الجزائر

العرض العراقي يثير الجدل ويقسم صف المسرحيين



العرض العراقي يثير الجدل ويقسم صف المسرحيين
أثار العرض العراقي "يا رب"، في ثالث أيام المنافسة الكثير من الجدل، وقسم صف المسرحيين العرب بين مؤيد ومرافع لحرية المسرح في الخوض فنيا في المجازر التي ترتكب باسم الدين وحرية الإنسان في مناجاة خالقه، وبين معارض ومستاء من تجرؤ فريق العمل على تجسيد النبي موسى ومساءلة الله عن حجم المأساة التي يعيشها العراق منذ عقود.استفز المخرج العراقي، مصطفى الركابي، جمهور المهرجان، وتعمد اللعب على أعصابه واختبار قدرة تحمله في سياق تهيئته نفسيا وتشتيت تركيزه دقائق قبل العرض. حيث أوهم الجميع بأن العرض سيبدأ في ردهة المسرح ومنع الجمهور من دخول القاعة لفترة زمنية بلغ خلالها التوتر أشده وتدفق الأدرينالين بقوة.وبعد هذه العملية التحضيرية لنفسيات المتلقي، فتحت الأبواب وتدافع الجمهور إلى مسرح بارد وإيقاع بطيء وحوار هادئ.. كانت مواجهة جديدة مع نوع جديد من المسرح ومستوى أعلى في جرأة الطرح.اختلفت ردود فعل الجمهور بعد ظهور "النبي موسى" على الركح وجلوسه إلى الأم الموجوعة والمفجوعة في فلذات كبدها. فغادر بعضهم بسرعة قبل أن يعودوا وكلهم فضول لمعرفة الهدف من العرض.أبدع المخرج فنيا وحلّق بالعرض عاليا من خلال تحكمه في الأدوات وفي مضمون الرؤية السيكولوجية التي قدمها من خلال تجسيد رمزي للشخصيات التي قدمت حوارات الكاتب علي عبد النبي الزيدي، الذي خاطب في كتاباته المقدسات الروحية للإنسان بشكل عام والإنسان العراقي بشكل خاص. وكان الزيدي قد صرح في ندوة صحفية عشية العرض ضمن المسابقة الرسمية بأنه يعمل على تجاوز "الطابوهات" والمقدسات لأن المسرح العراقي لطالما كان مسرحا سياسيا بامتياز حتى في عهد صدام حسين.يرى الناقد المسرحي، عبد الناصر خلاف، أن ما قام به المخرج هو إسقاط حالة النبي موسى على الأم العراقية التي فقدت ابنها وترغب في استعادته من الموت. فالحدث يدور داخل عيادة نفسية وما جسد هواجس هذه المرأة التي استحضرته نصيا من خلال الحوار كصوت للكاتب، والممثلون نقلوا الحوار ولم يجسدوا الشخصيات. ومن مبادئ المسرح السيكولوجي هو السخرية والمفارقة، حيث يسير في اتجاه داخلي ثم ينفجر الوضع لأن الشخصيات غير سوية بسبب حجم المأساة. الخطاب كان متعاليا لأن الأم كانت تدعو الله ليعود أبناؤها وتنتهي الحرب.وأضاف "الجرأة الزائدة للعرض في اعتقادي بسبب اندفاع عاطفة الكاتب عبد النبي الزيدي والمخرج مصطفى الركابي بسبب ما يحدث الآن من ذبح وتقتيل وتشريد في العراق الجريح".ومن جهته، رفض الصحفي الناقد التونسي لطفي العربي السنوسي، تحميل العرض العراقي ما لا يحتمله وما لا طاقة له به "لم يكن موسى نبيا على المسرح العراقي ولم تكن الذات الإلهية مدعوة إلى العرض، لقد كانت الاستعارة واضحة تنزع نزوع المتصوفة في علاقتهم المباشرة بالله وهي قريبة من مناجاة الشعراء القدامى".اعتمد العرض على الفيديو كفضاء افتراضي ومجموعة هوامش قسمها في الزمن الذي يراه فطالت مدة الدقيقة واقعيا لتحاكي وتواكب فواجع الأم العراقية في أبنائها من دون السقوط في فخ البكائية والنحيب وإعادة إنتاج المأساة على الركح.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)