المرصد الوطني للمتاحف فكرة جيدة ويجب تضافر جهود الجميع

وصفت السيدة دحو كلثوم قيطوني، مديرة المتحف الوطني العمومي "سيرتا" بقسنطينة، المبادرة التي أعلن عنها وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، خلال إشرافه على افتتاح تظاهرة شهر التراث، والمتعلقة باستحداث مرصد وطني للمتاحف، بالمبادرة الحسنة التي من شأنها تقديم الإضافة المرجوة وتساهم في تطوير تسيير هذه المنشآت التي تضم إرثا تاريخيا لا يقدر بثمن.قالت السيدة دحو كلثوم قيطوني في دردشة مع "المساء"، بأن إنشاء مرصد وطني للمتاحف، سيعطي هذه الأخيرة استقلالية أكثر خاصة من ناحية الميزانية المالية المخصصة للمتاحف، والتي ستزيد منطقيا، مما سيسمح لهذه المؤسسات التراثية بإثراء برامج عملها السنوي وتسطير المزيد من النشاطات، مضيفة أن الرؤية غير واضحة، حيث تساءلت حول هذه المبادة التي يجب أولا أن تدعم بقرارات رسمية وبقوانين، وهل ستشمل المتاحف العمومية أم المتاحف الخاصة المنشأة انطلاقا من قانون 2011؟اعترفت مديرة متحف "سيرتا" بوجود بعض الفراغات القانونية في تسيير المتاحف، حيث عبرت عن أملها في أن تسد القوانين التي سترافق إنشاء المرصد الوطني للمتاحف هذه الفراغات وأن تواكب القوانين العصر وتسمح للمتاحف بالدخول في ديناميكية اقتصادية وسياحية، على غرار ما يحدث في العديد من بلدان العالم، مؤكدة أن تكديس التماثيل والآثار في المتاحف لا يخدمها وعلى المتاحف أن تستقطب العائلات، على غرار باقي مرافق التسلية والترفيه من خلال إجراء بعض التعديلات، على غرار الإنارة الفنية والواجهات الجميلة والجذابة.وأكدت السيدة دحو كلثوم قيطوني أن متحف قسنطينة لا ينتظر الزوار للتعريف بمكنوناته الأثرية الثمينة، بل يبادر بالتعريف بها من خلال الموقع الإلكتروني المستحدث من جهة، ومن جهة أخرى الخروج إلى المواطن عن طريق تنظيم خرجات دورية وكذا الاهتمام بالتلاميذ، حيث خصص متحف قسنطينة في هذا الصدد برنامج "الحقيبة المتحفية"، الذي يشمل زيارة العديد من المؤسسات التربوية لزرع ثقافة التراث والمتاحف لدى الأطفال الصغار والاستثمار في التلاميذ.وقالت مديرة متحف "سيرتا" إن هذا الأخير يمكن أن يتفرع إلى أربعة متاحف، يضم كل متحف قسما خاصا به؛ الفخار، الفنون الجميلة، المسكوكات ومخلفات الإنسان القديم.المطالبة باتفاقية بين وزارات الثقافة، السياحة والداخليةدعت مديرة متحف "سيرتا" بقسنطينة،إلى اتفاقية بين وزارت الثقافة، السياحية والداخلية، من أجل تشجيع الناس على زيارة المتاحف، حيث أقرت بظاهرة عزوف المواطن الجزائري عن زيارة المتاحف، معتبرة أن هذه الظاهرة توجد بالعديد من الدول وغير مقتصرة على الجزائر فقط. اقترحت السيدة دحو كلثوم قيطوني أن تكون هناك ليال ترفيهية وسهرات فنية وموسيقية داخل المتاحف، حتى تعود الروح إلى هذه الفضاءات التاريخية والتراثية، وقالت إن المنظمة العالمية للمتاحف تعرف هذه الأخيرة على أنها مؤسسات ذات طابع مجاني، تعرض، تحفظ، تبحث وترفه أيضا عن الأشخاص الذين يزورونها، معتبرة أن قضية الترفيه مهمة جدا في بعث الحياة من جديد في المتاحف.واعتبرت المتحدثة أن من بين أسباب عزوف المواطن عن المتاحف في الجزائر؛ طريقة تسييرها في وقت مضى، حيث كانت تخضع لتسيير ذي طابع سياسي وليس حضاري، مضيفة أن مسؤولي الثقافة في الجزائر تداركوا في الفترة الأخيرة هذا الأمر وبدأ التغيير احتراما للحضارة الإنسانية، الآثار والحضارات القديمة.كما أرجعت عزوف الجيل الجديد عن زيارة المتاحف إلى غياب هذه الثقافة في المنهج الدراسي، حيث استغربت عدم وجود كلمة المتحف في المناهج الدراسية لمختلف السنوات، وألحت على ضرورة أن تواكب الثقافة المتحفية التلميذ في مختلف مراحل تعليمه داخل المؤسسات التربوية التي تقدم النظري، ويبقى على التلميذ التنقل إلى المتحف لممارسة الجزء التطبيقي، وبذلك زرع هذه الثقافة في الطفل منذ صغره وتعويده على زيارة المتحف سواء من أجل الثقافة أو السياحة، وهو الأمر الذي تفتقده الأسرة الجزائرية في الوقت الحالي.وأضافت مديرة سيرتا أن غياب وسائل إعلام متخصصة في هذا المجال أثر أيضا على إقبال الزوار، حيث أكدت أن وسائل الإعلام التي تتناول هذه المواضيع بعمق لها دور كبير في الترويج للثقافة والمتاحف واقترحت أن تكون هناك صحف أو قنوات مختصة في تسليط الضوء على كل ما له علاقة بالتاريخ والتراث والموروثات المادية الموجودة عبر عشرات المتاحف على مستوى التراب الوطني.وطالبت دحو كلثوم قيطوني الجماعات المحلية بالمساهمة في الترويج لثقافة المتحف، من خلال تخصيص وسائل نقل جماعية لأطفال المدارس لزيارة المتاحف والتعرف على مختلف الحضارات التي شهدتها المنطقة عبر مختلف العصور، مضيفة أن العديد من نشاطات متحف "سيرتا"، على غرار ورشات الصم والبكم، ألغيت السنة الفارطة بسبب غياب النقل الجماعي، معتبرة أن التراث قضية الجميع.