الجزائر

''القاضي يخاف الأقوياء''



ثار نقاش شيق بفرنسا في أعقاب القبض على المدير العام لصندوق النقد الدولي في نيويورك. واكتشف المحللون والسياسيون والفلاسفة ونجوم الإعلام أن العدالة والإعلام الأمريكيين حكما على أقوى مرشحي الحزب الاشتراكي الفرنسي للرئاسيات قبل أن تدينه المحكمة، التي أحيل أمامها بتهمة التحرش الجنسي.
أكثـر من ذلك، اعتبر الفرنسيون، المتعاطفون والمتشفون من ستروس كان، أن صورة بلادهم تشوهت. هذه البلاد التي تطوع رئيسها لقيادة حرب تدميرية في ليبيا، وكانت مستعدة لتقديم الدعم العسكري والبوليسي للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قبل أن يطرده الأشقاء التونسيون. وهي الدولة التي اعتبرت قتل أوباما لأسامة بن لادن تنفيذا للعدالة ، وهي التي تعرف أنه كان بمقدور عسكر أوباما أن يقبضوا على الغول الذي صنعوه ليحاكموه ويطبقوا عليه الأحكام التي تنص عليها قوانينهم.
النقاش الحاصل في بلد الحرية والمساواة والأخوة ، بمناسبة حبس ستروس كان، يدور بين أبنائها ونخبها، هل تملك عدالة قوية مثل تلك التي يملكها الأمريكيون، الذين لم تضع عندهم حقوق شغالة في فندق ؟ وبسببها سيق أقوى رجل يتحكم بالمال في العالم. ليس هذا فقط، ولكنه الرجل الذي لا يمكنه أن يشك في دعم اللوبي الصهيوني له. ومع ذلك، وضعت له القيود، وقضى ليالي في الحبس، ووقف أمام قاض ومحلفين، وينتظر محاكمته.
وقال فرنسيون كثيرون، في الجرائد والتلفزيونات، أنه لو حدث في فرنسا ما حدث لشغالة فندق نيويورك يستحيل أن يتجرأ قاض ويطالب بإحضار المدير العام لصندوق النقد الدولي. إن القضاة عندنا لا يملكون الشجاعة التي يملكها القضاة الأمريكيون. إن النظام القضائي عندنا في فرنسا لا يخدم الضعفاء . هكذا قال سياسيون وإعلاميون فرنسيون، رغم أنهم استاءوا للتشويه الذي لحق بصورة بلادهم التي كان ربما سيحكمها الذي يوجد اليوم تحت الرقابة الإلكترونية في نيويورك.
وقال فرنسيون كثيرون إن الذي أصاب المتهم ظلم كبير لأنه مس بكرامة زوجته وأبنائه وبناته ومجموع الفرنسيين. لكن قبل اليوم لم يستح الفرنسيون، بمن فيهم الذين ينتمون للنخب المثقفة، بدولتهم التي تريد أن تبني جدار برلين جديد حول أوروبا لتنقيح من يدخلها من بقية سكان العالم.
ولم ينزعج الفرنسيون من نخبهم السياسية التي اتحدت وراء موقف ساركوزي الذي يقود التدمير والقتل والتيتيم في ليبيا، لكي يتمكن ابن بلده الذي كان يدير تقسيم الأرباح في صندوق النقد الدولي، بسهولة، من نهب ريوع الليبيين، بين أقوياء العالم.
وفي كل الحالات، فإن النقاش الذي يدور في فرنسا هذه الأيام حول العدالة شيق ، لأن كثيرا مما يقوله المحللون والإعلاميون ينطبق على الكثير من الدول التي تشبه منظوماتها القضائية المنظومة الفرنسية التي يخاف فيها القاضي من الأقوياء حتى وإن كانوا من ناشري الفساد ...


lahcenebr@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)