الجزائر

الزيارة لترميم العلاقات الاقتصادية ولا وساطة مع المخزن


❊ باريس تبحث عن فرص جديدة لتصدر قائمة شركاء الجزائر❊ التقرير الأمريكي حول حقوق الإنسان في الجزائر يدحض افتراءات الجمعيات الحاقدة
يعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سليمان لعراج، أن أجندة زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للجزائر تتصدرها القضايا الاقتصادية وفي مقدمتها ملف الطاقة والمشاريع الاستثمارية، في محاولة منه لترميم ما ضيعته فرنسا من مكاسب، على خلفية الأزمة التي تسببت فيها تصريحاته المعادية سنة 2021، مستبعدا أن يقترح ماكرون على الرئيس، عبد المجيد تبون، الوساطة بين الجزائر والمغرب وإسبانيا، على اعتبار أن الموقف الجزائري حازم وصارم ولا رجعة فيه. أشار الأستاذ لعراج في حديث ل«المساء"، إلى أن السياق الإقليمي والدولي، الذي تتم في إطاره زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، متسم برفض التواجد الفرنسي في الساحل والانعكاسات السلبية لانخراطها في الأزمة الروسية - الأوكرانية، "وهي عوامل تعزز من موقف الجزائر في مناقشة ملفات التعاون المعروضة بين البلدين".
وتتصدر هذه الملفات آثار الأزمة الطاقوية في أوروبا وتبعاتها السلبية، في ظل الزيادة المحتملة للطلب الداخلي على الطاقة، وهو ما سيغير الكثير من المعطيات فيما يتعلق بهذا الموضوع ويعزز أكثر موقع الجزائر كشريك إستراتيجي في المنطقة. وأضاف محدثنا، أن قضية الغاز والطاقة بالنسبة لفرنسا وللجزائر، متعلقة بمسألة الإنتاج والاستخراج والتي بلغت ذروتها، ولذلك "لا يمكن أن نتحدث عن تعويض أو إمداد في الغاز في القريب العاجل"، مذكّرا بالدور الفرنسي في الأزمة الروسية - الأوكرانية، "حيث لعبت دورا لم يكن إيجابيا بالشكل الذي يجعلها اليوم في مأمن عن آثار أزمة الطاقة والغاز، التي ستتعقد مستقبلا". ويحدث هذا في الوقت الذي وضعت فيه الدول الأوروبية حساباتها جيدا وتحاول جاهدة التقليل من آثار الأزمة المرتقبة والبحث عن حلول.
وفي الملف الاقتصادي، تبحث باريس عن استرجاع مكانتها في ظل خيار تنويع الشراكات الاقتصادية، الذي تنتهجه الجزائر بقيادة الرئيس، عبد المجيد تبون، حيث تراجعت صادراتها باتجاه الجزائر في الثلاثي الأول من 2022 بنسبة 19 بالمائة، حسب الإحصائيات التي كشفت عنها الخزينة الفرنسية، حتى وإن حققت التعاملات التجارية بين البلدين زيادة بنسبة 17 بالمائة وبلغت 2,1 مليار أورو، حسب الجمارك الفرنسية للثلاثي الأول للسنة الجارية، متأثرة بالارتفاع المسجل في سعر الواردات التي تشكّل 80 بالمائة منها مواد الطاقة. ضمن هذا السياق، تسعى باريس، حسب الأستاذ لعراج، للسير على خطى إيطاليا التي تمكنت من تطوير علاقات تعاون نوعية مع الجزائر، وتحولت، في ظرف وجيز، الى شريك موثوق به بالنسبة للجزائر.
وبشأن اللوبيات التي تحاول دفع فرنسا للتأثير على الجزائر، فاعتبرها الأستاذ لعراج "أذرعا لتيارات وأطراف معينة تتحرك على المقاس وتتلقى تمويلها ودعمها من جهات معينة، تسعى إلى تشويه صورة الجزائر"، مذكرا بتحكم الجزائر في ملف حقوق الإنسان، وفي مقدمتها تعاملها الإنساني مع قضايا الهجرة واللجوء، حيث ظلت تتعامل بمقاربة إنسانية مع المهاجرين، عكس الدول التي تتدّعي الديمقراطية وتتعامل بمقاربة أمنية محضة مع ملف المهاجرين. واستشهد المتحدث بمضمون التقرير الأمريكي الأخير، الذي أشاد بالأشواط التي قطعتها الجزائر في مجال ترقية حقوق الإنسان، وأثنى على إستراتيجيتها في محاربة الإرهاب ومكافحة الإتجار بالبشر، "ومن هذا المنطلق، لا يمكن لفرنسا أن تزايد على الجزائر في هذا الملف".
وأضاف محدثنا، أن ملف "الحراقة" الجزائريين بفرنسا، يعد هو الآخر ورقة يحاول، عبثا، اليمين الفرنسي الضغط به على الرئيس الفرنسي واستغلاله في هذه الزيارة، مذكّرا بوجود إطارات جزائرية تساهم في تنمية فرنسا وفي مقدمتهم الأطباء. وبالنسبة لملف الساحل، الذي يعتبر من أبرز ملفات التعاون الأمني بين باريس الجزائر، فإن مقاربة الجزائر، حسب محدثنا، هي التي انتصرت وأحسن مثال المصالحة بين الفرقاء الماليين، وهي مقاربة ترفض كل تدخل أجنبي في الساحل وهو ما يتعارض مع النظرة الفرنسية، وفشلها والدليل الرفض الذي تتعرض له بكل من مالي والنيجر والتشاد. وحول التقارير الغربية التي أشارت إلى احتمال اقتراح الرئيس الفرنسي لقمة صلح بين الجزائر والمغرب وإسبانيا، أكد لعراج أن الموقف الجزائري حازم وصارم ولا رجعة فيه، فيما يخص ملف الصحراء الغربية، مذكّرا بقرارات رئيس الجمهورية في التعامل مع إسبانيا والمغرب، و الذي جاء ردا على السلوك غير المسؤول الذي تحلي به الطرفان.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)