الجزائر

بدايتها أزمة وخاتمتها أزمة



بدايتها أزمة وخاتمتها أزمة
التفسير الوحيد والمعنى الأوحد لمشاريع الإصلاح التي أطلقها الرئيس بوتفليقة في أعقاب انفجار الأوضاع الاجتماعية، في الخامس جانفي من العام ألفين وأحد عشر، هو أن الجزائر في أزمة، وبالفعل كانت الجزائر وما زالت في أزمة، ويكفي أن مواجهات ذاك الخامس جانفي، خلفت قتلى، فهل هناك تشنج أكثر وأخطر من ذلك الذي يفرز مواجهات تخلف من ورائها ضحايا؟ كما أن طرح المشاريع الإصلاحية يكون ملازما بالضرورة لوجود أزمة، وإلا ما معنى طرح مثل هذه الإصلاحات أصلا.
قبل هذا بحوالي ثلاث عشرة سنة، جاء بوتفليقة، أو جيئ به إلى الحكم، والجزائر تتخبط مثل هذه الأيام في أزمة، وإن كانت ذات أبعاد مختلفة، وليس مهمّا إن كانت أبعادها أخطر أو أخف... فهل قدر الرجل ألا يعيش إلا في الأزمات... يأتي إلى الحكم والبلد في أزمة، فيطرح طيلة سنوات عهدته الأولى مشاريع لإصلاح العدالة مرة، ولإصلاح المنظومة التربوية تارة ثانية، ومشاريع لإصلاح مؤسسات الدولة مرة ثالثة، وقبل هذه وبعد تلك يعرض مشروع المصالحة الوطنية، والنتيجة بعد ذلك بسنوات يفترض أنها أقل من قليلة في منظور عمر الدول والأنظمة السياسية، يجد نفسه ونجد أنفسنا معه في أزمة أخرى، فيطرح مشاريع إصلاحات أخرى، يطلق بموجبها الحريات في تأسيس الأحزاب السياسية وفي إنشاء القنوات التلفزية والصحف.
الآن... وبعد كل هذه السنوات والخطوات من تبني ثم إقرار هذه المشاريع الإصلاحية المتوجة في نهاية المطاف بانتخابات العاشر ماي التشريعية التي لم تفرز سوى الحيرة والقلق... بعد كل هذا تجد الجزائر نفسها مرة أخرى في أزمة قد تكون أخطر من سابقاتها، لأن الأمر يتعلق هذه المرة بضبابية الرؤية، إن لم نقل انعدام هذه الرؤية أصلا، فهل سيلجأ الرئيس من جديد لإصلاحات أخرى.
يبدو أن الداء أعمق والرؤية أعجز وأقصر من معالجة ما تعانيه الجزائر، وإلا ما معنى أن نبقى نتخبط في الأزمات، لدرجة لا نكاد نخرج معها من أزمة حتى نسقط في أخرى أحدّ وأعمق من الأولى... فهل لنا أن ننتبه ونعي بأن الهارب إلى الأمام سيسقط حتما في حفرة لن يخرج منها أبدا، وكل المؤشرات توحي بأن موعد السقوط في أعمق وآخر الحفر قد حان.
[email protected]


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)