الجزائر

الصناعة الجزائرية.. خطوات واثقة وإنجازات كبرى



قدرة عالية على تجاوز الأزمات والتكيّف مع المتغيراتالأمن الغذائي أولوية.. والاستثمار قاطرة النّجاح
عقود نجاعة لتقييم الأداء..نهاية التقاعس
تسابق وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني الزمن، من أجل تحقيق أهدافها المسطّرة وكسب رهان الإقلاع الاقتصادي، وبلوغ أعلى نسبة مساهمة في الناتج المحلّي الخام.. وكان عام 2023 مميّزا بأداء جيّد لقطاع الصناعة، بفضل وتيرة سريعة مكّنت من إعادة بعث مؤسّسات اقتصادية. وعقد شراكات مثمرة ومخطّطات تطوير تتماشى ورهانات التحوّل في تاريخ الاقتصاد الوطني. تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبّون.
أوضح المدير العام للقطاع العمومي التجاري بوزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني، كريم بوجميعة، في لقاء خصّ به "الشعب"، أنّ القطاع عرف عدّة تطوّرات، حيث تحوّلت شركات تسيير مساهمات الدولة إلى مجمّعات صناعية عمومية متخصّصة في جميع الشعب الصناعية، من صناعات ميكانيكية وتحويلية وغذائية وتعدينية، استجابة لمتغيّرات المناخ الاقتصادي السائد على المستويين الداخلي والخارجي، ممّا يستوجب تحسين أداء القطاع العمومي التجاري وإعادة تأهيل المؤسّسات العمومية الاقتصادية بمضاعفة قدرتها الإنتاجية والتنافسية من أجل تعزيز تواجدها بالسوق الوطنية والدولية.
تجاوز الأزمات...
ولعلّ أهم ما يميّز الصيغة الجديدة للمجمّعات الصناعية العمومية - يقول كريم بوجميعة - هو القدرة المالية الكفيلة بتحقيق الأهداف والمهام الموكلة إليها، إضافة إلى القيمة المضافة المحصّلة من تكتل المؤسّسات العمومية الاقتصاد ذات النشاط الاقتصادي المشترك والتعاضد فيما بينها، ما يمنحها قوّة اقتصادية وتجارية تمكّنها من دخول الأسواق الإقليمية والدولية. ولا يمكن الحديث عن الإنجازات التي حقّقها قطاع الصناعة، دون التطرّق إلى الأزمات التي عصفت بأداء الاقتصاد الوطني بصفة عامة، فحسب المتحدّث، فإنّ جائحة كورونا كانت امتحانا صعبا للمؤسّسات الاقتصادية ومنعرجا صعبا، تمكّنت الدولة الجزائرية من تجاوزه بجدارة تحسب لها، خاصّة وأنّها خلال أزيد من سنتين من الانغلاق الاقتصادي وتوقف شبه كلّي للإنتاج، تمكّنت من البقاء وفية لطابعها الاجتماعي والمحافظة على مكتسبات العمال أهمها الرواتب التي بقيت تدفع بانتظام للعمال، ولقد أحدثت "كورونا" شرخا ماليا أثّر سلبا على الأمان المالي للمؤسّسات الاقتصادية العمومية التي كانت مطالبة بضبط السوق المحلية، خاصة ما تعلّق بالحاجيات من المواد الغذائية. وبهذا الخصوص فتح المتحدّث قوسا للإشادة بأداء المجمع العمومي للصناعات الغذائية "أغروديف" الذي لم يدّخر أيّ جهد من أجل توفير الاحتياجات الغذائية للمواطن الجزائري في أوج الأزمة الصحية، دون التغاضي عن المجهود المبذول من طرف باقي المؤسّسات الاقتصادية عمومية وخاصة ومؤسّسات ناشئة، عملت بروح وطنية على توفير الاحتياجات الطبية من المواد الصيدلانية وشبه الصيدلانية، وأكسجين وكمامات.
نحو تحقيق الاكتفاء المحلّي..
مباشرة بعد انتهاء الأزمة الصحية - تابع المدير المركزي - توجّهت وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني إلى إعادة بعث النشاط الاقتصادي على مستوى ما يتجاوز 51 مؤسّسة اقتصادية متعثّرة، عن طريق جملة من الإجراءات أهمّها التعاضد بين المجمعات والشراكات ما بين المجمّعات، ليتم اليوم إعادة تأهيل وبعث أكثر من 20 مؤسسة، على غرار مؤسّسة "جيم أغرو" بجيجل المتخصّصة في صناعة المصبّرات والعصائر، وهي تعتبر نموذجا واعدا لاتفاقية شراكة تم إبرامها، شهر نوفمبر الفارط، بين مجمعي "مدار" و«أغروديف"، وتصنع حاليا كميات معتبرة من زيت الزيتون والمصبّرات. إلى جانب مصنع العجائن بدون غلوتين بزفيزف، المتخصّص سابقا في صناعة الخمائر الطرية، التابع لمجمع أغروديف مستعينا بشراكة أجنبية في الشقّ المتعلّق بالتكنولوجيا الصناعية.
ويجري العمل حاليا – يواصل محدّثنا - على إعادة بعث 30 مؤسّسة متعثرة أخرى، تواجه صعوبات مالية مثل الحصول على القروض المالية وصبّ أجور العمال، حيث يتم التكفّل بملفات هذه الأخيرة من طرف لجنة متعدّدة القطاعات تترأسها وزارة المالية وتحت الإشراف المباشر لمجلس مساهمات الدولة الذي سيفصل في مخطّطات تطويرها من أجل إعطائها نفسا جديدا، وفق مقاربة اقتصادية جديدة تقوم على الأداء المتميّز المحقّق للأهداف التي تحدّدها عقود نجاعة تربط بين المؤسّسة الاقتصادية ومسيّريها، وفي هذا الصدد كان وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، على عون، قد أسدى تعليمات صارمة بضرورة تعميم عقود النجاعة على مستوى جميع المجمّعات الاقتصادية العمومية والمؤسّسات تحت الوصاية وإخضاعها للتقييم من طرف مجالس الإدارة والجمعيات العامة.
مجالس الإدارة.. قوّة اقتراح وأجهزة رقابة
وعلى ذكر مجالس الإدارة، أكّد كريم بوجميعة أنّ تركيبة وأداء هذه المجالس تخضع لمتابعة منتظمة من طرف الوزارة الوصية التي تتلقى بانتظام محاضر مجالس الإدارة للمؤسّسات الاقتصادية التي يتوجّب عليها الانتقال من التسيير الإداري إلى التفكير الاستثماري القائم على النجاعة الاستثمارية. حيث قامت وزارة الصناعة والإنتاج الصيدلاني بإعادة النظر في تركيبة هذه المجالس وتشبيبها من خلال ضخّ خيرة الإطارات والكفاءات الشابة، القادرة على تقديم الإضافة وإحداث طفرة التغيير.
وفي سياق الحديث، استدلّ بوجميعة بنشاط مجمع "جيكا" لإنتاج الاسمنت وحديد الخرسانة الذي حاز على جائزة" أحسن مصدر"، وهي الجائزة التي أقرّها رئيس الجمهورية تحفيزا وتشجيعا للمتعاملين الاقتصاديين من القطاعين، كأروع صورة للتحدي وكسب الرهان، تمكّنت من تغيير موقع الجزائر بين طرفي المعادلة الاقتصادية، في ظرف قياسي لا يتجاوز الأربع سنوات، فمن مستورد أنهكت خزينته فاتورة العملة الصعبة إلى أهم مصدّر لها. حيث يقوم مجمع "جيكا" بتصدير مادة الكلينكا كمنتج نصف نهائي بقيمة اقتصادية تقدر ب2 مليون دولار سنويا، مرشّحة للارتفاع بعد شروع المجمّع في تصدير الاسمنت كمنتج نهائي، والانتهاء من أشغال التهيئة والتوسعة على مستوى الموانئ، خاصّة فيما يتعلّق بإمكانية استقبالها للبواخر الكبرى الحاملة لمادتي الحديد والاسمنت. إلى جانب تصدير حديد الخرسانة بعد تحقيق الاكتفاء المحلّي من هذه المادة، حيث تقوم الشركة الجزائرية القطرية للحديد والصلب بتصدير حديد الخرسانة إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية، أين نتوقّع تصدير 5 مليون طن من الحديد سنويا، بعد دخول غارا جبيلات حيّز الاستغلال الأقصى لإمكاناته.
إنتاج السكر والزيت..تعليمات صارمة
ويحصي القطاع العمومي التجاري ضمن حافظته، يضيف بوجميعة، مصنع "كتامة" للزيوت الخام بجيجل التابع لمجمع "أغروديف" الذي سيدخل حيّز الإنتاج الفعلي في غضون شهر أفريل من السنة المقبلة، حسب تعليمات وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، بنسبة عمالة تقدر ب5000 منصب شغل. كما أعاد مجمّع أغروديف بعث "مصنع المحروسة " بميناء الجزائر، لإنتاج زيت المائدة من علامة "صافية". ومصنع "تفاديس" لتكرير السكر بالأربعطاش الذي سيدخل هو الآخر حيّز الإنتاج خلال الثلاثي الأول لسنة، 2024، محقّقا إنتاجا يبلغ 600 طن في اليوم، من السكر الأبيض والبني والسائل، من أجل سدّ حاجيات السوق الوطنية من هذه المادة الأساسية ذات الاستهلاك الواسع. إضافة إلى القمح، حيث تحصّل مجمّع "اغروديف" بالتنسيق مع وزارتي التجارة والفلاحة على كميات إضافية من القمح كمادة أولية لصناعة العجائن والسميد الذي يزداد عليه الطلب أواخر السنة.
ويمتلك مجمع "أغروديف" 13 مطحنة من أصل 150 مطحنة خاصة وعمومية منتشرة على المستوى الوطني، كما يقوم هذا الأخير إلى جانب دوره الاقتصادي، بدور جواري من خلال 460 نقطة بيع تعمل على ضمان توزيع منتجاته إلى أبعد نقطة بالتراب الوطني بأقصى الجنوب بالتنسيق مع المجمع العمومي للنقل "لوجيترانس".
نقل التكنولوجيا ورفع نسب الإدماج
وفيما يخصّ التوجّه نحو الشراكات المثمرة واستقطاب الشركاء الأجانب، ارتأى بوجميعة تقديم توضيح فيما يخصّ هذه النقطة، حيث أفاد أنّ الأمر يتعلّق بنوعين من الشراكة، شراكة محلية وأخرى أجنبية، على شكل شركات ذات رأس مال مختلط كان السبيل إلى تحقيقهما تحضير أرضية ملائمة للاستثمار، قادرة على طمأنة مخاوف الشركاء، لا سيّما الأجانب، خاصّة ما تعلّق بالقوانين التنظيمية المؤطّرة للاستثمار بالجزائر، أين وجد المستثمر ضالته التشريعية ضمن قانون الاستثمار الجديد 18/22 وقانون العقار 17/23 اللذين أعطيا دفعا جديدا لمناخ الاستثمار ببلادنا ورفعا القيود المتعلّقة بالقاعدة 51/49 التي تم إسقاطها عن المشاريع المتعلّقة بقطاع الصناعة، وإبقائها سارية المفعول حصريا بالقطاعات الحسّاسة، ممّا أدّى إلى انتعاش الاستثمارات وارتفاع لمنحنى المشاريع المسجّلة على مستوى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار. حيث سجّل قطاع الصناعة والإنتاج الصيدلاني العديد من المشاريع قيد التفاوض مع شركاء أجانب وكذا مع متعاملين اقتصاديين محليين، سيتم الإفراج عنها في الثلاثي الأول من عام 2024.
بالمقابل، تم تجسيد مشروع شراكة في قطاع الطاقات المتجدّدة، بسيدي بلعباس، بين المتعامل الجزائري "إيني" للمحوّلات الكهربائية والألواح الكهروضوئية والشريك الايطالي "ايكوفايمر"، الذي سيساهم في دعم مجهودات الدولة الجزائرية في مجال تطوير استعمالات الطاقات المتجدّدة، بعد حصوله على موافقة مجلس مساهمات الدولة، الذي فسح المجال أمام المؤسّسات العمومية الاقتصادية، لإبرام شراكات مثمرة محلية وأجنبية، قصد تحقيق أفضل مردودية، خاصّة ما تعلّق بنسبة الإدماج والتحوّل التكنولوجي ونقل المعرفة وتكوين مورد بشري عالي الكفاءة، وهو الهدف من السعي وراء إبرام أكبر عدد من الشراكات المتمثل في دعم المؤسّسات الاقتصادية الجزائرية، وتمكينها من تسويق منتجاتها بالأسواق العالمية بعد تلبيتها لحاجيات السوق المحلية. إضافة إلى مشاريع قيد التحضير في مجال الصناعات الكيميائية، ومشاريع صناعات غذائية تحديدا مشروع لصناعة الخميرة، التي تستورد بأموال طائلة من العملة الصعبة، ستقوم بإنجازها المجمّعات العمومية. كما تمكّن مجمعا "مدار" و«أغروديف "من الحصول على عقود امتياز من طرف الديوان الوطني للزراعات الصحراوية، لاستثمار الآلاف من الهكتارات لتطوير الزراعات الإستراتيجية باعتبارها مواد أولية لصناعة الزيوت والسكر انطلاقا من الشمندر السكري والبذور الزيتية.
وفي مجال الحديد والصلب، يقول كريم بوجميعة، سطّرت وزارة الصناعة مشاريع استثمارية، منها مصنع الحديد والصلب المزمع إنجازه ببشار، كداعم لمصنع "جيكا" بالساورة ممّا سيساهم في تحقيق عدالة تنموية اقتصادية واجتماعية بين الشمال والجنوب واستحقاق الريادة العالمية في مجال إنتاج وتصدير الحديد ببلادنا. تدابير وإجراءات تمكّن قطاع الصناعة اليوم من خلالها من عقد حوالي 40 اتفاقية شراكة أجنبية موزّعة على القارات الخمس، بما فيها ايطاليا، فرنسا، اسبانيا، ألمانيا، البرتغال، البرازيل، تركيا، كوريا والولايات المتحدة الأمريكية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)