الجزائر

اللاعبون المحليون يكسرون الطابوهات



يدفع الإنجاز الكبير الذي حققه المنتخب الوطني للمحليين في كأس العرب – فيفا 2021 بقطر إلى التساؤل حول ما إذا كان التتويج بالكأس العربية قد عمل على إزاحة الضباب بصفة نهائية عن الجدل والتضارب اللذين كانا واقعين في الأوساط الرياضية الجزائرية، حول مدى فاعلية اللاعبين المحليين، ومدى قدرتهم على اللعب على أعلى مستوى؟ وما الذي يدفعنا إلى التفاؤل بمستقبل زاهر للاعبينا المحليين الذين ينشط بعضهم في البطولة التونسية وغيرها من البطولات العربية بعد بروزهم اللافت للانتباه في الكأس العربية الأخيرة..وما تبع ذلك من اعترافات للكثير من المحللين والفنيين الرياضيين؟ وهل هذا النجاح الباهر الذي تعرفه الكرة الجزائرية عربيا وإفريقيا سيدفع أنديتنا إلى الاهتمام أكثر بالتكوين الذي يعد خلاص الكرة الجزائرية؟. هذه التساؤلات وغيرها تفرض نفسها اليوم، لكون كرة القدم الجزائرية مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتحسين مستواها عبر إعداد لاعبين كبار، قادرين على تشريف اللعبة الأكثر شعبية في بلادنا في كل المنافسات الدولية.
العناصر المحلية تؤكد إمكانياتها ومؤهلاتها
بعض النقاد الرياضيين الذين يتابعون عن قرب مسيرة الفريق الوطني بتشكيلتيه "أ" و"ب" يعتقدون أن الاختلاط في حمل الألوان الوطنية أصبح ممكنا جدا بين اللاعبين المحليين الذين تكوّنوا في الجزائر والمحترفين القادمين من مختلف البطولات الأوروبية، وقد ربطوا رأيهم هذا بتتويج الفريق الوطني "ب" في قطر بالكأس العربية عن جدارة واستحقاق، حيث أن التعداد الذي اختاره المدرب مجيد بوقرة يتشكل في أغلبيته من عناصر تكونت في البطولة الوطنية، على غرار المدافعين بلعمري وشتي وتوغاي وبدران وبن عيادة، ولاعبي وسط الميدان بن دبكة، ودراوي وميريزاق والمهاجمين بلايلي وبونجاح، مع الإشارة إلى أن كل من دراوي وميريزايق ينشطان في البطولة الوطنية..
عناصر محلية تفوز بثقة بلماضي
إلى غاية الفترة التي سبقت تتويج المنتخب الوطني للمحليين، ظل الانتماء الى الفريق الوطني "أ" يقتصر على العناصر التي تنشط خارج الوطن، ما عمل على إدامة الأطروحة القديمة التي تعتبر اللاعب المحلي الذي ينشط في المنافسة الجزائرية غير قادر على تقمّص الألوان الوطنية، بسبب ضعف مستوى هذه الأخيرة، حتى أن الكثير من المتابعين للشأن الكروي في الجزائر، أصبحوا يرفضون تسمية الفريق الوطني "ب" بالفريق الوطني المحلي، "ما دام أن تعداده خالي من العناصر التي تنشط في البطولة الوطنية، باستثناء دراوي وميريزايق، غير أن الحقيقة التي تبعث إلى التفاؤل وتثلج الصدور أكثر، هي أن 90% من اللاعبين الذين يشكلون تعداد الفريق الوطني "ب" هم خريجو البطولة الوطنية الاحترافية، وأكثر من ذلك، فقد نالوا ثقة الناخب الوطني جمال بلماضي الذي استدعى الكثير منهم للمشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2022 التي ستجرى بالكاميرون انطلاقا من التاسع من شهر جانفي القادم، على غرار بن دبكة، توغاي وإلياس شتي، علاوة عل العائد ياسين براهيمي.
ليامين بوغرارة: بوسع المحليين بلوغ المستوى العالي
من جهته، عبر المدرب ليامين بوغرارة، عن إعجابه بالمردود الذي قدمه اللاعبون المحليون الجزائريون في دورة الكأس العربية التي نظمتها قطر مؤخرا، ورجع فيها اللقب إلى المنتخب الوطني، حيث قال، "أعجبت كثيرا بما قدمه لاعبونا من براعة في اللعب خلال كل المباريات التي شاركوا فيها، وأكثر ما يزيد في قيمة لاعبينا المحليين أن هذه المنافسة العربية كان لها مستوى رفيع، لكون أغلب المنتخبات التي شاركت في هذه الكأس حضرت إلى قطر بأحسن لاعبيها، وهذا يؤكد استحقاق المنتخب الجزائري في التتويج باللقب العربي". وأضاف بوغرارة في حديثه ل "المساء"، أن "بروز منتخبنا في الكأس العربية يؤكد بوضوح أن البطولة الجزائرية تملك لاعبين كبار يمكنهم بلوغ المستوى العالي، في حال ما إذا وجدوا الظروف الملائمة لتحسين إمكانياتهم الفنية والبدنية، وأقصد بهذه الظروف الملائمة، الملاعب التي لها مواصفات دولية تسمح للاعب من إيجاد الراحة النفسية التي تسمح له بتطوير امكانياته الفنية والبدنية".
وأكد محدثنا أن الكرة الجزائرية "بحاجة اليوم إلى إحداث ثورة حقيقية في هذا المجال، فضلا عن أنه يتعين الإسراع في تنظيم المنافسة الاحترافية على قواعد صحيحة، بعدما تأخرنا كثيرا في هذا الجانب. ولنا أن نستدل في هذا الإطار بالتطوّر الكبير الحاصل لدى لاعبينا المحليين الذين ينشطون في الخارج، حيث وجدوا ضالتهم بفضل توفر وسائل العمل الاحترافي واستفادتهم من تحفيزات مالية، تجعلهم يهتمون فقط بما يقومون به فوق أرضية الميدان".
وشكر المدرب بوغرارة الناخب الوطني جمال بلماضي على الثقة الكبيرة التي أصبح يضعها في اللاعبين المحليين، من خلال استدعاء العناصر التي شاركت في الكأس العربية وفتح أبواب المشاركة لهم واسعا في نهائيات كأس أمم إفريقيا، حيث قال، "وجود كثير من اللاعبين المحليين في قائمة المنتخب الأول هو تحصيل حاصل، بعدما وجد المدرب جمال بلماضي ما يحتاجه من دعم في العناصر المحلية. المعادلة تغيرت اليوم فيما يتعلق بتعداد المنتخب الوطني الأول، الذي أصبحت تشكيلته خليط حقيقي من اللاعبين المحليين واللاعبين المحترفين الذين ينشطون في البطولات الأوروبية". كما أكد محدثنا أن المستوى الكبير الذي بلغه اللاعبون المحليون لم يأت من العدم، بل تحقق بفضل العمل القاعدي الذي ينجزه المدربون الجزائريون في مختلف الأندية المحلية، ما يؤكد بالنسبة لبوغرارة أن المدرب الجزائري له كفاءة كبيرة في التدريب وفي التكوين، الذي يتعين على كل الاندية تدعيمه بمنحه الأولوية في سياستها الكروية.
المدرب لمين كبير: لا للتقليل من قيمة اللاعبين والمدربين المحليين
قال المدرب لمين كبير في تصريح ل "المساء" إن المنتخب الوطني المحلي أعطى درسا حقيقيا لكل الذين كانوا يشككون في مستوى اللاعب المحلي، معتبرا "تتويج المنتخب الوطني المحلي بلقب الكأس العربية في دورة قطر دحض المواقف التي كانت لا تعترف بمستوى التدريب الذي يمتاز به التقنيون الجزائريون.. بل أدرك الجميع أن اللاعب المحلي قادر على اللعب في أي بطولة عالمية إذا ما وجد الظروف الملائمة للتألق". وأضاف محدثنا، "لم يكن أحد يتصور المستوى الكبير الذي ظهر به بعض لاعبينا المحليين على غرار بن دبكة وشتي وتوغاي و بدران و بن عيادة، فضلا عن أن المنتخب الوطني "ب" لم يكن مرشحا لدى كثير من النقاد الرياضيين للتتويج باللقب العربي، والخيارات التي قام بها المدرب مجيد بوقرة كانت محل انتقاد عند بداية المنافسة.. لكن في النهاية، النتيجة الكبيرة أكدت أن بوقرة كان صائبا في استراتيجية اللعب التي سطرها وفي الثقة الكبيرة التي وضعها في كل اللاعبين المحليين، الذين استدعاهم للموعد العربي".
في سياق متصل، اعتبر لمين كبير تواجد اللاعبين الجزائريين في البطولات العربية والبطولات الأوروبية اعتراف صريح بمستوى الكرة الجزائرية، قائلا في هذا الخصوص، "البطولة الخليجية والبطولة التونسية لم تعد البوابة الوحيدة للاعب المحلي الجزائري، بل أيضا البطولات الاوربية بفضل تواجد لاعبينا المحليين فيها، على غرار زرقان الذي ينشط في البطولة البلجيكية وعمورة في البطولة السويسرية وبوداوي في البطولة الفرنسية، حيث تلقى هؤلاء اللاعبين الثلاثة تكوينهم في الجزائر. وهذا دليل على أن اللاعب الجزائري قادر على تطوير إمكانياته الفنية والبدنية، وفرض نفسه في أي نادي عالمي". وختم المدرب لمين كبير كلامه بالقول "يجب الكف عن انتقاد اللاعب الجزائري والحط من معنوياته، ونفس الشيء بالنسبة للمدرب الجزائري الذي يتعرض إلى شتى الانتقادات بالرغم من أنه كوّن أجيالا من اللاعبين، نالوا الاستحقاق الكامل في الأندية الدولية".
المدرب عز الدين آيت جودي: الكأس العربية فتحت آفاقا جديدة للاعبين المحليين
يرى المدرب عز الدين آيت جودي، أن تتويج الجزائر بالكأس العربية في دورتها الأخيرة بقطر، تعكس التطوّر الملحوظ الذي تشهده الكرة الجزائرية على المستوى المحلي. واعتبر المتحدث في تصريح ل "المساء"، أن دورة الكأس العربية بقطر أكدت بأن الكرة الجزائرية تستعيد شيئا فشيئا مستواها الحقيقي، "بعدما فزنا باللقب العربي بمنتخب متكوّن من عناصر تلقت تكوينها في الجزائر، وفرضت نفسها في البطولتين الخليجية والتونسية. لأن الفرق بين هذه الأخيرة وبطولتنا الوطنية يكمن في امتلاك الأولى لوسائل مادية، و توفرها على منشآت رياضية متطوّرة تفتقر إليها الأندية الجزائرية، ما عدا القليل منها".
وأضاف أيت جودي، "اليوم نحن أمام واقع جديد بعدما منحت فرص البروز مع الفريق الوطني للاعبين محليين تلقوا تكوينهم في الجزائر، وهذه سابقة لا يمكن سوى الاعتزاز بها، فضلا عن أن تواجد هؤلاء اللاعبين مع زملائهم المحترفين في البطولات الأوروبية أصبح يشكل قوة إضافية للمنتخبين "أ" و"ب".. لا يمكن من الآن فصاعدا التقليل من مستوى وقوة اللاعب المحلي، القادر على إيجاد مكانة أساسية في كلا المنتخبين".
كما اعتبر أيت جودي أن الكأس العربية، ستخلق حافزا كبيرا لدى اللاعبين المحليين في بطولتنا الاحترافية، مشيرا إلى أن تلك المنافسة منحت للاعب المحلي نفسا قويا ورفعت من معنوياته بعدما كان ينظر إليه باحتقار، وعلى أنه غير قادر على بلوغ المستوى الدولي بكل المقاييس. وتأسف أيت جودي لكون الأموال الطائلة التي تصرف في البطولة الاحترافية بالجزائر تذهب مهب الريح، ولا تستغل في ميدان التكوين وفي مجال تدعيم المنشآت الكروية، ليخلص في الأخير إلى أنه "لا يمكن من الآن فصاعدا التقليل من قدرة البطولة الوطنية على إنجاب لاعبين كبار ينافسون على المستوى الدولي".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)