الجزائر

بسبب استمرار غياب الرئيس.. الغموض يكتنف مصير الميزانية



تسود حالة من الترقب في الجزائر، تحسبا لعودة الرئيس عبد المجيد تبون، إلى قصر المرادية، قبل نهاية العام الجاري، من أجل الوفاء بمهامه الدستورية، وعلى رأسها قانون الميزانية، الذي يستوجب تصديق الرئيس بموجب دستور البلاد، إلى جانب العديد من الملفات الأخرى التي تنتظر عودته.رغم أن ظهور الرئيس تبون، في 13 من ديسمبر الجاري، في تسجيل صوتي، بث على حسابه الخاص في "تويتر"، دون وسائل الإعلام الحكومية، قد خفف من وطأة الجدل المثار حول وضعه الصحي، إلا أن تواصل غيابه لأسابيع بعد تشديده على أنه "سأعود بعد أسبوع أو اثنين أو ثلاثة أسابيع"، كثف الغموض على مستقبل البلاد، خاصة وأن قانون الميزانية الذي صادق عليه البرلمان، لن يدخل حيز التنفيذ قبل تصديق رئيس الجمهورية عليه قبل نهاية العام، بموجب الدستور.
وبالرغم من أن الرئيس تبون، وجّه رسائل استمراره في السلطة وقدرته على أداء مهامه الدستورية من خلال الكلمة التي وجهها للرأي العام منتصف هذا الشهر، إلا أن إمكانية غيابه وعدم التصديق على القانون المذكور، سيضع مؤسسات الدولة في مأزق دستوري غير مسبوق.
وفيما أوحى رئيس السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات محمد شرفي، إلى دخول الدستور الجديد المستفتى عليه في الفاتح من نوفمبر الماضي، حيز التنفيذ رغم انتهاء المهلة التي يستوجبها أيضا الدستور لتصديق رئيس الجمهورية على الوثيقة الجديدة (50 يوما من تاريخ الاستفتاء)، وذلك من خلال التعبير عن "استعداد الهيئة لمراجعة قانون الانتخابات وتنظيمها امتثالا لتوجيهات الرئيس في كلمته الأخيرة"
وهو الأمر الذي تبنته أيضا الخبيرة في القانون الدستوري وعضو لجنة الحوار سابقا فتيحة بن عبو، في تصريح لها حول "عدم وجوب أو ضرورة تصديق رئيس الجمهورية على الدستور الجديد ليكون قابلا للدخول حيز التنفيذ"، وذلك من أجل رفع الحرج عن تبون، لكن مسألة الميزانية ستكون سابقة في تاريخ البلاد، وتطرح إشكالات كبيرة في تسيير وإنفاق المال العام خلال العام الجديد.
وقد سبق للجزائر أن عاشت سيناريو مماثل مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، خلال السنوات الماضية بسبب الظروف الصحية المانعة لأداء مهامه، لكن محيطه كان يصر في كل مرة على إحضاره إلى مجلس الوزراء وإظهاره أمام الرأي العام، تفاديا لأي جدل حول المأزق الدستوري المذكور.
ومنذ الكلمة التي وجهها الرئيس تبون للرأي العام المحلي والدولي، لم يصدر عن رئاسة الجمهورية أي تفاصيل جديدة، رغم أن اقتراب العام الجاري من نهايته يعيد طرح الغياب من جديد، خاصة وأنه يتصل باستحقاق دستوري هام في مسار الدولة وهو قانون الميزانية.
وحددت الميزانية الجديدة، من توقعات بأسعار نفط تتراوح بين 40 و50 دولارا، وبعجز تاريخي قدر بنحو 23 مليار دولار، وهو ما يعكس المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، ولا يستبعد أن تكون مصدرا لتوترات اجتماعية بسبب تفشي البطالة وتراجع القدرة الشرائية، خاصة في ظل التخفيض التدريجي لقيمة الدينار الجزائري.
ومن المتوقع أن تشكل هذه الميزانية، مصدر صداع للحكومة، وللسلطة الجديدة في البلاد بقيادة الرئيس تبون، في الحالات العادية، وأما أن ترفق بمشاكل سياسية فإنها تفتح البلاد على جميع الاحتمالات، في ظل الهشاشة التي تخيم على المؤسسات الرسمية، وغياب الاستقرار السياسي، سيما بعد الوعكة الصحية التي غيّبت الرجل الأول في الدولة عن قصر المرادية لأكثر من شهرين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)