الجزائر

الفوضى الخلاقة‎



عندما نشاهد ما يجري في فلسطين من اغتيالات واعتقالات وتهويد واستيطان بعيدا عن اهتمامات الإعلام العربي المنشغل أو الذي أريد له أن ينشغل بما اصطلح على تسميته ب«الربيع العربي"، يتأكد لنا أن كل ما جرى في الوطن العربي لم يكن بمحض الصدفة وإنما دبر له منذ سنوات حتى ينشغل العرب وقنواتهم الفضائية بالأحداث المأساوية التي عاشتها بلدان عربية باسم التوق إلى الحرية والانعتاق من دكتاتورية أنظمتها.

صحيح أن الأجواء والظروف التي مهدت لهذه الأحداث والتغيرات ساهمت بالدرجة الأولى في اندلاع ما سمي بالثورات العربية لأن شعوب هذه البلدان كانت محرومة من حرية الرأي والتعبير وتعيش تحت الظلم والاحتقار، لكن دعم الأطراف الخارجية وفي مقدمتها العواصم الغربية لم يكن من أجل سواد عيون الشعوب العربية بقدر ما كان تنفيذا لمخطط تغيير الخارطة العربية بالشكل الذي يضعف القدرات العربية وتقسيم أراضيها إلى دويلات أو فيدراليات يتشتت معها الجهد الوطني وتشتعل فيها الفتن والطائفية.
إن الانشغال بما يجري في الوطن العربي مكن إسرائيل من استكمال تنفيذ مخططاتها الاستيطانية وسياسة تهويد المقدسات وتمديد حصارها لغزة التي أصبحت عرضة للغارات اليومية، دون أن يلتفت لها أحد لأن الكل منشغل بمستجدات الوطن العربي؛ فهنا انتخابات وهناك اشتباكات واقتتالات واعتصامات وهلم... لقد أريد لنا أن ننشغل بهذه الأمور وننسى فلسطين أو لا يكون لنا الوقت الكافي للاهتمام بما يجري فيها.
فكل شيء هيئ لنصل إلى ما نحن عليه اليوم من تشتت وضعف واقتتال، فقد قيدت الحريات وكممت الأفواه واستشرى الفساد والظلم لدى بعض الأنظمة بإيعاز ممن يخططون للتغيير في الوطن العربي حتي يوفروا ظروف التمرد والانتفاضة وبالتالي الفوضى التي أسموها بالفوضى الخلاقة لتدفع الشعوب العربية الثمن غاليا ولا تزال في انتظار ما ستكشف عنه الأيام والأشهر من مفاجآت.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)