القيم الإنسانية في النزاعـات الحربية قبسات من مشكاة السّيرة النّبوية

من أين استلهمَ أولئك الجزائريون المسلمون تلك الخِلَّة وهم يعانون الخَلَّة لولا بقية خُلَّة لسيِّد الجِلَّة الذي دفع عنهم كلَّ جَلَّة ونفعهم بكلِّ جُلَّة..نعم هو سيِّد الإنسانية-صلَّى الله عليه وسلَّم-الذي كانت خُصوماته الحربية منظومةً من القيم المتَّصلة؛زماناً ومكاناً، كمًّا وكيفًا، فكانت كلُّها مُفعمةً بالرِّقة والشَّفقة حتى في أَحلك ساعات البأس وأحمى لحظات الوَطيس، فأثمرت تلك النَّفحات النَّبوية الإنسانية مجتمعاً تَسربل بسربال حُقوق الإنسان تَجريدًا وتَجسيدًا وتأصيلاً وتقعيدا وسِيَرًا وسيِرةً، في عالم الغلبة والغاب، فكان ذلك تأسيسا للقانون الدولي قبل أن تعرفه أوربا في العصر الحديث، وقبل أن يَتداعى الطَّبيب السويسرى "هنرى دونان"وأَقرانه بعد فاجعة "سولفارينو".!(3) ومن هنا تجئ هذه الورقة الموسومةُ بـ " القيمُ الإنسانية في النِّزاعات الحَربية -قبساتٌ من مشكَاة السِّيرة النَّبوية-" لـمُحاولة اِستدْرار مواقف السّيرة العطرة في إرساخ مبادئ وقواعد القيم الإنسانية حال النِّزاعات الحربية، وما أفاده منها علماء السِّير، وبالأخصّ محمَّد بن الحسن الشَّيباني والأوزاعي، في بناء أوَّليَّات الفقه الدُّولي الإسلامي.