الجزائر

الركض وراء لقمة الفول ونقمة الفلول



يبدو أن "ميدان التحرير" فشل مرة أخرى في تحرير الشعب المصري من تلاعبات الطامعين في الكرسي، وهذا بعد مرور أزيد من عام ونصف العام على الإطاحة بمبارك وحاشيته.
ميدان التحرير يعيش مرة أخرى غليانا، ومرة أخرى نادت أصوات ب "مليونية" أخرى، لكن هذه المرة لم تتحد على التسمية التي تتجاذبها الألسن والمصالح، فبعضهم يقول مليونية العدالة للمطالبة بإعادة محاكمة حسني مبارك ووزير داخليته العادلي، إذ حكم عليهما بالمؤبد، فيما برأ القضاء نجلي مبارك وشلتهما وإسقاط تهمة قتل الثوار في موقعة الجمل السنة الماضية عنهم، والبعض الآخر يطلق عليها تسمية "مليونية العزل" للمطالبة بعزل فلول نظام مبارك، وأولهم أحمد شفيق لمنعه من اعتلاء كرسي الرئاسة، والواقفون وراء هذا المطلب طبعا الإخوان لتخوفهم من خسارة مرسي أمام شفيق في الدور الثاني من الرئاسيات الأسبوع ماقبل المقبل.
وبين هذا وذاك، تبقى مصر معلقة، ومصالح الشعب الغلبان تداس في ميدان التحرير، تماما مثلما داست حوافر الجمال شباب مصر السنة الماضية، ويبقى مستقبل مصر مرهونا برضا "ميدان التحرير".
لكن إخوان مصر ليسوا أحسن حالا من إخوان الجزائر، فتشتت صفوفهم وتباين مصالحهم جعلهم يفشلون أول أمس في تأسيس مجلس رئاسي مدني لإدارة شؤون البلاد، الذي ما هو في الحقيقة إلا محاولة التفاف على الرئاسة، واستغلال غضب الشارع الرافض للمحاكمة، للاستيلاء على الحكم، مثلما حاول ذلك "الفيس" المحل فعله في الجزائر سنة 91 عندما قاد عصيانا مدنيا أراد من خلاله قلب الحكم والاستيلاء على السلطة لأن الإخوان يدركون بفطرتهم أن الصندوق لن ينصفهم، وأن المؤسسة العسكرية لن تسمح لهم بالوصول إلى الحكم مهما كلفها الأمر.
لكن إلى متى تبقى مصر رهينة الفوضى والنظرة الضيقة، فمشاكل مصر أكبر من أن تحصر في محاكمة شخص، لأن التاريخ أصلا حكم عليه "بالإعدام" ويكفي النهاية المشينة التي انتهى إليها مبارك، ليكون عبرة ليس فقط لمن سيأتي بعده، بل لكل المستبدين بالسلطة، ولكل الظالمين.
ما ينتظر مصر من تحديات أكبر من أن تتعثر في هذه القضية، والاقتصاد المصري يعيش الانهيار، والذي تتوقع أوساط إعلامية أجنبية أنه سيزداد صعوبة بعد جولة الإعادة بسبب الأوضاع الراهنة، لأن هذا الوضع يجعل من الصعب وضع حكومة فعالة لمعالجة الأزمة الاقتصادية، قادرة على إقناع المانحين بتقديم مساعدات لمصر.
كل شيء ينذر بشلل سياسي في مصر لأشهر قادمة، بسبب عدم الاستقرار وهروب السياح والمستثمرين الأجانب، أهم عوامل الاقتصاد المصري الذي هو في حاجة الى أكثر من 11 مليار دولار لسد الفجوة، وهو رقم لن يحصل، مادام ميدان التحرير مفتوحا على "المليونيات".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)