الجزائر

المعارضة.. فيروس تطعيم



 عندما تتصرف السلطة بهذا الشكل ولا تعير أي اهتمام لا للطلب الاجتماعي ولا للأصوات المتعالية والمحذرة، فإن الصورة تبدو أمامنا مقلقة بل مخيفة: قوة السلطة وغشاوة الغي التي تغطي عقل من يسيّرها، ظهرت غير آبهة لا بالمجتمع ولا بالنخب، لا بالخارج ولا بالداخل، بالمقابل فإن كل الأطراف الأخرى التي تسمى معارضة أو تعلن نفسها كذلك ظهرت عاجزة، بل وظهرت من غير أي فائدة للمجتمع.
لهذا يبدو أن على الأحزاب التي تعتبر نفسها معارضة أن تراجع حقيقة دورها داخل المجتمع، ماذا تقدم له من فوائد سياسية وماذا تخدم من مصالحه أو لا تخدمه. على المجتمع المدني أيضا، خاصة تلك الجمعيات الحقوقية التي نذرت وجودها وجهودها لخدمة الحق والحقوق لخدمة القانون ومحاولة تقييد شطط التسلط أن تراجع هي الأخرى حقيقة دورها الفعلي في المنظومة القائمة. هل وجودها يخدم فعلا ما تعلنه من مبادئ أو غايات.. أم العكس.
ألا يكبر الانطباع لدينا اليوم أن هذه الساحة السياسية وهذا المجتمع المدني، وأقصد أولئك الذين يعتبرون بشكل من الأشكال خارج أدوات السلطة وامتداداتها، ألا يكبر الانطباع، قلت، أنها صارت هي ذاتها أحد مبررات استمرار النظام، بل وهي مبرر شرعية هذا النظام، خاصة لدى الغرب. نعم فهذه الأحزاب ''المعارضة'' وهذه المنظمات الناشطة وهذه الصحف الناقدة للسلطة هي مستند شرعية وليست دافع تغيير.
هذه القوى ضعيفة ولذلك فهي مثل فيروس التطعيم يحقن به الجسم لزيادة المناعة.
أقول هذا لأن ما أعلنت عنه هذه السلطة من '' إصلاحات!'' عبّر بشكل قوي عن تلك الصورة التي سبق تصويرها. فالسلطة تتحدث، كالعادة، عن أنها أخذت برأي أغلبية من شاركوا في الاستشارات، لكن مع ذلك فإن كل تركيبة الساحة السياسية تعد مسؤولة عن هذا الوضع وهذه النتيجة مهما كان موقفها السياسي رافضا أو ساكتا أو ''نص نص''.
إن أداء أي دور في هذه المسرحية، ولو بالمعارضة، هو مشاركة، بل ويبدو عاملا ضد فكرة التغيير التي يدعو لها البعض وضد دعوة الإصلاح.. فهل ستعمد هذه القوى لتقييم دورها الفعلي.. هل هو لصالح التغيير أم ضده؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)