الجزائر

المحافظة على الأمانة



المحافظة على الأمانة
لقد عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولًا، و تأدية الأمانة تكون بالقيام بما أوجب الله علينا من عبادته و القيام بحقوق عباده و أن لا نخون الله ورسوله ونخون أماناتنا ونحن نعلم، و أن لا نخون في ذلك بإفراط أو تفريط بزيادة أو نقص فإن الخيانة نقص في الإيمان وسبب للخسران والحرمان، وفي الحديث عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: “لا إيمان لمن لا أمانة له” ، وقال: “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم”، وقال “إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فيقال هذه غدرة فلان” يرفع له هذا اللواء فضيحة له بين الخلائق وخزيًا وعارًا.إن الأمانة في العبادة والمعاملة، فالأمانة في العبادة أن تقوم بطاعة الله تعالى مخلصًا له متبعًا لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمتثل أوامره وتجتنب نواهيه تخشى الله في السر والعلانية تخشاه حيث يراك الناس وحيث لا يرونك، فلا تكن ممن يخشى الله في العلانية ويعصيه في السر فإن هذا هو الرياء ألم تعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ألم تعلم أن الله أنكر على من هذه حاله بقوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 80] {أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: 77] {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: 108]
وأما الأمانة في المعاملة فأن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به من النصح والبيان وأن تكون حافظًا لحقوقهم المالية وغير المالية من كل ما استؤمنت عليه لفظًا أو عرفًا، فتكون الأمانة بين الرجل وزوجته بحيث يجب على كل منهما أن يحفظ الآخر في ماله وسره فلا يحدث أحدًا بذلك، فقد صح عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: “إن من أشر الناس عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه”، وتكون الأمانة بين الرجل وصاحبه يفضي له بحديث سر يعلم أنه لا يحب أن يطلع عليه أحد ثم يفشي سره ويحدث به الناس. وفي الحديث: “إذا حدث الرجل رجلًا بحديث ثم التفت فهو أمانة” ، لأن التفاته دليل على أنه لا يحب أن يسمعه أحد.
وتكون الأمانة في البيع والشراء والإجارة والاستئجار فلا يجوز للبائع أن يخون المشتري بنقص في الكيل أو الوزن أو زيادة الثمن أو كتمان العيب أو تدليس في الصفة ولا يجوز للمشتري أن يخون البائع بنقص في الثمن أو إنكار أو مماطلة مع القدرة على الوفاء. ولا يجوز للمؤجر أن يخون المستأجر بنقص شيء من مواصفات الأجرة أو غير ذلك. ولا يجوز للمستأجر أن يخون المؤجر بنقص الأجرة أو إنكارها أو تصرف يضر المستأجر من دار أو دكان أو آلة أو مركوب.
وتكون الأمانة في الوكالات فيجب على الوكيل أن يتصرف بما هو أحسن ولا يجوز أن يخون موكله فيبيع السلعة الموكل في بيعها بأقل من قيمتها محاباة للمشتري أو يشتري السلعة الموكل في شرائها بأكثر من قيمتها محاباة للبائع. وفي كل من كان واليًا على علم خاص أو عام فهو أمين عليه يجب أن يؤدي الأمانة فيه فالقاضي أمين والأمير أمين ورؤساء الدوائر ومديروها أمناء يجب عليهم أن يتصرفوا فيما يتعلق بولايتهم بالتي هي أحسن وفي ولايتهم وفيما ولوا عليه حسبما يستطيعون، وأولياء اليتامى وناظرو الأوقاف وأوصياء الوصايا كل هؤلاء أمناء يجب عليهم أن يقوموا بالأمانة بالتي هي أحسن.
ألا وإن من الأمانة ما يتصل بالثقافة والإرشاد والتعليم فعلى القائمين على ذلك من مخططي المناهج ومديري الأقسام والمشرفين عليها أن يراعوا الأمانة في ذلك باختيار المناهج الصالحة والمدرسين الصالحين المصلحين وتثقيف الطلبة علميًا وعمليًا دينا ودنيًا عبادة وخلقًا. وإن من الأمانة في ذلك حفظ الاختبار المدرسي من التلاعب والتهاون وحفظه في وضع الأسئلة بحيث تكون في مستوى الطلبة عقليًا وفكريًا وعلميًا لأنها إن كانت فوق مستواهم أضرت بهم وحطمتهم وأضاعت كل عامهم الدراسي وإن كانت الأسئلة دون مستواهم أضرت بمستوى الثقافة العامة في البلاد، وحفظ الاختبار وقت الإجابة على الأسئلة بحيث يكون المراقب فطنًا حازمًا لا يدع فرصة للتلاعب ولا يحابي ابنًا لقريب ولا لصديق لأنهم هنا على درجة واحدة كلهم في ذمة المراقب وعهدته سواء. وحفظ الاختبار وقت تصحيح الأجوبة بحيث يكون التصحيح دقيقًا لا يتجاوز فيه ما يسمح به النظام حتى لا يظلم أحد على حساب الآخر ولا ينزل طالب إلا في المنزلة التي يستحقها.
إننا إذا حافظنا على هذه الأمانة في الاختبار في مواضعه الثلاثة فهو من مصلحة الأمة كلها ومن مصلحة العلم، فهو من مصلحة القائمين على الاختبارات بأداء الواجب عليهم وإبراء ذممهم ومن مصلحة الطلبة حيث يحصلون على مستوى علمي رفيع ولا يكون حظهم من العلم بطاقة يحملونها أو لقبا يستحقون معناه وهو من مصلحة العلم حيث يقوى ويزداد حقيقة ولا يهمنا عند ضبط الاختبار أن يكون الناجحون قليلًا لأن العبرة بالكيفية لا بالكمية وإذا كانوا قليلًا في عام كانوا كثيرًا في العام الذي يليه حيث يعتادون على الجد ويستعدون له.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)