الجزائر

المسؤولية حكمة



 الأحداث العنيفة والمأساوية التي تهز منطقتنا العربية، هذه الأيام، لم تكشف فقط ضعف الحكام العرب وعجزهم عن قيادة بلدانهم نحو مستويات التقدم التي حققتها الكثير من شعوب عالم اليوم، وفق الإمكانيات المتاحة، وليس كمعجزات اقتصادية كما حدث في بلدان آسيوية وفي أمريكا اللاتينية... وإنما كشفت هذه الأحداث أن الحكام العرب ليسوا أهلا للمسؤولية أصلا... وإلا ما معنى أن يدخلوا أقطارهم في هذه الفوضى العارمة وهذه الحروب الداخلية المدمرة؟
لم يكتف حسني مبارك بإغراق مصر في الفساد والحيلولة دون بلوغها مستويات النهوض التي حققتها دول أخرى في مستوى مصر ومؤهلاتها مثل تركيا وكوريا وماليزيا والبرازيل والأرجنتين... لم يكتف بهذا بل رفض مغادرة الحكم حتى قتل المئات من أبنائها في ثورتهم الأخيرة، ولم يرحل حتى جرده الشارع من أي إمكانية أو قدرة على الحركة لحماية نظامه الذي تهاوى في النهاية أمام بسالة الشباب المصري الأعزل... ولم يكتف القذافي بتكبيل ليبيا والليبيين لأكثـر من أربعين عاما والحيلولة دون ارتقاء بن غازي أو طرابلس أو سرت أو أي مدينة ليبية أخرى إلى المستوى الذي تعيشه إمارة دبي مثلا، وليس دولة مثل سنغافورة... بل رفض منطق التطور والعصر وأدخل بلاده في حرب أعادت ليبيا المتخلفة أصلا عشرات السنين إلى الوراء... أما علي عبد الله فقد تشبث بكرسيه لأكثـر من ثلاثين سنة، بالرغم من أن الشارع اليمني أوضح له بأن حكمه أوهن من بيت العنكبوت، ولم يرحل حتى قنبل قصره بصاروخ أو قنبلة لم يعرف مصدرها أو واضعها لحد الآن، ليجد نفسه في نهاية المطاف قاعدا مقعودا بأحد المستشفيات السعودية... ولم يتعظ حاكم دمشق بالمصير الذي آل إليه زملاؤه الحكام العرب، بل كرر نفس مقولاتهم من أن مصر ليست تونس، وأن ليبيا ليست مصر ولا تونس، فقال بأن سوريا بلد مقاوم ويختلف وضعه عن وضعية بقية البلدان العربية، وكأن الذي يقاوم يحق له قهر شعبه وحرمانه من الحق في الحرية والعيش وفق ما يريحه ويرضاه ويسمح له بتفجير قدراته الكامنة فيه.
بطبيعة الحال... يقول هؤلاء الحكام كما هو معروف، بأن شعوبهم معهم وأن معارضيهم أقلية، وباستطاعة أي من هؤلاء الحكام أن يخرج بكل تأكيد مئات الآلاف إلى الشارع للتظاهر تأييدا له، وقد فعلها علي عبد الله صالح في اليمن والأسد في سوريا والقذافي في ليبيا، لكن ما معنى أن يخرج الحاكم - أي حاكم - الآلاف المؤلفة من الجماهير الشعبية لمساندته، وهو يدرك بأنه سيدخل بلده في حرب مدمرة لن تبقي ولن تذر؟... والنتيجة أن يخرج من التاريخ مطرودا أو مخلوعا أو إلى السجن.
إن المسؤولية حكمة... والحكمة بالضرورة نقيض الضرر ونقيض الدمار والتدمير والخراب... والمسؤول يفترض أن يكون حكيما... لكن ما علاقة الحكام العرب بالمسؤولية وبالحكمة؟



larbizouak@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)