الجزائر

… اللئيم تمردا



… اللئيم تمردا
كنت تمنيت لو كتبت اليوم على سلطاني الذي دخل الغزوة و انهزم و في عبد الرزاق مقري الذي تاب و أعطى الحق للمقاطعين بعد أن قام بالحملة للمشاركة. كنت تمنيت أن أتحدث عن الوزير الأول و استطيع أن أتبختر و أقول أني املك بعض الأسرار اللذيذة ا وان أتحدث في عبد العزيز بلخادم الذي تحول إلى نوح عليه السلام و نجا و انجي من الطوفان قوم ستسمعون عنهم قليل مما يضحك و كثير مما يبكي. تمنيت ومع ذلك لن أتحدث هذا الأسبوع في أعدائي الأعزاء رجال و نساء السياسة، فقد آخذني بعض القراء و قيل لي لقد بلغ سيلك زبى السياسة وطفح كيلك. سأتحدث إذن عن صديقي المتنبي، فحتى إن لم يكن نبي الوحي فقد كان فعلا نبي الشعر. من المؤسف أن القانون، كل القوانين في كل البلدان، لا يعاقب كل منتحل صفة. توجد بالفعل ترسانة من القوانين تعاقب بالسجن و مختلف الغرامات المالية كل من ينتحل صفة رجل السلطة العامة مثلا. ندرك كذلك انه في حالة ما إذا كان ارتكاب جريمة انتحال صفة مصحوباً بالاستغلال، أو كان من انتحلت صفته من رجال المخابرات، أو احد العسكريين، أو الأطباء أو القضاة فإن العقوبة تكون أشد و الغرامة المالية أثقل. ولست ادري إن كان القانون الجزائري يسلط نفس العقوبة على من ينتحل مثلا صفة الصحافي. تلاحظون معي أن هذا المثال جزافي بكل المعاني و لا اقصد به تلميحا أو غمزا أو همزا على أولئك الذين ينتحلون صفة الصحافي و ما هم بصحافيين و إن اقسموا بأغلظ الإيمان. لكن، من يدري، قد توجد مادة قانونية هنا أو هناك تعاقب منتحل صفة الصحافي. و مع ذلك، فهذا لا يهم إطلاقا بما أن المشكلة باقية بتمامها. فكما قلنا من المؤسف أن القانون، كل القوانين في كل البلدان، لا تعاقب كل منتحل صفة الطيب، صفة من يخشى الله، صفة الأمين، صفة النزيه، صفة من يستحي. و كم هم كثر أولاد لحرام…يأتونك بعد العاصفة مثل الكلب الجائع المبلل ويتوددون بطريقة يجهلها حتى أنذل كلب عرفته الأرض و ينتحلون صفة الطيب، صفة الأمين، صفة النزيه حتى يحصلوا على ما يريدون ثم تنكشف صورتهم الحقيقة. و سبحان الله، أولاد الحرام هؤلاء يشتركون كلهم في نفس الصفات وهي كثيرة منها النذالة والخسة والحقد والحسد و الطمع و الديوثية و الجهل والضعف و الخبث في أحط صوره و الكذب والسرقة والانتهازية والحيلة و المكر. ويعجبك أن منتحلي الصفة أو الصفات يشتركون كذلك في صفة خبيثة هي التكبر. لكن ليس أي تكبر بل هو تكبر من نوع خاص تكبر الفأر على الفيل وتكبر الذبابة على النسر وتكبر الجاهل على العالم. ثم يتخيل من ينتحل الصفة أنه صار شجاعا. تخيلوا للحظة واحدة نفسية الجبان الذي يتخيل أنه أصبح أرقاز و بطل و شجاع. لديهم كلهم نفس الابتسامة الذليلة الرخيصة الخسيسة…و عندما يأكل و يشبع هؤلاء الأنذال يتمردون. يعرفهم جيدا الشاعر المتنبي و قال لي و لك إن أنت أكرمت اللئيم تمردا.
وكان صاحبنا العقاد يقول في هؤلاء، لاحظوا جيدا هذه العبارة… يقبلون على الحياة بدون مبرر.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)