الجزائر

المواطن استقال من مواطنته ... و "الفلول" له بالمرصاد !!


عزيزي المواطن ... لا تتعجب إذا فتحت باب دارك ذات صباح و وجدت صورة مترشح ملصقة على الباب، و لا تتعجب إذا وجدت صورته معلقة على جدار بيتك أو على سور المدرسة التي يدرس فيها أبناؤك ... بل و لا تتعجب مرة أخرى إذا وجدت صورته على واجهة صفحة إعلامية رغم أن القانون يمنع الإشهار التجاري للمترشحين ... فالمسكين يخشى على نفسه من العتبة الانتخابية ... 7% ... قاصمة ظهور المترشحين.
فالساحة السياسية الآن قد خلت من جميع المظاهر التي كنا شاهدين عليها اثر الانتخابات التشريعية السابقة ... المظاهر التي كانت فيها الدولة مجيّشة بإعلامها الثقيل و الخفيف (أغنية "مازال واقفين" و أغنية كريم مصباحي"جزاير يا وردة") من أجل حث المواطن على المشاركة، أو لنقل إجباره على التصويت، لأن الأمر يومها كان يتعلق بحاملات طائرات حلف الناتو المرابطة على مياه البحر المتوسط ... أو كما أوحاه كلام مفتي قناة النهار.
المواطن لم يعد يعنيه الانتخاب و لم يعد يهتم بالسياسة و لم يعد يبالي بالمترشحين و لا بتجمعاتهم (ينشطها المتجمّعون) و لا مهرجاناتهم (ينشطها المهرّجون) ... المواطن الجزائري اليوم قد استقال من مواطنته بكل ما تحمل كلمة "الاستقالة" من معاني. و لعل ما يميز الإنتخابات المحلية هذه المرة هو تلك البرودة التي زادت الطقس برودة و "السماطة" التي طبعت الحملة الانتخابية، رغم أن الموعد القادم على صلة مباشرة بالحياة اليومية للمواطن.
و لكن حتى لا تذهب بنا السلبية مذهبها في التعاطي مع الشأن الانتخابي المحلي، فان الانتخابات تأتي كل خمس سنوات و معها حسنتان مصداقا للمثل القائل "رب ضارة نافعة" ... فأما الحسنة الأولى، فهي أن الانتخابات تعرّفنا بالقوم المفلسين سياسيا أو "البايرين"، وجوه عليها غبرة و ترهقها قترة، يبعثون من "قبورهم السياسية" كل خمس سنوات، فيسعون بكل الوسائل إلى تسويق صورتهم أمام الجموع غير المبالية بهم و ببرامجهم ... لذلك لا تتعجب عزيزي المواطن، مرة أخرى، إذا التقيت ب "فلان" يتهلل ضاحكا و يسأل عنك و عن حالك بعد أن جفاك طول الدهر.
و أما الحسنة الثانية للانتخابات، فهي أنها ترفع الغطاء عن القوم الانتهازيين الذين يجعلون من أنفسهم أداة لصالح أولئك المترشحين، و لا ضير في أن يستخدم هذا ذاك، أو أن يركب ذاك ظهر هذا تحت أي مسمى، أو أن ينتهك القانون أو تداس الأعراف ... و لعل عذر "الفلول" هو أنهم لا يعرفون أن وجود فكرة اسمها "الانتخاب" في الممارسة السياسية في الجزائر قد صار مثل وجود السمك في واد ملاح !!
أخيرا ... يبدو أن الانتخابات في الجزائر تتجه هذه المرة إلى تسجيل نسب قياسية في المقاطعة منذ الاستقلال، سواء من حيث النسب الولائية للمشاركة أو حتى من حيث نسبة المشاركة الوطنية. و الأكيد أن التقلبات الجوية الأخيرة جاءت لتكشف عجز المجالس المنتخبة حتى في انجاز بالوعات تضمن تصريف مياه الأمطار، لتزيد قناة "اليتيمة" الطين بلة حين قامت بتقديم أخبار الحملة الانتخابية قبل أخبار التقلبات الجوية التي سببت سقوط قتلى و جرحى و انهيارات منزلية.
رحمك الله يا "عبد الحميد مهري" ... ف"أهل الرداءة" صار لهم شأن كبير في هذا الزمان، و هم يهرولون وراءنا أينما نحل و "الفلول" حاصرونا في كل مكان و لات حين مناص !!
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)