الجزائر

''المحنة ''



''المحنة ''
يقال بأن مهمة مجلس النواب القادم من انتخابات 10 ماي هي إعداد دستور جديد. أجتهد لأكون متفائلا وأحاول حمل بعض أماني الأمل.
أستجمع ملاحظاتي من واقع وأسجل أفكارا قد تكون ساذجة عند البعض ومغرضة عند آخرين وواقعية عند البعض الآخر.
أجمع ما أقدر على رؤيته وسماعه وعلى استيعابه وأتفادى الانفراد بأفكاري، غارقا إياها في محيط عدم اليقين، قائلا لنفسي أن ذاتي لا تواكب حجم التحول، وبأن الغد سيكون أفضل من اليوم.
أحاول لأكون متفائلا وإيجابيا، وأن أقلب الصفحة ولا أقرأ منها إلا ما هو ايجابي.
أحاول تجاوز عقبة ضرورة الاختيار بين الأقل سوءا، مقنعا نفسي بأن وسط ال25ألف مرشح يوجد على الأقل 462 مرشح يصلحون لتحمل مسؤولية محو أمية القراءة والكتابة ومسؤولية محو أمية اتخاذ المواقف واقتراح البدائل.462 جزائري وجزائرية لهم من الشخصية ما يجعلهم فوق الشبهات، شبهة الطمع وشبهة حب الاغتناء وشبهة الانتقام من الحياة السابقة وشبهة اغتراف السياسة من ''الشكارة'' وشبهة هيمنة ''الشكارة'' على السياسة أو على جزء منها.
أحاول تجاوز كل تلك الأفكار، ميمّنا نفسي بأنه حان وقت ميلاد دستور جمهورية يسود فيها القانون ولا يعلى عليه منصب.
وليس مهما رقمها الجمهورية الأولى أم الثانية؟المهم أن تلحق بنا، المهم أن تقام وتشيد.
أقنع نفسي بأن الجزائر بها أكثر من 462 رجل وامرأة، يحبونها لتاريخها ولجمالها وليسوا ''طمعانين'' في مالها ولا ثروتها وليس لهم سوابق تشريعية ولا تنفيذية وغير متورطين في محن البلد، محن التسيير والتشريع والتحكيم..
أحاول أن أكون متفائلا وأتفاءل فعلا عندما أجد بعض الوجوه ذات الأيادي النظيفة موجودة على رأس قوائم أو ضمنها، لكن سرعان ما يتلاشى كل ذلك بمجرد ما أقرأ أو أستمع إلى ما تقوله ''مومياء'' أحزاب من الحكم والتي لا تستحي أبدا من تكرار ما تقوله منذ سنوات. فرغم الفشل تبدو زاهية وتريد إقناعنا بأنها كانت وراء تحرير البلاد أو وراء التخلص من المديونية الخارجية..
أحاول أن أكون متفائلا وأتفاءل فعلا حين أجد من له صفات تؤهله لأن يلعب دور الفاعل المؤثر ولا يرضى لنفسه دور عارضة الأزياء التي ترتدي ما تؤمر بارتدائه وأن تسير على إيقاع خطوات محسوبة مسبقا. فالمسؤولية كبيرة عند صياغة دستور جديد وهي مهمة لا تناسب الأمية المنتشرة. لم تكن مهمة النائب رفع يده أو رفع عضو آخر، كان منتظرا منه رفع الحجاب عن عقله وعن قلبه ليقول ما يراه مناسبا حسب تقديره.
وتقدّم لنا التجارب ألوان عن أطياف تتلون بطلب وأحزاب تتكور حسب البرمجة ورصيدها التاريخي، إن صح تسميته بالتاريخي ينسف جهد التفاؤل ويلغم المستقبل، لأنهم يمثلون الماضي في صورته السلبية.
ومع ذلك، أحتفظ لنفسي بحق التفاؤل في رؤية عودة العقل والقلب، ليأخذا مكانهما بدل الأصبع والأيدي.
صحيح أن غياب إرادة التغيير، تعد الحاجز الذي يعرقل تطور الجزائر، لكن من الضروري أن تكون هناك بداية من شيء، وبشيء حتى يمكن إقامة جسر يربطنا بالدورة الحضارية ويساعد في رد الاعتبار لأدوات الديمقراطية، منها عملية الانتخاب التي تعرضت على أيدي السلطة وأحزاب الحكم إلى تحريف وتفريغ.
من الصعب اقتراح المقاطعة كأسلوب للتغيير أو لوقف زحف الجفاف، كما يصعب التشجيع على التصويت، لأن الممارسة السابقة تضغط على مساحات التفاؤل وتقتل بقايا الأمل في رؤية الحكم يتخلى عن الاحتيال عندما يرسم جداول المشاركة ويملأ بيانات النتائج، وفي تقديري أن الغياب هذه المرة سيعاقب النظيف.
إنها محنة أن يجد المرء نفسه مضطرا ليشارك في التصويت، وهو مقتنع بأن العملية غير مؤتمنة، وأن تهديدات التزوير تلاحقها أو أنه يهجر الانتخابات وهو يعلم بأن قراره يؤدي إلى استمرار ما هو موجود.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)