الجزائر

الشيخ يوسف مشرية يؤكد ل السياسي :



خاض المفتش المركزي بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف يوسف مشرية في الجدل الحاصل بالجزائر بعد فتوى تحريم الهجرة غير الشرعية ،و قال في حوار مع السياسي إن موضوع ( الحرقة ) لا يحتاج لفتوى دينية نمطية تحلل او تحرم، لأنه ظاهرة اجتماعية معلومة اسبابها وتداعياتها ، و أضاف جل الشباب الذي ركب الصعاب هو شباب فقد الأمل في الحياة والعيش في بلاده وعاش على وتر ثقافة اليأس . و تطرق الداعية الإسلامي و الباحث الاكاديمي والأمين العام السابق والمؤسس لرابطة علماء الساحل بإفريقيا بالتحليل إلى مستجدات الوضع في منطقة الساحل و الشرق الأوسط ،مبرزا ان أطراف اجنبية تحاول عرقلة مسار الجزائر للسلام في مالي،كما عدد محدثنا أسباب و تداعيات ظهور الطوائف و النحل الدينية الجديدة في الجزائر.
ما تعليقكم على الفتنة التي اثيرت مؤخرا في قطاع الشؤون الدينية بعد افتاء المجلس الاسلامي الاعلى بتحريم الحرقة ؟
بِسْم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه وبعد: فابتداء أشكر لطاقم منبر جريدة المشوار السياسي الجزائرية على اتاحة هذه الفرصة الطيبة للتفاعل مع الأحداث المحلية والدولية التي تهم الرأي العام والتي صنعت الحدث في الآونة الاخيرة... فبالنسبة لانشغالكم الأول ...فلا أعتقد ان هناك فتنة وقعت في القطاع الديني ..!!! كل ما في الأمر هو تفاعل بعض الاعلام المحلي الذي يظن فيه ان يكون موضوعي واحترافي تناول الموضوع بمزاجية ذاتية ..!! وفاعلين آخرين في الفضاء الافتراضي تفاعلوا مع وجهة نظر خاصة قدمها رئيس المجلس الاسلامي الاعلى HCI بالجزائر حول موضوع خوض بعض الشباب الجزائري اليائس والبائس لقوارب الموت مغامرين بأنفسهم في أمواج البحر المتوسط آملين ان يصلوا للضفة الشمالية ومعانقة الحلم الوردي المنشود....!! فموضوع ( الحرقة )في نظري لا يحتاج لفتوى دينية نمطية تحلل او تحرم...!!! فالموضوع أكبر من ذلك..فهو ظاهرة اجتماعية معلومة اسبابها وتداعياتها ...فجل هؤلاء الشباب الذي ركب الصعاب وغامر بحياته هو شباب فقد الأمل في الحياة والعيش في بلاده وعاش على وتر ثقافة اليأس في مجتمعه ولقد التقيت بالكثير منهم في ضواحي باريس يتسكع ومصدوم بواقع مرير...لا يرحم...يعيشون في محتشدات يقتاتون على فتات الجمعيات الخيرية..!!! صحيح ان هذه الظاهرة في تزايد يوم بعد يوم...وتحتاج عمل جبار وكبير في تغيير ذهنيات الشباب الجزائري الذي لابد ان يقتنع أن الأمل المنشود هو في بلاده في مختلف القطاعات وان يعمل ويناضل ويقاوم ويصابر ...فكثير من القطاعات الحساسة وعلى رأسها قطاع الفلاحة والبناء وكثير من الحرف والمهن تعرف نزيف لليد العاملة وقد تنقرض بعد مدة من الزمن ...فالحرقة ليست هي الحل ..ولو كانت هي الحل الأنجع لفعلها الأسلاف .
وقف تدفق المهاجرين الافارقة يحتاج لاستثمارات تنموية بالمنطقة
هل قمتم في اطار عملكم السابق بتوعية الإخوة في بلدان الساحل بأن الهجرة غير الشرعية للجزائر و غيرها و تعريض انفسهم للخطر في الصحراء القاحلة حرام شرعا ؟ لقد اشتغلت طيلة خمس سنوات متطوعا في عمل جواري مع الاخوة والأصدقاء في بلدان الساحل وجنوب الصحراء حول مواضيع مختلفة وأهمها موضوع التطرف والراديكالية والذي من روافده الهجرة الغير شرعية وتجارة البشر وكذا شبكات تهريب المخدرات العابرة للحدود والقارات... فدول الساحل وجنوب الصحراء بغرب افريقيا المجاورة للجزائر وهي مالي والنيجر وتشاد وبوركينافاسو وكذا غينيا وكوت ديفوار هي دولة فقيرةً جدا وتفتقر لأدنى ابجديات الحياة ...لذلك فمحاربة الهجرة الغير شرعية وكذا التطرف والارهاب والجريمة المنظمة...يعتمد أساسا على مقاربة شاملة تكمن في خلق سد بشري مانع للزحف يعتمد على التنمية في هذه الدول وخاصة مالي والنيجر وإني استغرب من انعدام التواجد الاقتصادي والتجاري الجزائري في هذه الدول التي يراد ان يعبث بأمنها واستقرارها واستغلال ثرواتها وخيراتها ...وبالمناسبة أوجه نداء لمنتدى رجال الاعمال والاقتصاد الجزائري ان يفتح افاقا اقتصادية في هذه الدول التي تعد أرضا خصبة لاستثمار الذي يخدم مصلحة الجزائر وأمنها القومي.
غياب ثقافة الحوار سبب ظهور الطوائف الجديدة في الجزائر
أصبحت الجزائر في الآونة الأخيرة ساحة لتواجد عدد من أتباع الطوائف التي لم يكن بعضها معروفا لدى الجزائريين مثلما هو حال الطائفة الأحمدية و الكركرية. ما سبب ذلك في تقديركم؟ وأي الطوائف أشد خطرا على المرجعية الدينية والأمن الروحي للجزائريين في رأيكم؟ الجزائر بلد مسلم منذ حقبة الفاتحين الأوائل وحافظ المجتمع الجزائري على تدينه بطريقة عفوية وفطرية وتعايش الجزائري مع الآخر بطريقة حضارية..بل حتى لما ضاقت السبل على الاخوة الموريسكيين الذين اظطهدهم الصليبيون المتطرفين اصحاب محاكم التفتيش في أوربا فتحوا لهم ديارهم واستقبلتهم بيوت الانصار الحزائريين للمهاجرين مسلمي الأندلس ...بل حتى جيرانهم ممن كانوا من اليهود استقبلوهم وتعايشو معهم...فهذه هي طبيعة تدين المجتمع الجزايري ...منذ قرون. والعالم اليوم هو قرية صغيرة ذابت فيه الجغرافيا والحدود وصار التواصل سريعا ومكثفا..عبر الاعلام والفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي .فصرنا نسمع ونرى بالجزائري الاحمدي والشيعي والكركري والبروتستانتي والانجيلي وغيرها من الطوائف والملل وَالنحل الدخيلة على تدين الجزائريين الذين هم في الأساس لحمة واحدة كالبنيان المرصوص...فأنا في اعتقادي هو لابد من بحث معمق حول أسباب انتشار هذه الطوائف والأفكار بين الجزائريين ...والتي في غالبها هو غياب ثقافة الحوار وسماع الاخر الذي جعل بعض الجزائريين عقب فتنة العشرية السوداء ومحنة المأساة الوطنية يقبلون على هذه الأفكار الجديدة التي رأوها انها هي المخرج والمتنفس لأفكارهم ....وعلى الباحث الدقيق ان يدرك ان خطر هذه الطوائف يكمن في تطرفها وانعزالها واستعمالها العنف في زعزعة أمن واستقرار النسق الاجتماعي للمجتمع الجزائري...وقوة المرجعية الروحية للمجتمع الجزائري تكمن في وسطيته واعتداله التي حافظت على استقرار الجزائر وعالجت محنة التطرف والارهاب بفضل مقاربة المصالحة الوطنية.
عاد الوضع الامني في شمال مالي الى التدهور ، بعد تأخر استكمال تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر، كمقرب من الملف ما هو الحل المطروح للقضية في الوقت الراهن؟
مالي من شماله الى جنوبه هو بلد جار وصديق واضطراب الأحداث في شماله اثرت على المنطقة برمتها ومع مرور الأيام تأكد للمجتمع الدولي ان المقاربة الجزائرية في حل النزاع ببن الاخوة الماليين هي المناسبة ...لكن هناك أطراف وإياد اجنبية لا تريد الخير للاخوة في مالي ان يجتمعوا ويكملوا مسار اتفاق الجزائر الذي وقعته جل الأطراف المهمة والفاعلة ...فلابد من تحرك سريع للآلة للدبلوماسية لتدارك الوضع واكمال المسار المتفق عليه. ما رأيكم في القوة الفرنسية الخليجية التي تم انشاءها مؤخرا لمحاربة الارهاب في الساحل،و التي تختلف مع الحل السلمي الذي تروج له الجزائر ؟
غرب افريقيا وبحيرة التشاد ومنطقة الساحل وجنوب الصحراء برمتها تهددها الجماعات الإرهابية التي انتعشت مؤخرا بعودة الآلاف من دواعش افريقيا الى جماعة بوكو حرام و المرابطون وجماعة ماسينا وخاصة تنظيم التوحيد والجهاد الذي كثف مؤخرا عملياته الإرهابية واستهدف مواقع حساسة في المنطقة ...وفِي المقابل نجد ضعف كيانات هذه الدول التي تهاوت بعد سقوط نظام معمر القذافي رحمه الله...ففرنسا وحفاظا على مصالحها في المنطقة تدخلت مباشرة عسكريا لحماية مصالحها وبعد مرور السنوات على عملية سرفال العسكرية في شمال مالي احتاجت فرنسا الى تكوين قوة عسكرية مكونة من جيوش دول المنطقة أطلقت عليها اسم G5...والتي تحتاج الى ميزانية أكثر من 800 مليون دولار لتغطية نفقات ومصاريف هذه القوة التي تحاول ان تكون هي الدركي الأفريقي في المنطقة...ولقد ساهمت الجزائر بحوالي 30 مليون دولار لدول الساحل في قمة ابيدجان بالكوت ديفوار...فقام الرئيس الفرنسي في جولته الاخيرة بطلب مساعدة ومعونة سعودية اماراتية .ولكن يبقى طرح المقاربة الجزائرية والاتحاد الأفريقي و المعتمد على الحل السياسي والدبلوماسي في فض النزاعات والحروب . الجزائر تمر بمرحلة حساسة ..ونحن محسودون على نعمة الأمن
كيف هي قراءتكم لمستجدات الاوضاع في الشرق الاوسط ،بعد الاعلان العدواني لترامب حول القدس و تقليصه للمساعدات الموجهة للفلسطينيين ؟
مشروع الشرق الأوسط الجديد مخطط له منذ زمن وبدأت آليات تنفيذه باسم الحرب على الارهاب بعد ما يسمى ب ثورات الربيع العربي المشؤومة والمخزية ..وللاسف الخذلان العربي وتفكك البيت الداخلي هو الذي جرأ ترامب على إعلانه المتحيز ضد قضية العرب والمسلمين الابدية .فالقدس هي هم وقضية الشعوب والمجتمعات العربية وكل احرار العالم. تحدثت بعض التقارير الاجنبية مؤخرا أن البغدادي الذي يوصف حسبهم بزعيم ما يسمى بتنظيم داعش يوجد على الحدود الليبية الجزائرية ،برأيكم ما هو الهدف الحقيقي من نشر مثل هذه الاشاعات، و هل الجزائر فعلا مستهدفة من قبل مخابر الشر في الفترة الحالية؟
لقد قرأت الخبر في الصحيفة البريطانية التي اعتمدت على مصدر استخباراتي أمني ..وهو رد على المعلومات الروسية والعراقية التي روجت لمقتل البغدادي زعيم داعش...ومحافظ السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي تكلم في الندوة الإقليمية بوهران عن عودة أكثر من 6 ألاف داعشي أفريقي من العراق وسوريا ..ففيه أخبار عن نقل قيادة داعش الى سيناء بمصر او الى جنوب ليبيا وبعضها تتحدث عن بحيرة التشاد في الحدود النيجيرية التشادية... فالخبر بتواجد ابي بكر البغدادي في منطقة الساحل وجنوب الصحراء هو رسالة مشفرة لدول المنطقة الغير متجاوبة ومتناغمة مع الوضع ان القادم يحمل مخاضا عسيرا...؟؟!
تشهد الجزائر منذ بداية السنة حراكا اجتماعيا كبيرا و اضرابات لرفع مطالب طبقات عمالية غير أنها ساهمت في تعطيل مصالح آلاف المواطنين في المستشفيات و المدارس و المطارات،ما تعليقكم على ذلك ؟
الجزائر تمر بمرحلة حساسة جدا...ونحن محسودين على نعمة الأمن والاستقرار داخل الوطن...فجل المحاولات لضرب الاستقرار باءت بالفشل وهذا الفضل يعود للوعي والحس الوطني العالي الذي بلغه المواطن الجزائري بعد تجربة مريرة قضاها ايّام المأساة الوطنية..فأعتقد ان جل هده المطالَب الاجتماعية السلمية تحل بالحوار الجاد مع الشركاء الفاعلين، حفظ الله الجزائر وأدام عليها أمنها واستقرارها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)