الجزائر

الفساد ومترشحو الصنف الثالث


ذكر وزير الداخلية، دحو ولد قابلية، ثلاثة أصناف من المترشحين للتشريعيات، يهمنا منها في هذه الوقفة، الصنف الثالث الذي ''يريد المال والامتيازات المادية التي توفرها العضوية في البرلمان''، مثلما قال الوزير، الذي أضاف ''لذلك من المحتمل جدا أن يعاد النظر في نظام التعويضات المتعلقة بعضو البرلمان''.
لا أدري إن كان كلام السيد الوزير جادا، أم أنه يدخل في إطار التصريحات الموجهة للاستهلاك، وأسلوب المسكنات الظرفية الذي كثيرا ما تنتهجه السلطة، بدل مواجهة المشاكل ومعالجتها من جذورها.
يعلم الجميع أن الإشكال ليس في الامتيازات المادية القانونية التي توفرها عضوية البرلمان، ولو أنها قابلة للنقاش. ويعلم السيد الوزير أن التعويضات لا تمثل سوى قطرة في بحر مقارنة بالامتيازات والمنافع غير القانونية التي يجنيها بعض البرلمانيين، وهي الدافع الرئيسي للتهافت والتناحر على الترشح.
يعلم المواطن البسيط والسيد الوزير أيضا، أن المترشحين من الصنف الذي تحدث عنه، لا يبالون بقيمة التعويضات القانونية التي يتلقونها، بل ومستعدون للتنازل عنها، لأن ما يهمهم هو التقرب من مصدر القرار الذي يفسح المجال أمامهم لجني الملايير.
ويعلم المواطن وكل مصالح الدولة أن بعض البرلمانيين، من المستثمرين والمقاولين يستفيدون بفضل عهداتهم وعلاقاتهم مع المسؤولين التنفيذيين من مشاريع بمئات الملايير، وبأسعار مضخمة، وأن البعض الآخر يحصل على سكنات ومحلات بأسمائهم وبأسماء زوجاتهم وأبنائهم في مختلف الولايات، يبيعونها ويكسبون كل مرة مئات الملايين، في حين يمتهن البعض الآخر حرفة التوسط لحل المشاكل المستعصية، ويقبض العمولات بمبالغ لا يعلمها إلا الله. إنه واقع لا يخفى على أحد.
من هنا أعتقد، يا معالي الوزير، أن المهم والعاجل لا يكمن في مراجعة التعويضات الخاصة بعضو البرلمان، بل في مواجهة الفساد الإداري الذي يغذي الفساد السياسي، فعندما يتوقف الوزراء والولاة عن إعطاء منافع غير قانونية للبرلمانيين، سيعزف الصنف الثالث الذي ذكرتموه عن الترشح، وعندما تتوقف عملية شراء ذمم البرلمانيين مقابل الاكتفاء برفع الأيدي، سيعزف الصنف الثالث عن الترشح لا محالة.
لقد بلغنا مرحلة لم تعد فيها المسكنات والحلول الظرفية مجدية، ولا بد من مواجهة الفساد في جذوره، وبذلك فقط يمكن تحييد مترشحي الصنف الثالث.


chaabanezerrouk@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)