الجزائر

المنطق المدلسي


 عندما يُسأل وزير الخارجية، مراد مدلسي، عن حكمة اختباء حكومته وراء حاجز من الصمت المخيف في التعاطي مع ''الربيع العربي''، الذي جاء هذه السنة في عز الخريف، يحدّثك بالطول وبالعرض عن ''مصلحة البلاد التي تقتضي التزام الصمت والتأني في إصدار مواقف قد تفسر بالشكل الخاطئ''، وعن ''حساسية الظرف''، وعن ''الخشية من التشويش'' على ''النشاط الموازي'' للدبلوماسية الجزائرية، فليس كل ما يُعرف يقال، على رأي معاليه.
وبنفس المنطق المدلسي، الذي هو منطق السلطة الجزائرية، يتعامل المسؤولون عن الاقتصاد الجزائري مع هذا الشعب، فيستخسرون تنويره حول مستقبله، عطفا على تسونامي الأزمة المالية الخانقة الذي زحف على أوروبا فغمر اليونان ونكب إيرلندا وإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا ويهدد فرنسا بالغرق.
فكما حرموا هذا الشعب، بالأمس، من معرفة موقف دولته مما جرى في ليبيا وتونس ومصر وما يجري في اليمن وسوريا، بحجة ''الظرف'' و''المصلحة العليا''، يحرمونه، اليوم، من التعرف على حقيقة ما ينتظره من مخاطر تلك الأزمة التي تضرب منطقة، نبيع لها أغلب بترولنا وغازنا، وفيهما هواء يومنا وقوت نهارنا وضوء ليلنا وبرودة صيفنا ودفء شتائنا، ونستورد منها أغلب طعامنا ودوائنا ومركبنا وملبسنا.
لو اعتمدنا على المنطق المدلسي في تعريف تواصل الرعاة مع الرعية، لحكمنا على دول مثل أمريكا وبريطانيا واليابان وألمانيا بالعته والجنون والخبل، فمسؤولوها لا يتورّعون عن الثـرثـرة مع شعوبهم دون أدنى اعتبار للمصلحة العليا أو حساسية الأوضاع أو حتى لأسرار الدولة.. طبعا حجة أصحاب هذا المنطق واهية ومردودة عليهم.. فالأنظمة في الدول المتخلفة وحدها هي التي تعامل شعوبها ''زي الأطرش في الزفة''.

Mouhben2002@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)