراك لم يكن كموظف في الأسواق المالية، ولكن كمساهم في شركات قوية يمكن أن يدعم موقعها، ثم قررت الحكومة الجزائرية، بعد أزمة سوناطراك إعادة المبالغ المالية الموظفة إلى الجزائر، ليبقى دور سوناطراك في الخارج محدودا في مساهمات بسيطة في إسبانيا والبيرو.

النزاع بدأ في 2006 وانتهى بالتعويض العيني بدلا عن المالي
المفاوضات مع الشركات البترولية الدولية لتفادي التغريم عبر القضاء

 بدأ النزاع القائم بين الدولة الجزائرية وأناداركو وميرسك في 2006، في أعقاب إقرار رسم على الأرباح الاستثنائية، حينما يفوق سعر النفط سقف 30 دولارا للبرميل، وشددت الشركات البترولية، وعلى رأسها أناداركو الأمريكية على عدم قانونية الإجراء، بالنظر لتطبيقه بأثر رجعي.
وسارعت الشركات الدولية، بعد فشل المفاوضات الذي جرت في 2007 و2008 بالخصوص، إلى اللجوء إلى القضاء الدولي، عبر مركـز تسويـة المنازعات المتصلة بالاستثمار بواشنطن ومحكمة المنازعات بباريس.
وطالبـت الشركات الدولية، وخاصة منهـا أناداركو وميرسـك، عبر مركـز تسويـة المنازعات المتصلة بالاستثمار بواشنطن ومحكمة المنازعات بباريس، بتعويض عن الأضرار تصل قيمته إلى 3 ملايير دولار على الأقل. واختار الجانبان مكاتب محاماة دولية، منها كينغ أند سبالدينغ عن الجانب الأمريكي والدانماركي، ومكتب المحاماة الدولي شيرمان أند سترلينغ والمحامي ايمانويل غايار عن الجانب الجزائري.
وتم إيداع بتاريخ 29 جويلية 2009 طلب لمباشرة إجراءات التحكيم على مستوى المركز، ليتقرر على إثر ذلك تشكيل بتاريخ 10 مارس 2010 طاقم المحكمة المكلف بالنظر في النزاع، والذي يتشكل من غابريال كوفان كوهلر رئيسا من سويسرا، وكمال حسين من بنغلاديش، ودافيد ويليامس من نيوزلاندا كأعضاء. وعقدت أول جلسة للمحكمة في فرع باريس بتاريخ 22 أفريل 2010، ليقدم بعدها المدعي مذكرة خاصة بالمضمون بتاريخ 21 جوان 2010، أعقبتها مذكرة الجزائر في 21 ديسمبر .2010
واستمرت القضية خلال سنتين، إذ قدم الجانبان مذكرات في آخر جلسة بينهما في 31 جانفي 2012، ونظرا لتعقد الإجراءات وإمكانية أن تطول، فقد ارتأى الطرفان إيجاد حلول ترضي الجانبين، وتضع حدا للنزاع القضائي، خاصة أن الجزائر بدأت مع نهاية 2011 تحضر لتعديل قانون المحروقات، وفقا لمعطيات جديدة يمكن أن تدعم موقع الشركات، وأن هذه الشركات تمتلك أيضا مصالح كبيرة يصعب التفريط فيها بسهولة. ومع نهاية السنة الماضية اتجه الجانبان إلى تفضيل خيار التراضي، مع أفضلية لصالح الشركات البترولية.
ويتضح أن الجزائر كانت تسعى لتدارك الموقف الصعب الذي أوجدته تدابير غير مدروسة، وخاصة فرض الرسم على الأرباح الاستثنائية بأثر رجعي، وتوقع صدور قرار في غير صالحها بتكاليف أعلى، مما دفع إلى اتخاذ قرار يحد من الخسائر، خاصة وأن الجزائر أيضا بحاجة إلى الشركاء الأجانب لتطوير الاستكشاف الذي عرف تباطؤا، وبالتالي كان يتعين إعطاء مؤشرات حسن النية وضمانات لهذه الشركات، لكي تعود للاستثمار في الجزائر بصورة أكبر.
وطالبت الشركات الدولية بتعويض مادي يصل إلى 5 ملايير دولار، بسبب تطبيق الجزائر لرسوم على الأرباح الاستثنائية دون الرجوع إليها وبأثـر رجعي، مما تسبب، حسبها، في خسائر معتبرة، علما أن عمل الشركات الدولية كانت تعتمد على مبدأ تقاسم الإنتاج بالخصوص وفقا للقانون 14- 86. ويشير الخبراء إلى أن امتلاك الجزائر لهذه الحصص في أناداركو كان قادرا على قلب المعادلة، ولكن تعدد الأخطاء كلف الجزائر غاليا، وفتح الاتفاق الباب واسعا أمام مطالبة شركات أخرى بنفس التعامل، حيث سيمثل الاتفاق اجتهادا قضائيا ، وسابقة ستستغلها الشركات لصالحها، للاستفادة من تعويض غير مباشر بصورة عينية، وإن لم تحصل على المال كتعويض مباشر.

المستشار السابق للشركة مراد برور لـ الخبر
سوناطراك اختارت أخف الأضرار وأفضل الحلول التوافقية

اعتبر الخبير والمستشار الأسبق لمجمع سوناطراك، الدكتور مراد برور، أن الاتفاق المبرم بين سوناطراك و أناداركو : يعتبر أقل الأضرار الممكنة، وأفضل حل توافقي ممكن بالنظر إلى طبيعة الخلاف القائم .
وأوضح برور، في تصريح لـ الخبر ، بناء على الوضع، لاسيما فرض الرسم على الأرباح الاستثنائية بأثر رجعي، وجدت سوناطراك نفسها تسير ملفا شائكا ومعقدا يتعين تسويته، وبالتالي فإن الاتفاق هو في حد ذاته أفضل الحلول والبدائل المتاحة بالنسبة إلى الجانب الجزائري.
ولاحظ الخبير أن من مصلحة أناداركو، أيضا، أن تحافظ على المزايا التي تحصلت عليها في السوق الجزائري، وألا تتنكر له، وألا تلعن المستقبل، لأنها يمكن أن تخسر ما كسبته أيضا. مشيرا إلى أن الجزائر من حقها أيضا فرض الجباية التي تراها مناسبة، وقد قامت بلدان أخرى بذلك، على رأسها بريطانيا التي فرضت جباية على شركات بترولية في بحر الشمال، دون أن تقوم هذه الشركات برفع دعاوى قضائية، وإن كانت الجباية في غير صالحها، ولكن الإشكال هو في الأثر الرجعي للقانون.
وأشار برور إلى سوناطراك اعتمدت على الحكمة في تسيير الملف والواقعية لتسويته، وكان هذا البديل التي تم اختياره هو الأقرب إلى الواقعية.

في بيان مقتضب خال من التفاصيل حول التنازلات المقدمة لـ أناداركو
سوناطراك تؤكد تعديلها لبعض إجراءات عقود تقاسم الإنتاج

 أكدت الشركة الوطنية أنه تم التوصل إلى اتفاق مع الشركة الأمريكية أناداركو يقضي بحل النزاع القائم بين الطرفين عبر رفع الرسم على الأرباح الاستثنائية من طرف الحكومة الجزائرية، من خلال الأمر الرئاسي الصادر في جويلية من سنة ,2006 المعدل لقانون المحروقات المصادق عليه سنة .2005
وجاء البيان الصادر عن سوناطراك، والذي تميز بالاختصار، دون التطرق إلى التنازلات التي قدمتها شركة سوناطراك لأناداركو، على عكس ما تضمنه البيان الصادر عن الشركة الأمريكية، والذي ألمّ بجملة تفاصيل وبنود الاتفاق الجديد.
وحسب بيان سوناطراك، فإنه تم تقديم تنازلات متبادلة بين الطرفين، دون الإضرار بمواقفهما في المحاكم الدولية .
 في هذا الإطار، أوضح ذات البيان أن الطرفين اتفقا على تغيير بعض الإجراءات الخاصة بالعقود، خاصة المتعلقة بتقاسم الإنتاج، والتي تلزم بموجبها على سوناطراك دفع الرسم على الأرباح الاستثنائية، وفقا للقوانين المعمول بها حاليا.
ويتضمن الاتفاق، حسب ذات البيان، توسيع مدة الرخص الممنوحة في إطار اتفاق تقاسم الإنتاج لتصبح 25 سنة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)