الجزائر

القذافي لن يعود


 في الوقت الذي أجمع فيه العالم بأسره من عسكريين وساسة وإعلاميين ومختصين وغير مختصين ورأي عام بكل مكوناته، على أن نظام العقيد القذافي أصبح من الماضي، وهذا بمجرد وصول مناوئيه إلى مداخل العاصمة طرابلس، وإن كان نظام القذافي في حقيقة الأمر قد انتهى عند كل صاحب نظرة ثاقبة وبعيدة، منذ لحظة إسقاط الجدارية الإسمنتية المجسدة للكتاب الأخضر بإحدى المدن الليبية بعيد اندلاع الأحداث مباشرة... في هذا الوقت وعلى عكس هذا... أجزم كل من تابع نشرة أخبار اليتيمة الليلة ما قبل الماضية، بأن المعركة بين الطرفين المتصارعين في ليبيا لم تحسم بعد، وهو ما يعني - في نظر معدي هذه النشرة أو الواقفين وراءهم من موجهي السياسة الإعلامية للتلفزيون الجزائري - بأن إمكانية انتصار القذافي على الساعين لإسقاطه أمر ممكن ووارد، وإلا ما معنى أن نسمع مصطلحات مثل أن الغموض يلف أوضاع العاصمة طرابلس والمعارك محتدمة في كل مكان، وهذا في الوقت الذي انهارت فيه كتائب القذافي بشكل كامل نفسيا وعسكريا، وليس مهما هنا إن كان الانهيار راجعا إلى قوة مواجهيهم من الثوار، أو إلى الأمر الذي قيل أن قائد كتيبة الدفاع عن طرابلس قد أصدره بإلقاء السلاح والانسحاب من ميدان المعركة... كل هذا ليس مهما إن كان صحيحا أو غير ذلك، لأن إمكانية انتصار القذافي في هذه المعركة لم يكن واردا لا بهذه النسبة ولا بتلك.
السؤال المطروح أمام هذا الخط الإعلامي الذي يفترض أنه رسمي هو: هل نحن بالفعل أمام سياسة إعلامية لدولة تحكمها سلطة تنتمي لأيامنا - أيام الأنترنت والفايس بوك والتويتر - أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد عجز وسوء تقدير أملاه العجز الحاصل في السياسة الخارجية للجزائر... شخصيا أتمنى أن نكون أمام غياب توجيه مركزي لتحديد القراءة الإعلامية الواجب اعتمادها تجاه ما حصل ويحصل، والنتيجة أن بقي مسؤولو اليتيمة وصحفيوها حائرين تائهين، وما أكثـر الحائرين والتائهين في جزائر هذه الأيام... أما إذا كان العكس هو الصحيح، وهو الحاصل، فإننا أمام أوضاع هي بالفعل خطيرة، لأننا أمام عمى سياسي يهدد مصالح الدولة الجزائرية في الصميم.
ولهؤلاء المصابين بالعمى وللجميع نقول... بأن وزراء خارجية الكثير من دول العالم الفاعلة في الساحة الدولية، أو في أدنى الدرجات مسؤولو العلاقات الخارجية في برلمانات هذه الدول، يترددون على بنغازي هذه الأيام، وآخر وزير خارجية حل ضيفا على المجلس الانتقالي في ليبيا كان وزير خارجية المغرب وقبله بساعات كان هناك التركي داوود أوغلو، فهل يعقل أن تبقى الجزائر البلد الوحيد الغائب عن صناعة مستقبل ليبيا؟... يفترض أن ليبيا أهم لنا من غيرنا... مثلما نحن أهم لليبيا من فرنسا وبريطانيا وأمريكا، فلماذا كل هذا الإصرار على العمى... علينا أن نعي وندرك ونقتنع بأن القذافي لن يعود.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)