الجزائر

النّظرة الثّاقبة



العودة إلى الحديث عن الفلاحة في الجنوب ليس من باب اجترار الكلام، وإنما هو رسالة قويّة في السّياق الرّاهن المتميّز بالبحث عن بديل البترول، والذي لا نراه إلاّ في هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي في آن واحد.وما ينجز اليوم في الوادي، أدرار، ورقلة، بسكرة وتمنراست وبدرجة أقل تندوف يشجّع كل من يؤمن إيمانا قاطعا بأنّ الجزائر قادرة على تحقيق الأمن الغذائي وليس الاكتفاء الذاتي، هذا المفهوم تجاوزه الزّمن ولم يعد حاضرا في الحوليات المتّبعة والخطابات المستعملة، يضاف إلى ذلك السعي إلى التحكم في زمام مبادرة التّصدير إلى الخارج باقتحام الأسواق العالمية بمنتوج نوعي قادر على منافسة نظيره الأجنبي.
هذه العيّنات من الولايات العملاقة المذكورة آنفا تشغل اليوم بأقصى ما تحوز عليه من كفاءات بشرية، وامكانيات مادية هائلة بعيدا عن الأضواء والبهرجة في الوقت المطلوب منّا أن نبحث في تصوّر إعلامي حول كيفية نقل صورة ما وصلت إليه الفلاحة الجزائرية في الجنوب لتفادي النّقاش المتجرّد.
للأسف هذا غير موجود إلى غاية يومنا هذا، نظرا لغياب تفكير حامل لأبعاد الاتصال في معناه القائم على تنوير الرأي العام بالانجازات القياسية في تلك المناطق، وبالتوازي مع ذلك فإنّ التكرار يولد التّغيير الفوري في الذّهنيات، للأسف اليوم هناك أناس شغلهم الشّاغل التلهف تجاه منحنيات أسعار النّفط مطلعا وحافظا ومتوقّعا الاتجاهات بكل تفاصيلها.
هذا خطأ لا يغتفر للكثير الذين أوقعونا في هذا المستنقع، وأنسونا بأنّ الجزائر قادرة طال الزّمن أو قصر على بلوغ النّموذج الاقتصادي، الذي يخلّصها من هذه التّبعية الأزلية لمادة طبيعية زائلة تبدأ بمحو آثارها من رأس الجميع، وإحلال محلّها توجّه جديد لا يربطنا أو بالأحرى لا يكبّلنا بالاعتبارات الخارجية أو بتأثيرات لا نتحكّم فيها، والأكثر من هذا مناورات تندرج في إطار تفاهمات معيّنة تتجاوز منطقا محدّدا في العلاقات الدولية.
هذا كلّه يقينا شرّ محاولة البعض المساس بقرارنا السيادي اليوم كل تلك الرّسائل الصّادرة عن رئيس الجمهورية في المناسبات الوطنية النبراسة، تدعو فيما تدعو إلى التحلي بروح المبادرة في مجال البحث عن أفضل الصّيغ لمواجهة التحديات الرّاهنة، وهذا بالانغماس أكثر في عالم العلم والتكنولوجيا، هذا ما يعني ضمنيا التحرر من كل الأصفاد الخارجية.
ولابد في هذا السّياق من ترقية النّشاط الفلاحي في الجنوب، وهذا بنظرة أكبر ممّا نتصورّها، الأمر اليوم لا يتعلّق بتفاصيل معيّنة أو مشاكل عادية، وإنما ما تأمله السّلطات العمومية يترجم «سياسات مندمجة» في هذا القطاع، لا تنفصم عن بعضها البعض مشكّلة الاطار العام أو الوعاء الشّامل الذي يستقبل هذا العمل الضّخم، ومثل هذه التّجارب موجودة في الكثير من البلدان المتقدّمة. لذلك فإنّ الوادي، بسكرة، أدرار، ورقلة، تندوف، تمنراست وغيرها من ولايات الجنوب تتمتّع بكل المواصفات بأن تكون فضاءً فلاحيّا حاسما قادرا على تمويل كل جهات الوطن بما يحتاجه من مواد، وبإمكانه الحضور في الأسواق العالمية بدون منازع، وهذا بشهادة جميع المختصّين والخبراء.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)