الجزائر

"الزعرور البري" تجارة مربحة لفاكهة جبلية يعشقها سكان ڤالمة




تشهد الشوارع والطرقات الرئيسية بمختلف بلديات ولاية ڤالمة، هذه الأيام، انتشارا ملحوظا لباعة ”الزعرور البري”، وهي الفاكهة الجبلية التي تمثل تجارة موسمية مربحة لممتهنيها، كما يعشقهاسكان المنطقة بكل فئاتهم العمرية وشرائحهم الاجتماعية .تحولت مداخل المحطة البرية الإخوة مباركي بالمخرج الشمالي لمدينة ڤالمة، هذه الأيام، إلى أشبه ما تكون بلوحة فنية سريالية يغلب فيها اللون الأصفر لحبات الزعرور البري، وهو النوع الأكثر انتشارا مقابل حضور رمزي للون الأحمر، النوع الآخر من هذه الفاكهة، ويرسمها بشكل عفوي الباعة الذين ينتشرون في كل زوايا المكان من أطفال وشبان وكهول وشيوخ كل حسب طريقته ووسائل عمله التي لا تزيد في أحسن الأحوال عن صندوق أو دلو بلاستيكي. ولا يقتصر بيع هذه الفاكهة ذات الحبيبات الصغيرة الحلوة، والتي تبدو كنماذج مصغرة لحبات التفاح، على المحطة البرية فقط، بل هي الظاهرة التي تنتشر أيضا بشارع التطوع وسوق حسن حرشة ومدخل حي عين الدفلة بمدينة ڤالمة بنفس الدرجة تقريبا التي تشهدها أهم الشوارع والأزقة ومداخل الأسواق العمومية والثانويات والمدارس الابتدائية بكل بلديات الولاية، على غرار النشماية وهيلويوبوليس وبومهرة أحمد وبلخير ووادي الزناتي. لكن رغم كثرة المنتوج الطبيعي من هذه الفاكهة التي تهبها الطبيعة دون أي ”تكلفة إنتاج”، فإن الملاحظ هذه السنة هو ارتفاع ثمن بيعها الذي وصل فيه ”الكأس” من الحجم الصغير إلى 30 دج مقابل 50 دج للكأس الكبير وهي الأسعار التي تعتبر ضعف ما كان عليه الأمر طيلة المواسم الماضية، حسب ما قاله بعض الزبائن. وبالنسبة لعمي السبتي ذي ال 65 سنة، بائع زعرور، فإنه ينتظر كل سنة بفارغ الصبر وصول فترة جني هذه الفاكهة الجبلية بين نهاية شهر سبتمبر إلى غاية بداية نوفمبر، مشيرا إلى أنها المهنة التي يمارسها في كل موسم لأنه ليس لديه أي مورد مالي آخر ويوفر من خلالها مبالغ مقبولة جدا تكفيه لتلبية جزء كبير من احتياجات عائلته. ورغم إقراره بمجانية الحصول على المنتوج الذي تجود به الأشجار المنتشرة في المناطق الغابية والجبلية والحقول الفلاحية، فهو يرى أن الأسعار المطروحة ”مقبولة جدا” بالنظر لصعوبة الوصول إلى أماكن تواجد الزعرور البري وغلاء تكاليف وسائل النقل، التي تكون عادة باستعمال ”سيارات النقل الموازي”. ويقول هذا البائع أن أحسن أنواع الزعرور وألذها مذاقا متواجدة بأعالي جبال هوارة ذات الغطاء الغابي الكثيف، والتي تكاد تكون الحركة نحوها منعدمة تماما، وهو ما ينعكس مباشرة على ثمن المنتوج، مضيفا أن نفس المشكل يطرح في حالة جلب هذه الفاكهة من مناطق ماونة ولخزارة وبني مرمي وجبال مرمورة. أما كمال، وهو تلميذ في الطور الثانوي، فيرى أن بيع الزعرور مهنة يعشقها الكثير من أقرانه الذين يتنقلون بشكل جماعي خلال كل عطلة نهاية أسبوع لجني ما يقدرون على حمله وإعادة بيعه لتوفير مبالغ مالية تعينهم على شراء ما يحتاجونه من ألبسة وأدوات مدرسية. أما بالنسبة لعشاق استهلاك الزعرور البري، والذين تشكل النساء والفتيات، غالبيتهم المطلقة فإن تفسيراتهم لأسباب تعلقهم بهذه الحبيبات الصغيرة التي تحتل فيها النواة أو ”العظم ” - بتعبير البعض محليا - حيزا كبيرا تختلف من شخص إلى آخر كل حسب نظرته ونكهته وزاوية تعلقه.. فالسيدة فطيمة، الماكثة بالبيت، تقول أنها تستهلك الزعرور البري بشكل كبير وعلى مدار فترة توفره في السوق المحلية، خاصة بعد علمها بالقيمة الغذائية والفوائد الصحية له، والتي أكدها لها مختصون - حسب ما قالت - مشيرة إلى أن هذه الفاكهة الجبلية تدخل في خانة المنتجات الطبيعية أو”البيو”. أما محمد الصالح، موظف، فيجد في تناول حبات الزعرور حبة بعد أخرى ”نكهة خاصة” تعطيه الإحساس ب”الراحة”، خاصة أثناء احتفاظه بقشرة الفاكهة في فمه ورميه للنواة، وهي ”النكهة” التي تكون - حسبه - شبيهة تقريبا عند تناول المكسرات لكنها تزيد عنها في ”المذاق الحلو”. بينما يرى الشيخ الطاهر أن شجرة الزعرور البري مباركة منذ القدم بالمنطقة، وهي ”فاكهة الفقراء”، حيث كان كل ملاك الأراضي يعمدون إلى غرس بعض أشجار الزعرور وسط مساحاتهم الفلاحية لاستعمالها كمعالم يرجع إليها في تحديد حدود كل قطعة، إضافة إلى استغلال فاكهتها أثناء الانشغال برعي المواشي. ويتطلع الشيخ الطاهر إلى تطوير عملية غرس هذا النوع من الفاكهة الجبلية في المستقبل.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)