الجزائر

الصحراويون يعجّلون بتقرير المصير



الصحراويون يعجّلون بتقرير المصير
رغم خيبات الأمل الكبيرة والكثيرة التي ظلت تلاحقهم منذ احتلال المغرب لأرضهم قبل نحو أربعة عقود، ورغم المرارة التي تملأ قلوبهم وهم يصطدمون في كل مرة بشرعية تدير لهم ظهرها، وتأبى أن تصفهم، فإن الصحراويين مازالوا متشبتين بالنضال في تقرير مصيرهم ومتمسكين باستعادة حريتهم وأرضهم المسلوبة مهما كان الثمن ومهما طال الزمن.وهاهم اليوم وبعد الإنجازات الهامة التي حققتها القضية الصحراوية في السنة المودّعة وفي مقدمتها التعبئة الدولية التي شددت الخناق على الاحتلال وكشفت جرائمه وانتهاكاته لحقوق الإنسان، يستعدون لاستقبال المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة «كريستوفر روس» أملا في دفع جهود التسوية المتعثرة، وإقرار جولة مفاوضات جديدة بين البوليزاريو والمغربوتقييم مدى التزام الاحتلال باحترام حقوق الإنسان في الإقليم المحتل.ومعلوم أن مسألة انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية أثارت، خلال السنة الفارطة، تعبئة دولية كبيرة، فحتى الدول التي يعتبرها المغرب مساندة له ولطرحه القاضي بفرض خيار الحكم الذاتي لمغربة الإقليم المحتل، انتقدت بشدة سلطات الاحتلال على الانتهاكات والتجاوزات الفظيعة ضد الصحراويين.ونددت كتابة الدولة الأمريكية خلال العام المنصرم مرتين في تقارير جديدة، بالتجاوزات المرتكبة في حق الصحراويين وسجلت استنكارها الشديد لأعمال العنف الجسدي التي تطالهم ومنها تعذيب المعتقلين واللجوء إلى الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري ولاعقاب القوات المغربية وكذا المحاكمات الصورية والأحكام الجائرة ضد المناضلين من أجل تحرير الأراضي الصحراوية وإقامة الدولة المنشودة.انتهاكات الاحتلال أصبحت مكشوفةلم يمر العام الماضي بردا وسلاما على الاحتلال المغربي، بل لقد حاصرته الإدانات والاتهامات من كل جهة، حتى بات الجميع يطالب ويصرّ على إدراج آلية لمراقبة حقوق الإنسان ضمن بعثة منظمة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو).فبعد أن أكد المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب «خوان مانديز» التهم الموجهة للمغرب حول التعذيب والاعتداءات الجنسية والتهديد باغتصاب الضحايا أو أعضاء من عائلاتهم، تحرك الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ليطلب من مجلس الأمن وضع آلية حيادية ومستقلة للمتابعة الكلية والدائمة لوضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.وأيّدته في مطلبه عديد المنظمات غير الحكومية، على غرار منظمة العفو الدولية «وهيومن رايت واتش» والمنظمة الأمريكية «أر.أف كندي سنتر»، التي نددت هي الأخرى بالتجاوزات المغربية ودعت إلى ضرورة مطابقة «المينورسو» مع البعثات الأممية الأخرى التي تعتبر مسألة حقوق الإنسان جزءاً منها.وقد كان للمبادرة التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في أفريل الماضي، من خلال تقديمها لمشروع لائحة إلى مجلس الأمن تتضمن إقرار آلية لمراقبة حقوق الإنسان ضمن «المينورسو»، وقعها الشديد على الاحتلال الذي أصبح يتخبط كالذبيح، وأحرزت القضية الصحراوية انتصارا كبيرا، حتى وإن تم إجهاض المسعى الأمريكي، لأن واشنطن عادت مرة أخرى لتشدد الخناق على العرش المغربي، حيث اغتنمت فرصة زيارة الملك محمد السادس إليها، في نوفمبر الماضي، لتضع أمامه النقاط على الحروف. وبكل وضوح، أكد الرئيس الأمريكي «باراك أوباما»، على ضرورة حماية وتحسين الظروف المعيشية للشعب الصحراوي، ثم وهو الأهم أعلن له بأن أمريكا تقف على مسافة متقاربة بين طرفي النزاع في الصحراء الغربية وتدعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي ومستديم يقبله المغرب والبوليزاريو. أي أنه لم يزكِّ ما يُعرف بخيار «الحكم الذاتي» دون الخيارات الأخرى، كما توهم الاحتلال.لا يمكن في واقع الأمر، الاستهانة بما حققته القضية الصحراوية من انتصارات في السنة الماضية، لكن الآمال معلقة على جولة «روس»، واجتماع مجلس الأمن في أفريل القادم، لفرض الحل العادل الذي طال انتظاره.ويأمل الصحراويون أن لا تبقى جهود التسوية الأممية تدور في حلقة مفرغة وتقتل القضية بالتقادم، لأن أمامهم طريق آخر مستعدون لسلكه حتى يستعيدون أرضهم المغتصبة، وقد أعذر من أنذر.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)