الجزائر

العرب اللندنية :ضغوط شعبية في الجزائر لإقرار قانون "تجريم الاستعمار"



أطلق النائب البرلماني في الجزائر كمال بلعربي حملة شعبية لدعم قانون يستهدف "تجريم الاستعمار"، من أجل تكثيف الضغط على السلطة بغية الإذعان لمشروع القانون الذي يُنتظر عرضه على المناقشة في البرلمان منذ عام، وذلك تزامنا مع تسلم الرئيس الفرنسي لتقرير حول "حرب الجزائر" وتأكيده أنه لن يعتذر عن "جرائم الاستعمار" في الجزائر.ووجه بلعربي تهما ثقيلة لرئيس الغرفة سليمان شنين، والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبوالفضل بعجي، ومستشار رئاسة الجمهورية المكلف بملف الذاكرة عبدالمجيد شيخي، تتعلق بالوقوف وراء عرقلة مشروع قانون تجريم الاستعمار.
وفي خطوة لتكثيف الضغط على السلطة، وإخراج المشروع من قنواته العادية، أعلن النائب المنتمي سابقا إلى حزب جبهة التحرير الوطني، عن إطلاق حملة شعبية لدعم القانون، بالموازاة مع الجدل المُثار حول ملف الذاكرة بعد المشروع الذي قدمه المؤرخ بنجامين ستورا إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في إطار "لجنة الذاكرة" المشكلة بين البلدين بإيعاز من الرئيسين الجزائري عبدالمجيد تبون وماكرون.
وفيما أثار تقرير ستورا غضبا شعبيا في الجزائر، ووصف ب"المساواة بين الضحية والجلاد"، في تقرير تسوية ملف الذاكرة المتصلة بالحقبة الاستعمارية (1830 – 1962)، لا يزال الصمت يخيم على الموقف الرسمي الجزائري.
ويبدو أن تخلف مستشار الرئاسة الجزائرية عبدالمجيد شيخي عن الموعد الذي ضبطته معه الوكالة الفرنسية الرسمية، لتقديم ردود فعل بلاده تجاه محتوى تقرير ستورا، يترجم عدم رضى جزائري عن المضمون، خاصة وأن جهات رسمية أوعزت إليه بالاعتذار، بحسب ما علمته "العرب" من مصدر مطلع.
ولم يتوان النائب كمال بلعربي عن اتهام الرجل الأول في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم أبوالفضل بعجي ب"تهديده شخصيا"، إن لم يتراجع عن الحملة التي يشنها منذ نحو عام من أجل سن قانون يجرم الاستعمار.
ولا يزال مشروع قانون تجريم الاستعمار، الذي بادر به عدد من نواب الغرفة الأولى، حبيس أدراج مكتب رئيس المجلس الشعبي الوطني سليمان شنين، منذ عام، وهو ما يلمّح إلى وجود إرادة قوية داخل السلطة لا تريد التصعيد مع الفرنسيين، أو تعبر عن ولاء خفي للأيديولوجيا الاستعمارية.
وذكر بلعربي، في اتصال مع "العرب"، أن "إطلاق الحملة الشعبية لدعم القانون، هو إضفاء للشرعية وضغط أفقي، من أجل أن تدرك رئاسة البرلمان ومن يدعمها أن المشروع ليس نزوة نائب أو مجموعة من النواب، بل هو تعبير عن إرادة شعبية تريد ترتيبا جديا للأوراق مع الفرنسيين".
وأكد على أن ما ورد في تقرير ستورا يثبت أنه لا نوايا حسنة لدى فرنسا لتسوية ملف الذاكرة بين الشعبين والبلدين، وأن المسألة تنطوي على "تلاعب مفضوح" يطفو على السطح أثناء الاستحقاقات الانتخابية من أجل استمالة الناخب المهاجر.
ولفت إلى أن مشروع القانون الذي بادر به منذ عام ولا يزال حبيس أدراج مكتب رئاسة البرلمان، هو رد فعل طبيعي على قانون تمجيد دور الجيش الفرنسي خارج حدوده الصادر عام 2005 عن الجمعية الفرنسية، وبعده تمجيد دور "الحركى" في بناء فرنسا، وهم الفئة غير الفرنسية التي تعاونت أو حاربت إلى جانب الجيش الفرنسي ضد بلدها وشعبها، وأن أي تسوية تاريخية لن تمر على حساب تضحيات الجزائريين.
وعبر المتحدث عن استغرابه من تصريح المستشار الرئاسي، حول ما أسماه ب"عدم حاجة الجزائر إلى قانون لتجريم الاستعمار، ما دام الجزائريون قد جرموه منذ عقود"، محذرا من أي "تسوية تقدم تنازلات على حساب نضالات وتضحيات الجزائريين، أو ترفع الحرج عن الفرنسيين في دورهم الغاشم".
وسبق للمشروع أن تعطل في العديد من المرات داخل أسوار البرلمان، بضغط من السلطات الرسمية خلال حقبة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، حيث تم وأده وعدم طرحه تماما للمناقشة، وهو ما يتكرر الآن، مع فارق في تحمّس لافت من قبل الواقفين وراءه، الأمر الذي يحرج موقف السلطة الباحثة عن براغماتية جديدة مع النظام الفرنسي.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)