الجزائر

المرأة شريك سياسي واقتصادي فاعل


أكد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس، عزم الدولة على مواصلة تحقيق المزيد من التقدم في مجال ترقية دور المرأة في السياسة والتنمية، مثل ما تضمّنه التعديل الدستوري الأخير، عندما أقر مسؤولية الدولة في ترقية مكانة المرأة في تقلد المسؤوليات على جميع الأصعدة، لافتا، في المقابل، إلى وجود بعض العراقيل "والثقل الذي يعتري ذهنيات بعض الأطياف في المجتمع فيما يتعلق بترقية فعلية لمكانة المرأة ومساهمتها في الحياة الجماعية".وفي رسالة بعث بها إلى المشاركين في الندوة الدولية لترقية المشاركة السياسية للمرأة المنعقدة بقصر الأمم بالجزائر وقرأها نيابة عنه وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، أسهب الرئيس بوتفليقة في إبراز المساعي التي قامت بها الدولة من أجل ترقية مكانة وحقوق المرأة عبر المراحل والظروف التي عاشتها البلاد منذ الاستقلال، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن الجهود انصبت على المستوى الداخلي، على تكريس الحقوق السياسية للمرأة انطلاقا من حقها في التصويت إلى حقها في التمثيل في جميع المجالات "رغم وجود بعض العراقيل الذهنية، والتي تمت مواجهتها بإجراءات دستورية وقانونية، جعلت من المرأة الجزائرية في العقود الأخيرة، طرفا موجودا في الصرح البرلماني وفي الهيئات المنتخبة محليا بمستوى ريادي في العالم العربي".
وعلى المستوى الاقتصادي، أشار رئيس الجمهورية إلى أن التشريع الجزائري أسس لمبدأ المساواة في الأجور بين المرأة والرجل منذ السنة الأولى للاستقلال، في ظل المساهمة الفعالة للمرأة في مسار البناء والتشييد طيلة عقود من الاستقلال.
ولفت إلى أن الاهتمام الذي أولته الدولة للمرأة في مجال ترقية مكانتها في عالم الشغل، تجلى عبر المؤشرات المسجلة ميدانيا، إذ أوضح رئيس الجمهورية في هذا الصدد، أن المرأة أضحت تشكل النسبة الأكبر في بعض المهن ذات البعد الاجتماعي، كالتدريس والصحة ومهن سيادية مثل سلك القضاء، فضلا عن تدرّجها السنة بعد الأخرى في صفوف الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الجمهورية.
وأضاف في هذا الخصوص يقول: "بلا شك فإن هذه الخطوات الإيجابية اعترضنها تحديات صعبة مرت بها البلاد وعايشتها المرأة كغيرها من فئات المجتمع الأخرى، إذ ظلت "درعا صلبا كلما نادى الوطن أبناءه وبناته لحمايته من المخاطر ومواجهة التحديات"، مشيرا إلى أن المرأة الجزائرية وقفت "صامدة ومستعدة للتضحية الجسيمة لإنقاذ الدولة واستمرار سيرها، مع دفع قوافل من الشهيدات في مختلف الأسلاك المهنية".
واغتنم رئيس الجمهورية المناسبة للوقوف عند هذه المحطة الأليمة من تاريخ الجزائر، وتذكير الحضور بمواجهة البلاد "في عزلة تامة، ويلات الإرهاب الهمجي"، مضيفا أن النساء وقفن "في الصف الأول على خيار المصالحة الوطنية وتفضيل مصلحة الجزائر على جراحهن وعلى كل ما عانته عائلاتهن".
وإذ تباهى بالمكانة التي باتت تحظى بها المرأة الجزائرية اليوم، أرجع القاضي الأول في البلاد هذه المكانة المرموقة، إلى النضالات الكبيرة التي خاضتها المرأة من أجل إثبات ذاتها، "مما مكّنها من تقليص المسار الزمني لاكتساب حقوقها السياسية والاجتماعية مقارنة بما عرفته النساء في أقطار وقارات أخرى".
وبالنسبة لرئيس الدولة فإن المرأة الجزائرية التي عانت وحشية الاحتلال وبشاعة الاستعمار، نجحت في أن تكون "طرفا كاملا" في ثورة نوفمبر المجيدة والنضال السياسي والعمل الوقائي والاجتماعي، وطرفا كذلك في حمل السلاح في التضحية من أجل كسر شوكة الاستعمار، حيث جعل هذا المسار التاريخي من الجزائر التي كافحت من أجل الحقوق والحرية، من الجزائريات المشاركات في هذه الملحمة التاريخية، "أطرافا سعت بعزم وبمثابرة لترقية مكانة المرأة في المجتمع"، لتسعى الدولة الجزائرية في هذا الإطار منذ استقلالها، إلى القيام بدور فعال على الصعيد الدولي في الحركة العالمية؛ من أجل ترقية مكانة وحقوق المرأة، مع الحرص على الحفاظ على القيم الوطنية الروحية والحضارية.
وثيقة
النص الكامل لرسالة رئيس الجمهورية
بعث رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، برسالة إلى المشاركين في الندوة الدولية لترقية المشاركة السياسية للمرأة، فيما يلي نصها بالكامل:
«بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين،
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
إنه لمن دواعي السعادة أن أتوجه إلى هذا المنتدى الدولي الذي تنظمه بلادي بالمشاركة في هيئة الأمم المتحدة حول موضوع ترقية المشاركة السياسية للمرأة.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
لقد أتيحت لي الفرصة قبل أسبوع ذكرت فيها بإسهاب دور المرأة الجزائرية في مقاومتنا ضد الاستعمار، وفي كفاحنا التحرري، وبعد ذلك في مسار بناء الجزائر المستقلة في جميع المجالات.
بالفعل، لقد كان لحتميات التاريخ أن تقلص في المسار الزمني لاكتساب المرأة الجزائرية حقوقها السياسية والاجتماعية بالمقارنة مع ما عرفته النساء في أقطار وقارات أخرى. فكان على الجزائرية التي عانت وحشية الاحتلال وبشاعة الاستعمار أن تكون طرفا كاملا في ثورة نوفمبر المجيدة، طرفا في النضال السياسي، طرفا في العمل الوقائي والاجتماعي، طرفا كذلك في حمل السلاح وفي التضحية والفداء بالروح من أجل كسر شوكة الاستعمار.
فهذا المسار التاريخي جعل من الجزائر المكافحة من أجل الحقوق والحرية ومن الجزائريات المشاركات في هذه الملحمة التاريخية، أطرافا سعت بعزم وبمثابرة في ترقية مكانة المرأة في المجتمع.
فمنذ استقلالها، سعت الدولة الجزائرية إلى القيام بدور فعّال على الصعيد الدولي في الحركة العالمية من أجل ترقية مكانة وحقوق المرأة، وذلك دائما مع الحرص والحفاظ على قيمنا الروحية والحضارية.
وعلى المستوى الداخلي، حرصت الدولة الجزائرية المستقلة، منذ وهلتها الأولى، على تكريس الحقوق السياسية للمرأة من حقها في التصويت إلى حقها في التمثيل في جميع المجالات، حتى وإن كانت بعض العراقيل الذهنية موجودة في هذا الاتجاه، عراقيل تطلبت اتخاذ إجراءات دستورية وقانونية جعلت من المرأة الجزائرية في العقود الأخيرة طرفا موجودا في صرحنا البرلماني وفي هيئاتنا المنتخبة محليا بمستوى ريادي في عالمنا العربي.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن التشريع الجزائري أسس المساواة في الأجور بين المرأة والرجل منذ السنة الأولى لاستقلالنا.
ولقد كان للمرأة الجزائرية مساهمة فعّالة في مسار البناء والتشييد طيلة عقود من الاستقلال، كما كان للجزائر حرص وسهر دؤوبان في ترقية مكانة المرأة في مجال التنمية بداية من المدرسة، حيث حققنا التدريس الكامل لبنات الجزائر في الابتدائي ووصلنا إلى أغلبية واسعة للعنصر النسوي في فضائنا الجامعي.
وفي عالم الشغل، أوشكت أن تكون المرأة المحتكر في بعض المهن ذات البعد الاجتماعي مثل التدريس والصحة، بل كذلك في مهن سيادية مثل سلك القضاء، وهي اليوم تندمج كل سنة أكثر في صفوف الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الجمهورية.
أما على الصعيد التنموي، فقد أصبحت المرأة طرفا فعّالا في فضاء المؤسسات الاقتصادية وإنشائها، كما صارت طرفا فعالا في مجال التنمية الريفية.
وفي هذا المسار جلّه، بقيت المرأة في الجزائر درعا صلبا كلما نادى الوطن أبناؤه وبناته لحمايته من المخاطر ومواجهة التحديات.
فعندما واجهت الجزائر في عزلة تامة ويلات الإرهاب الهمجي، وقفت المرأة الجزائرية صامدة ومستعدة للتضحية الجسيمة لإنقاذ الدولة واستمرار سيرها مع دفع قوافل من الشهيدات في مختلف الأسلاك المهنية.
وعندما جاءت ساعة الانفراج وتغليب الصلح على الفتنة، كانت الجزائرية، أُمّا وأرملة وأختا، في الصف الأول المقبل على خيار المصالحة الوطنية وتفضيل مصلحة الجزائر على جراحهن وعلى كل ما عانته عائلاتهن.
أيتها السيدات الفضليات،
أيها السادة الأفاضل،
رغم كل هذه الخطوات التي قطعتها الجزائر في مجال ترقية دور المرأة في السياسة والتنمية، تبقى بلادي عازمة على المزيد من التقدم في هذا الميدان، وتلكم هي الرسالة التي حملها التعديل الدستوري الأخير عندما أقر مسؤولية الدولة في ترقية المساواة في مجال الشغل وكذا ترقية مكانة المرأة في تقلد المسؤوليات على جميع الأصعدة.
وإننا واعون لما تبقى من عراقيل وثقل في ذهنيات في بعض الأطياف في مجتمعنا فيما يتعلق بترقية فعلية لمكانة المرأة ومساهمتها في حياتنا الجماعية.
ذلكم كله ما يجعلنا سعداء باحتضان ملتقاكم هذا، ملتقى نأمل أن تشارك الجزائر باقي الأطراف الحاضرة بتجربتها في مجال ترقية دور المرأة في السياسة والتنمية المستدامة، ملتقى نأمل أن تكون ورشاته فرصة للنساء الجزائريات تستفيد فيها من تجارب باقي الشعوب في إطار تنوع الحضارات وفي الحفاظ على هويتنا وقيمنا السمحة، إذ كانت المرأة وستبقى دوما الملجأ والحارس الأمين لها في مختلف الظروف وعبر كل الأزمنة.
مع تجديد ترحابي لكم، أتمنى لكم سيداتي الفضليات، سادتي الأفاضل، النجاح والتوفيق في أشغال ملتقاكم هذا الذي تتشرف الجزائر باحتضانه".(واج)
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)