الجزائر

المناضلة الصحراوية لحقوق الإنسان أمنتو حيدار لـ''الخبر'' ''لست من أنصار الحرب وأدعم الخيار السلمي لاستقلال الصحراء الغربية''



سأزور الجزائر الشقيقة قبل أن أزور مخيمات اللاجئين العديد من أطفال الصحراء الغربية يتعرضون للتحرش الجنسي والاغتصاب ونحن نتجول في شوارع مدينة إشبيلية وبالقرب من الكتدرائية الشهيرة ''جيرالدا''، كانت تبرز هناك رسومات حائطية تمثل وجه المناضلة الصحراوية أمنتو حيدار، مرفوقة بشعارات تدعمها في نضالها ضد ''إبادة'' المغرب لها، كما كتب في أحد الشعارات، وذلك خلال إضرابها التاريخي عن الطعام بمطار لانزروتي بجزر الكناري في إسبانيا سنة 2010 إثر منع المغرب لها من الدخول إلى الصحراء الغربية، وسميت آنذاك بغاندي الصحراء. التقيناها في أحد فنادق مدينة إشبيلية الذي احتضن أشغال الندوة الـ37 للتنسيقيات الأوروبية لدعم الشعب الصحراوي، وانتهزنا خروجها من اجتماع مع الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز وقيادات جبهة البوليساريو، فكان لنا معها هذا الحوار. أمنتو حيدار مدافعة عن حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ورئيسة تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان (كوديسا)، كيف تقيمين وضعية حقوق الإنسان هناك؟
 الوضع في الأراضي المحتلة مأساوي، فالمدن تشهد عسكرة خاصة مدينة العيون التي هي تحت قبضة الجيش المغربي وكل أسلاك الأمن، وتطبق في المدينة مقاربة أمنية ممنهجة، حيث إن هناك تقييدا كبيرا لكل الحريات العامة، فلا يتمتع الصحراويون بالحق في التظاهر أو التعبير، ومن قبض عليه يتظاهر فمصيره التعذيب خاصة الأصوات المنادية بالحق في تقرير المصير والاستقلال. وخلال الأشهر الأخيرة، تشهد مدينة العيون ارتفاعا كبيرا في وتيرة القمع ضد الأطفال، ونحن في الجمعية بصدد الإعداد لملف معمق يرصد كل هذه التجاوزات والممارسات المشينة ضد الأطفال الذين يمارس عليهم التعذيب النفسي والجسدي، حيث أحصينا عددا من الحالات لأطفال أصيبوا بكسور ورضوض، إضافة إلى عدة حالات للتحرش الجنسي وكذا الاغتصاب ضد الأطفال الصحراويين من قبل الأمن المغربي.
وأمام كل هذه الخروقات هناك تجاهل وصمت من المجتمع الدولي، رغم كل الأصوات المنددة بهذه التجاوزات التي انطلقت من البرلمان الإيطالي والإسباني التي أدانت القمع. ورغم هذه الأصوات المنددة، إلا أن كل هذا يقع أمام مسمع ومرأى البعثة الأممية لتقرير المصير في الصحراء الغربية المينورسو المتواجدة على الأراضي الصحراوي المحتلة وفي مدينة العيون، لكن دون أن تحرك ساكنا من أجل حماية حقوق الإنسان.
أمام هذا الوضع ما هي السبل الواجب اتخاذها من أجل حماية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية المحتلة وكشف ما يجري من تجاوزات؟
 تضافر الجهود والتنديد بهذه الممارسات من كل أنحاء العالم، وهو تعريف للرأي العام العالمي بالقضية الصحراوية، وخير دليل على ذلك أن الجيل الثالث للصحراويين بعد الغزو المغربي للصحراء الغربية، أكثر صمودا من الأجيال السابقة، ما يؤكد صمود واستمرار هذه المقاومة مثل ما قاله الشهيد الرمز مصطفى الولي رحمة الله عليه إن القضية الصحراوية هي قضية أجيال ويجب أن يكون هناك سخاء بالدماء ، ونحن نرى كيف أن الشباب الصحراوي سخي بدمائه من أجل قضيته. غير أن المصالح  الاقتصادية والعوامل الجيو ـ سياسية في عالمنا اليوم، أصبحت أكثر أهمية مقارنة بحقوق الإنسان.
السيدة حيدار هناك مسار تفاوضي اتخذته جبهة البوليساريو كخيار في المرحلة الحالية من أجل تحقيق مطالب الشعب الصحراوي، فكيف تقيمينه؟
 المسار التفاوضي يجب أن تواكبه المقاومة السلمية والعمل الدبلوماسي المكثف، والوفد الصحراوي المفاوض لا أظن أنه يفاوض من أجل مضيعة الوقت، لكن هناك مؤشرات تبعث على الارتياح كقرار الكونغرس الأمريكي الذي ربط الإعانات العسكرية للمغرب باحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وكذا قرار البرلمان الأوروبي الذي أوقف اتفاقية الصيد والذي كان صادما للمغرب، وهي ثمرات لتضحيات ونضال الصحراويين بأجسادهم دون سلاح. لابد أن تتخذ الدولة الصحراوية مواقف صارمة تجاه المغرب، وكذا إسبانيا، بحكم أنها الدولة المسؤولة على الصحراء الغربية وبحكم أنها تبقى الدولة المديرة للإقليم قانونا وتتحمل مسؤولية أخلاقية وتاريخية تجاه الشعب الصحراوي. ويجب التفكير في آليات أخرى للضغط على الحكومة الإسبانية.
من بين قرارات المؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو العودة إلى العمل المسلح في حال فشل المسار التفاوضي، فهل تدعمين مسار المفاوضات أم العودة إلى العمل المسلح؟
 بالطبع قرارات مؤتمر الجبهة يجب أن تطبق على الميدان، أما بالنسبة للخيار المسلح، فأنا لست مع الحرب لأنني مدافعة عن حقوق الإنسان وأشجع مسار المفاوضات والنضال السلمي وإذا كان خيار الحرب فسيكون خيارا سيدا للشعب الصحراوي، من خلال ممثله الوحيد والشرعي البوليساريو، على غرار الرمز الذي أنا من المتأثرين به وهو الزعيم التاريخي الهندي غاندي.
العديد من القراءات أعطيت لعدم مشاركتك في المناسبات التي تنظمها جبهة البوليساريو، حيث لم تشاركي في مؤتمر الجبهة الأخير في تيفاريتي، فهل للسيدة حيدار موقف أم هي محرجة من الظهور بأنها من أنصار جبهة البوليساريو؟
 لا يوجد هناك أي إحراج، أنا مواطنة صحراوية وواحدة من أبناء الشعب الصحراوي ومن يمثل الشعب الصحراوي هي جبهة البوليساريو ولا أعترف بأي ممثل آخر للشعب الصحراوي سوى جبهة البوليساريو. وعدم حضوري في مؤتمر الجبهة مرده أسباب صحية وأجندة خاصة منعتني من ذلك.
وهل تعتزم السيدة حيدار في المستقبل زيارة مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف؟
 بالطبع سأزورها مستقبلا إن شاء الله وسأزور الجزائر، هذا البلد الصديق والشقيق للشعب الصحراوي قبل مخيمات اللاجئين الصحراويين.
سؤال أخير، هل من جديد بخصوص قضية الشهيد سعيد دمبر؟
 ليس هناك أي جديد، والسلطات المغربية تتكتم عن حيثيات الاغتيال المتورط فيه شرطي، وأظن أن هذا الشرطي ما هو إلا كبش فداء، لأن هناك أمورا أخرى، وقضية أحيكت في الخفاء، حيث استهدف الاغتيال عائلة من العائلات الصحراوية الصامدة في وجه الاحتلال المغربي، وهي نعم المثال بالنسبة لكل الصحراويين، ورغم أنه مرت سنة على اغتياله ووضع جثته في ثلاجة، فهي مازالت ترفض استلام جثة ابنها، إلا بعد تشريح الجثة والتحقيق في ملابسات اغتياله وهو ما ترفضه سلطات الاحتلال.  


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)