الجزائر

العمل الليلي نغص عليهم العيش وحرمهم من النوم



معاناة ثلاث عائلات تقتسم سقف شقة من ثلاث غرف
اتصل بجريدة النصر يطلب نشر معاناتهم مع أزمة سكن حادة ، حشرت ثلاث عائلات داخل شقة واحدة ، يقتسمون سقف ثلاث غرفها الصغيرة منذ عدة سنوات ، إلى حد أنه لم يعد بها مكان شاغر ، مما دفعه وهون عون أمن يقضي ساعات الليل في حراسة شركة " سونلغاز" إلى مغادرة البيت بعد عودته إليه في الصباح ، لأنه لم يتمكن من أخذ قسط من النوم وسط الضوضاء التي تطبع يومياتهم ، وفي لحظة يأس وانهيار قرر أن يرفع سماعة الهاتف ويتصل بنا من أجل أن نتحدث عن المعاناة اليومية للعائلات الكبيرة القاطنة في البيت الواحد . وبعمارة ت3 رقم 39 تتكون من 10 طوابق تقع بحي منتوري بمدينة قسنطينة تقطن هذه العائلة الكبيرة في الطابق الأخير منها ، وجدنا المواطن لمّو عادل محمد بشير في انتظارنا، فاعتذر لنا ونحن نصعد رفقته درجات السلم عن توقف المصعد منذ حوالي سنتين ، لأن الجيران في الطوابق السفلية رفضوا المساهمة في تصليحه بمبلغ يقدر بحوالي 7 مليون سنتيم ، يقسم على 40 مسكنا ، ولم يجدوا حلا يرضي أصحاب الطوابق العليا في حال اقتصار المساهمة عليهم فقط ، لمنع بقية الجيران الرافضين دفع أقساطهم من استعماله.
مراجعة الدروس وسط الضوضاء
وبعد عملية صعود متعبة إلى غاية الطابق العاشر ، كان من استنجد بنا يلتفت خلالها إلينا معتذرا بين كل طابق ، وهو يتحدث عن معاناتهم من أجل حمل القفة وغيرها من الحاجيات الضرورية التي تتطلب جهدا كبيرا من أجل إيصالها إلى البيت ، وجدنا أفراد هذه العائلة الكبيرة في انتظارنا حيث سارعوا إلى البوح بهموم أثقلت صدرهم ، افتقدوا معها طعم النوم والراحة ، وهم يعلقون الأمل كل مرة على قوائم السكن الإجتماعي من أجل إنصافهم ، ارتبطت الإستفادة من شققه في السنوات الأخيرة بقاطني الأحياء القصديرية وعلى المحتالين الذين تسللوا وسطهم ، على أساس أن إقامة كوخ قصديري يعني الترحيل إلى الأحياء السكنية الجديدة ، و هذا النوع من الإحتيال كما قالوا لنا لم يكن بمقدورهم اللجوء إليه لأن أخلاقهم وتربيتهم تمنعهم من أن يفكروا مجرد التفكير فيه ، كما هو حال العديد من العائلات الكبيرة بمدينة قسنطينة التي تعاني من ظروف سكنية مزرية ، فيما يستفيد محتالون قدموا من ولايات أخرى سمعوا ببرامجها الكبيرة لإمتصاص القصدير والبيوت الهشة من مشاريعها السكنية .
الغرف الثلاث ذات المساحة المحدودة جدا اقتسمها الإخوة الذكور بعد زواجهم ، وامتدت الإقامة داخل جدرانها إلى الأبناء الذين يجدون صعوبة كبيرة في مراجعة دروسهم ، خاصة أيام الإمتحانات ، حيث تضم الغرفة الأولى عائلة فيصل أربعة أطفال ، التوأم نجم الدين وآية 12 سنة يدرسان بالتعليم المتوسط ولينا 5 سنوات وأيوب أكمل عامه الأول .والغرفة الثانية تضم عائلة عادل ، لديه طفلان ، أنفال 8 سنوات تدرس في السنة الثانية ابتدائي وعبد الرزاق 5 سنوات يتعلم القران في المسجد . والثالثة تضم عائلة عز الدين، زوجته حامل تنتظر ولادة طفلها الأول، والدخول إلى الغرفة بنصف باب مفتوح، لأن الثلاجة محشورة خلفه، واستهلكت كل المساحة داخلها والتلفزيون المسنود إلى الشرفة أغلق منفذ الهواء بها أيضا.
ممنوع النوم ليل نهار
وما زاد في معاناة هذا البيت هو اشتغال أرباب هذه الأسر الثلاث التي تقتسم سقفا واحدا في أعمال ليلية ، فبالإضافة إلى عون الأمن الذي يقضي ليله في حراسة مبنى شركة "سونلغاز" ، تتطلب مهنة أخويه العاملين بشركة السكة الحديدية القيام بالمناوبات الليلية ، بما يجعلهم بحاجة بعد العودة من أماكن عملهم إلى أخذ نصيبهم من النوم ، لكنهم في الكثير من الحالات يعاودون مغادرة البيت، ويلجأون إلى مكان عملهم مرة أخرى بحثا عن إغفاءة قصيرة تخفف عنهم بعض التعب .
والشقة الصغيرة فشلت في توفير أسباب راحة واستقرار هذه العائلة الكبيرة التي تتحايل كل أسرة منها في التأقلم داخل محيطها الضيق، المحدد بالتحرك داخل غرفة واحدة واقتسام المطبخ الصغير فيما بينها، و الصغير عبد الرزاق صاحب الخمس سنوات أشار لنا بكل براءة إلى موقد " طاطا فريدة" و" طاطا حسينة" ووالدته ، مما أدى بهم إلى الإستغناء عن الكثير من الأثاث والإكتفاء ببعض الفراش البسيط وخزانة صغيرة يجمعون داخلها الملابس و الأواني المنزلية من صحون وكؤوس إلى جانب مواد التنظيف والمؤونة الغذائية ، على أساس أن كل عائلة تتدبر أمورها بصفة مستقلة. وهو الوضع الذي زاد من اختناق المسكن الذي أغلقت نوافذه لاستغلال محيطه من جهة ولمنع سقوط أطفالهم الصغار من علو 10 طوابق.
الجدة التي كانت في زيارة لإحدى بناتها الستة المتزوجات ولديهن أطفال، تحسرت كثيرا على الحالة التي آلت إليها عائلتها ، وحتمت على بناتها عدم المجيء إلى بيت والدهم المتوفي الذي رحل بغصة في الحلق بسبب أزمة السكن ، قالت بأنهن عندما يحضرن ينمن فيها عند عتبة الباب ، وأن غرفة الإستقبال التي تتوسط غرف أبنائها ، ويتكدس فيها أثاث بعضهم ، لا تأخذ فيها راحتها ، وتعجز عن غلق عينيها لتنام ، وهي تفتحهما مع كل باب يفتح في ساعات الليل ، وتخفي هذا الوجع في صدرها لأنهم كما قالت وهي تداري دموعها فلذات كبدها وأحفادها، وكل حلمها وهي الفدائية التي عملت مع لعروسي بدرة وبوفنارة عمار وبوسكيلة وزتيلي حفيزة وعشاش مليكة، واجتازت حواجز التفتيش محملة بقفف الأسلحة والدواء ، أن تلفت السلطات المحلية إليهم ، وتدرس لجنة السكن الإجتماعي التي زارتهم عدة مرات ملفاتهم المودعة لديهم منذ عدة سنوات، لإنصاف ثلاث عائلات تعيش الجحيم بسبب ضيق مسكن يفتقدون فيه للسكينة والراحة .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)