الجزائر

الملتقى الدولي حول ''الإسلام في مواجهة العنف'' بتلمسان دعوات لمقاومة الإسلاموفوبيا من خلال الإسلام الوسطي


اعتبر الدكتور مصطفى شريف، أول أمس، أن الإسلاموفوبيا هي بمثابة بعبع لتخويف الرأي العام الغربي من الإسلام والمسلمين، قصد تحقيق الهيمنة على العالم العربي والإسلامي، من خلال استخدامهم لممارسات غير عقلانية ووحشية لتزييف الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين.
 دعا أساتذة وباحثون، من داخل وخارج الوطن، إلى مقاومة ظاهرة الإسلاموفوبيا، من خلال تقديم الإسلام الوسطي للغرب، والابتعاد عن التعصب إلى الاهتمام بالإعلام في الغرب تحديداً، وذلك خلال الملتقى الدولي حول الإسلام في مواجهة العنف ، المنظم من قبل وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بمدينة تلمسان.
لا توجد حداثة بالغرب كونه ركّز على العقل وضيَّع العدل
أشار وزير التعليم العالي السابق، مصطفى شريف، في مداخلته الإسلام والمشروع الحضاري ، إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا مبنية على كراهية الغير، وعلى رفض الاعتراف بالاختلاف، والعنصرية، ورفض التعددية الثقافية والأديان، معتبرا أن الظاهرة قديمة ، لكنها زادت في إطار الوضع الجيواستراتيجي، بعد هدم جدار برلين. وشدّد مصطفى شريف على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وإلى اعتبار الدفاع الشرعي على سيادتها وهويتها وكرامتها حقا مشروعا، نافياً ادّعاءات الغرب للحداثة، وقال: لا توجد حداثة بالغرب ، لأن الحداثة مبنية على العقل والعدل، والغرب ركّز على العقل وضيَّع العدل. معتبراً، في ذات السياق، النظام العالمي نظاما غير ديمقراطي وغير عادل، ويدعو إلى العنف الهمجي والهيمنة على الشعوب المستضعفة.
بينما استنكر الدكتور عبد الكريم ميشال باربو، أستاذ اللغة والآداب والحضارة العربية بجامعة ستراسبورغ بفرنسا، مطالبة إسرائيل الجزائر بدفع تعويضات عن اليهود الّذين رحلوا مع خروج المستعمر الفرنسي، وقال: ردًّا على هذه الوقاحة، أقول لهم إذا دفعتم تعويضات للفلسطينيين المهجّرين والمطرودين خارج بلادهم ، معتبراً هذا ردا عادلا وسلميا في آن واحد .
وأكد الأكاديمي المسلم، في مداخلته محاربة عنف معاداة الإسلام ، أن الشعب الفرنسي يعيش منذ قرون بعض التناقضات التاريخية والايديولوجية التي تؤيّد الحملة الأخيرة على المسلمين من جهة، ومن جهة أخرى الامتناع عن مواجهة ماضيها الاستعماري، خاصة في الجزائر. كما انتقد ميشال باربو عدم اهتمام الإعلام الفرنسي بحرب التحرير الجزائرية عكس الولايات المتحدة التي أولت اهتمامها بحرب الفيتنام، معتبرا ذلك تناسياً منها لمعاداة الشعب الجزائري أثناء فترة الاستعمار . من جهته، انتقد المدير العام لمركز يافا للدراسات والأبحاث، الدكتور رفعت سيد أحمد، تعامل الغرب مع قضايا العالم الإسلامي التي ماتزال مستعمرات لها، مؤكدا أن توصيفهم للإسلام بأنه دين عنف وإرهاب غير صحيح.
واقترح رئيس تحرير مجلة القلم المصرية، في مداخلته الإسلاموفوبيا الصورة النمطية عن الإسلام ، جملة من الآليات العملية لمقاومة الإسلاموفوبيا، تتمثل أساساً في إبراز أهم الوسائل السياسية والإعلامية لمقاومة الظاهرة، من خلال تقديم الإسلام الوسطي للغرب والبعد عن التعصب، وكذلك الاستفادة من الأجواء الّتي ولّدتها الثورات العربية في إعادة طرح القضية من جديد، داعياً في ذات السياق إلى إعادة قراءة دور الثورة. وكشف المتحدث أن أكثـر من 400 منظمة أهلية مصرية تدّعي أنّها كانت وراء الثورة، تتعامل مع السفارة الأمريكية، تلقّت تمويلات ضخمة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لدعم هذه الهيئات في الانتخابات التشريعية الحالية، متسائلاً في نفس الوقت: لماذا لم تتحرّك نسمات هذه الثورات وراء البحر الأحمر؟ ، في إشارة منه إلى دول الخليج.
 دعوة إلى تغيير الخطاب الإسلامي مراعاة للحال والمكان
من جهته، دعا الدكتور حسان موسى، نائب مجلس الإفتاء السويدي إلى تغيير الخطاب الإسلامي مراعاة للحال والمكان، لأن الفتوى تتغيّر بتغيّر الزمان والمكان، مشيراً إلى أن هذا الخطاب جاء للبشرية كلها ودعوة للفطرة الأصلية، باعتباره قائماً على خطاب النّفس كلّها، عقلاً ووجداناً وحساً. وعزى نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي مطالب إعادة صياغة الخطاب الإسلامي لعديد قيادات العمل الإسلامي، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، موضحاً أن الوجود الإسلامي في الغرب لا يعيش منعزلاً عن محيطه، فهو يراعي التغيرات والتقلبات، سواء كانت محلية أو دولية، ويتفاعل معها ويستجيب لمقتضياتها.
وفضّل الداعية الجزائري في السويد، خلال مداخلته ملامح الخطاب الإسلامي في بلاد الغرب ، استبدال ظاهرة الإسلاموفوبيا ـ إسلاموكوست الّتي يحاول الغرب تمريرها لمنع بناء المآذن، ثم منع بناء المساجد، ثم منع النقاب، ويسعى لمنع ارتداء الحجاب ومنع الدعوة للإسلام. مؤكداً أنّ الإسلام أتى ليبقى في أوروبا، ولن يحدث انتقال بعز عزيز أو بذل ذليل كما حدث بعد سقوط الأندلس.
في حين انتقدت الدكتور أسماء بن قادة كلود غيان، وزير الداخلية الفرنسي، عن تصريحاته الأخيرة أن الحضارات غير متساوية ، وأن تلك التي تدافع عن الحرية والمساواة والأخوة تبدو لنا متفوّقة على تلك الّتي تقبل الطغيان وإضعاف النساء والكراهية الاجتماعية والإثنية . وأكّدت بن قادة، في مداخلتها الإسلاموفوبيا عندما تتحوَّل إلى إيديولوجيا.. الأبعاد الاستراتيجية للظاهرة ، بأنّ التصريحات والقوانين الّتي تمّ استصدارها عبر الاستفتاء أو من خلال المؤسسات التّشريعية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تشير إلى أنّه قد تمّ تجاوز الإسلاموفوبيا كحالة سيكولوجية إلى محاولة بناء مُسلَّمَة، تستلزم تبنّي موقف فكري وايديولوجي دائم تجاه هذا الدِّين، من خلال مقاربات علمية تسعَى إلى تثبيت صورة ذهنية تقوم على حقائق علمية تقضي بأنّ العقل الإسلامي عاجز بنيوياً عن هضم الفلسفات الغربية، منذ أرسطو إلى اليوم.
وانتقدت المتحدثة قانون تمجيد الاستعمار الفرنسي الّذي يشيد بما قام به الاستعمار. وفي ذات السياق، انتقدت مساندة المفكر الفرنسي ألكسيس دي توكفيل لسياسة العنف التي انتهجتها فرنسا ضدّ الجزائر والمقالات التي كتبها أثناء زياراته المتكررة الجزائر بين 1841 ـ .1846 في حين كان يدعو للديمقراطية والحرية ومحاربة الاستبداد ومساندة النظم العادلة وحرية التعبير ودولة القانون.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)