الجزائر

المكسب الضامن لدولة المؤسسات



أخذ مشروع قانون تعديل الدستور في الجزائر على عاتقه عديد الملفات الدقيقة التي تعتبر مفصلية في تسيير الشأن العام الوطني، ورغم تشعب هذه الملفات فكلها لقيت مكانتها في مجال التعديل والمراجعة، بما يتماشى مع التحديات التي رسمتها الدولة وأفردت لها استراتيجية مدروسة من أجل تنفيذها وجعلها واقعا معِيشا. وباعتبار الفعل الانتخابي بكل مراحله بدءا باستدعاء الهيأة الناخبة وصولا إلى دسترة النتائج نهائيا مسارا طويلا ، وقد يتعرض لسلوكات تشين إلى الفعل السياسي في حدّ ذاته فقد لقيت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات المنظِم و الراعي لكل مسار الانتخاب مكانتها في هذا التعديل المراد عرضه على الاستفتاء الشعبي؛ وبالتالي القضاء نهائيا على التسيير الإداري للعملية، باعتبار الهيأة الساهرة على أيّ فعل انتخابي خضعت لتجارب و مسارها طويل من أجل الوصول إلى ما هي عليه اليوم .وعليه فإن مصداقية أي انتخابات أو استحقاقات وطنية كيف ما كانت طبيعتها تُستمد من مصداقية الهيأة الوطنية المستقلة للانتخابات التي صارت مدسترة في المشروع الجديد من أجل تمكينها من الاستقلالية وابعادها عن أي ضغط أو صراع سياسي، ما يؤهلها للعب دورها كما ينبغي له و كما يُتوخى من خلاله الوصول إلى ممارسة ديمقراطية تفرض التعامل بالقانون و اخضاع الجميع إلى سلطته .
وعليه فالتشريع الذي اقترحه الدستور الجديد يرجى من ورائه التنظيم و إعطاء الفرصة لدولة المؤسسات وتمكينها من مناخ عمل نظيف .
نظيف لأنه بدسترة الهيأة الوطنية المستقلة للانتخابات تصير تنظيما مستقلا لشرعنة السلوك الانتخابي وما يتماشى من سلوكاتها أطراف مهمة مثل التشريع والتنفيذ والقضاء والاعلام..
وبعيدا عن لغة التنظير الذي عادة ما يرافق دسترة أي ملف أو نشاط فلغة الواقع والمرور إلى الأفعال تسمح للهيأة الوطنية المستقلة للانتخابات من خلال هذا الدستور بآليات عملها ونشاطها المستقل واخضاع ما و من هو تحت مسؤوليتها إلى سلطة القانون .
واستعادةً لثقة المواطن تجاه السلطة التي (أي الثقة) بخّرتها تجارب سلطوية سابقة أفرزت فسادا وبؤسا سياسيين فإنّ رؤية هيأة بهذا الشكل والتنظيم والاستقلالية وآلية عمل شفافة تبني من جديد هذه الثقة وتعيد للمجتمع مقومات نسج خيوط علاقة جديدة مع الحكم .
أكثر من ذلك فالهيأة الوطنية المستقلة للانتخابات من خلال الفصل المتعلق بها في المسودّة صارت تتمتع بمكاسب هامة . بل وأكثر من ذلك لا يتوقف عملها عند ما هو تقني بل أجاز لها التشريع الجديد المناقشة وتقديم الاقتراح والاثراء ككل الفاعلين في المجتمع .
بهذه الدسترة تأخذ ذات الهيأة مكانتها الطبيعية في نسيج الحكم باعتبارها تشتغل ضمن قوانين و تدافع على نزاهة المسار الانتخابي وتقف عند مصداقيته و تمكّن الشعب من إيصال كلمته وقول رأيه من خلال احترام اختياراته في الصندوق . وبالتالي صارت هذه الهيأة صانعةَ التوازنات في الفعل السياسي دون أن تمارس السياسة لأن مهامها بالدرجة الأولى هي مراقبة المسار الانتخابي و السهر على احترامه و اخضاع محيط الانتخابات إلى النظم و القوانين المعمول بها في البلاد وهي كلها أفعال ضامنة لمكاسب المجتمع الجزائري .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)