الجزائر

الفنان ليس زعيمًا!


الفنان ليس زعيمًا!
يختلط الأمر في كثير من الأحيان بين الفني والسياسي، بعد أن بات من الدائم أن نكسر الخط الفاصل بين الفنان والزعيم. وهكذا مثلا صار الاسم الحركي لعادل إمام الزعيم، بكل ما تعنيه الكلمة من زخم وما تلقيه علينا من ظلال. ومن المؤكد أن الفنان يستملح هذه الكلمة من مريديه، وهم على الجانب الآخر يحملونه لاشعوريا تبعاتها. إنها مثل النحلة إذا أردت عسلها فلن تسلم من لسعاتها. والفنانون عادة يريدون فقط العسل.أم كلثوم لم تحصل على لقب زعيمة الغناء العربي. أطلقوه عليها بعد رحيلها حيث كانت هي “سيدة الغناء العربي” أو “كوكب الشرق” أو يكتفي معجبوها، وهم على امتداد عالمنا العربي كله، بلقب “الست”.كانت صفة الزعيم مقترنة فقط بجمال عبد الناصر، ولا يمكن أن يفكر أحد في زمنه في منح الزعامة لأحد آخر.المقصود بالزعامة الفنية “الألفة”؛ من يقف في أول الصف. المشكلة أن الناس ينتظرون من الزعيم الكثير من المواقف التي تتجاوز دائرته الفنية، فهم يترقبون آراءه، وخاصة السياسية والاجتماعية باعتبارها إحدى علامات أحقيته باللقب، وإلا أسقطوا عنه كرسي الزعامة. عادل إمام مثلا لم تقيده تلك الصفة، وحاول أن يدير المؤشر فقط إلى زعامته الفنية بعيدا عن توريطه في قضايا سياسية خاصة بعد ثورة 25 يناير، وكان محسوبا بقوة على زمن مبارك.الناس تنتظر مثلا من المطرب محمد منير موقفا سياسيا، وهو في الحقيقة قدم عددا من الأغنيات التي حملت تحريضا سياسيا، ومواقف وطنية مثل “عللي صوتك بالغنا” التي لحنها كمال الطويل وكانت ضمن أحداث فيلم “المصير”، أو في فيلم “حدوتة مصرية” ليوسف شاهين أيضا عندما غني “يهمني الإنسان اللي مالوش عنوان” تلحين النوبي أحمد منيب، أو “لو بطلنا نحلم نموت” تلحين مصطفى إسماعيل، وغيرها، ولكن ماذا بعد؟ وهل ينبغي أن يشارك مثلا منير في مظاهرات. لم يحدث، لا شاهدناه في ثورتي 25 يناير أو 30 يونيو، لا يعني ذلك بالمناسبة أنه لم يكن مثلا مؤيدا للثورة، ولكن تصدر المشهد والنزول للشارع وتحمل التبعات لو أخفقت الثورة قضية أخرى تحتاج إلى شيء من روح الزعامة لا يحملها منير.عندما تولى “الإخوان” مقاليد الحكم في مصر بعد ثورة يناير، تكونت جبهة من المثقفين والفنانين أطلقت على نفسها “جبهة الدفاع عن حرية الإبداع”، وحاولوا إقناع عادل إمام بالانضمام، ولكنه قال: لا أخشى على الإبداع في زمن “الإخوان”، برغم أن الجميع كان يستشعر أنهم في العادة يضمرون شرا للإبداع، وأن الأفلام التي قدمها عادل أمام تحديدا مستهدفة، وقتها أقيمت دعوى قضائية ضد صناع فيلم “طيور الظلام” تتهمهم بازدراء الأديان. كاتب الفيلم وحيد حامد، ومخرجه شريف عرفة، قررا كنوع من التحدي الإعلان عن تقديم جزء ثان للفيلم، بينما عادل إمام عندما سألوه نفى تماما شروعه في الإقدام على هذا الفعل.صحيح أن القضية انتهت، وبرأت المحكمة ساحة المتهمين تماما من تلك التهمة النكراء، ولكن ظل هناك إحساس بأن عادل لا يشارك في إعلان موقف ضد أي تيار يقف على قمة السلطة.هم في العادة ينتظرون أين تتوجه البوصلة، وهكذا مثلا هاجم أغلبهم مبارك في أعقاب 25 يناير، بينما عندما بدأت بعض الأحكام القضائية تأتي لصالحه رأيناهم يغيرون البوصلة 180 درجة.الزعامة لها ثمن، وإلا يصبحون كما قال عادل إمام في مدرسة المشاغبين “زعماء أونطة”!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)