الجزائر

الرئيس بن بلة: كيف تم اختيار بوضياف منسقا



سيدي علي عبد الحميد: العلم الوطني.. صُمم في شقة مفدي زكريا

نقدم في حلقة اليوم بعض ما سجلنا من معلومات تاريخية في جلسات جمعتنا بـ 6 شخصيات وطنية ونضالية هي:

1ـ الرئيس أحمد بن بلة أحد "التسعة التاريخيين"، وأول رئيس للجمهورية في جزائر الإستقلال.. تناول الرئيس بن بلة المواضيع التالية:
كيف تم الإتفاق على بوضياف منسقا للعناصر الثورية داخل الجزائر.. وكيف حاول تهريب مصالي بالتنسيق مع السلطات الإسبانية ومساعدة علال الفاسي زعيم حزب الإستقلال بالمغرب.. وملابسات تعيين الدكتور عبد الكريم الخطيب قائدا لجيش التحرير المغربي.. وكذلك الدعم المصري لحركات التحرر الوطني بالمغرب العربي.. فضلا عن ذكرياته حول إنزال الحلفاء في أوربا خلال الحرب العالمية الثانية.. ورأيه شخصيا في الجندي الأمريكي..
2ـ الرئيس علي كافي قائد الولاية الثانية (1957 ـ 1961) ورئيس المجلس الأعلى للدولة (1992 ـ 1994)، سجلنا عنه بالمناسبة بعض الذكريات مع قائد الولاية الأولى محمد العموري الذي اجتمع به بتونس في مطلع 1958عشية عودتة إلى ولايته.
3ـ مسعود بوقادوم، من الرعيل الطلابي الأول الذي التحق بنجم شمال إفريقيا في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، وهو من أصدقاء الدكتور محمد الأمين الدباغين، منسق حزب الشعب الجزائري في مرحلة السرية أثناء الحربة العالمية الثانية.
سجلنا عن الفقيد رأيه في الشخصيات الوطنية التالية: مصالي، عباس، بومنجل، آيت أحمد، مهري، بوالصوف.
4ـ سيدي علي عبد الحميد، من عناصر لجنة العمل الثوري المغاربية (كارنا)، وأحد قادة حركة انتصار الحريات الديمقراطية.. ذكر المناضل الكبير حقيقة هامة: أن للشاعر الوطني مفدي زكريا ـ مؤلف النشيد الوطني ـ علاقة بعلم الجزائر أيضا، هذا العلم الذي صمم في ربيع 1945 في شقته بسوق الجمعة في العاصمة.
5ـ أحمد (الكابا) حدانو، من رفاق بلوزداد ومهساس في "لجنة شباب بلكور"، ومن إطارات الثورة في اتحادية فرنسا.. وسجلنا عنه مشاركته في تهريب آيت أحمد، وكيف حاول هذا الأخير افتكاك واعلي بناي من قبضة رجال الأمن ـ سنة 1949 ـ فضلا عن نهاية بناي المأساوية أثناء الثورة بالولاية الثالثة.
6ـ الطيب (علال) الثعالبي، من رفاق زيغود وعبان وعضو مجلس الثورة المنبثق عن مؤتمر الصومام.. وسجلنا عنه ذكرياته عن بداية الصراع بين جبهة التحرير والحركة المصالية، وحيرة رابح بيطاط أمام تلك الوضعية الصعبة.. وكيف ذهب المناضل عمار بوجريدة ضحية هذا الصراع..* سجلت هذه الشهادة في 28 يونيو 1985.

سيدي علي عبد الحميد: علاقة مفدي زكريا.. بالعلم الوطني
أصيب سيدي علي عبد الحميد بكسر في حادث، فقمنا بعيادته في 20 مارس 2011، رفقة المناضلين الطيب (علال) الثعالبي ومحمد باشا تازير وأحمد (الكاب) حدانو.. تناول الحديث بعض سيرة المناضل محمد (داقي) هني الذي توفي قبل أيام، ودفن بالأربعاء (البليدة) مسقط رأسه.. فقال الشاهد: "تعرفت عليه سنة 1935 بالقصبة، حيث كان يملك محلا للحلاقة، ونشط بعد ذلك ضمن لجنة العمل الثورية المغاربي (كازنا) التي حاولت عشية الحرب العالمية الثانية الإستعانة بالألمان لتحرير الجزائر، لكن بدون جدوى. كان داقي صديقا حميما للشاعر مفدي زكريا الذي وضع تحت تصرفه شقته بسوق الجمعة، وبهذه الشقة تم تصميم العلم الجزائري في ربيع 1945، قبيل مجازر 8 مايو النكراء..


الرئيس أحمد بن بلة:
تعيين بوضياف.. منسقا في "مونروج"
زرت الرئيس أحمد بن بلة بإقامة "برادو" في 8 يونيو 2004 لأهديه كتابي "بن بلة - عبان.. مواجهة من أجل الحقيقة" الصادر حديثا، فتحدث إلي بالمناسبة في بعض المواضيع، نذكر منها:
لقاء "مونروج" الثلاثي:
عقدنا في صائفة (أوخريف) 1965 بضاحية "مونروج" (باريس) رفقة بوضياف ومهساس، اجتماعات مطولة على مدى ثلاثة أيام، انتهت بتعيين بوضياف منسقا بين الداخل والخارج، ولم يكن الإتفاق على ذلك سهلا، لأن مهساس كان يرغب في تولي هذه المهمة، علما أنه أقدم من بوضياف في الحركة الوطنية.. لكن تمكنا في النهاية من إقناع مهساس، بحجة أن بوضياف لم يكن معروفا لدى دوائر الأمن.
مرض بوضياف
بعد فترة من اندلاع الثورة كشف لنا بوضياف إصابته بمرض السل، وأنه لم يعد قادرا على أداء مهمة التنسيق، وبناء على ذلك اتفقنا في اجتماع القاهرة مطلع 1956 على تعيين بن مهيدي منسقا بالمغرب. وبعد يوم عاد بن مهيدي رفقة بوضياف، مهددا أنه في حالة استمرار تدخله في شؤونه فإنه سيلتحق بالعاصمة، وقد نفذ تهديده فعلا في مايو من نفس السنة. رغب بوضياف عقب ذلك في العلاج بنفس المصحة التي كان يعالج بها عبد الرحمان اليوسفي (من قادة حزب الإستقلال بالمغرب) بضواحي مدريد (سكريل)، غير أنه لم يمكث بها الفترة اللازمة.
محاولة تهريب مصالي:
جرت محاولة (ثانية) لتهريب الحاج مصالي من منفاه "بنيور" قبيل اندلاع الثورة في صائفة 1954، بمساعدة الجنرال فرانكو ـ رئيس إسبانيا ـ شخصيا، علما أنه كان على علاقة حسنة بعلال الفاسي، زعيم حزب الإستقلال. كان عبد الله فيلالي من المقربين للحاج مصالي قد نقل إليه رغبة الحركة في تهريبه، فقمت بترتيب العملية بالتنسيق مع المغاربة والإسبان، كان فرانكو يشترط أن يعقد مصالي مؤتمرا صحافيا بمدريد. لكن بعد أيام اتصل بي أحمد مزغنة في جنيف ليبلغني اعتذار مصالي، بدعوى أنه يفضل تطهير صفوف الحزب، قبل المغامرة بالثورة والأزمة قائمة.
التصادم مع المصاليين بفرنسا:
كان المصاليون بفرنسا سباقين بالعدوان على عناصر جبهة التحرير، سواء بالضرب أو بالتصفية الجسدية.
تعيين الخطيب على رأس جيش تحرير المغرب:
كنت وراء تعيين الدكتور عبد الكريم الخطيب قائدا لجيش التحرير المغربي، بعد استدراج زيادة إلى القاهرة واعتقاله هناك بتهمة تبليغ الإسبان عنا، كان الخطيب قد اعتذر في البداية، بحجة قلة خبرته بهذا الميدان، لكنه قبل بعد ذلك بعد أن شجعته شخصيا.
الدعم المصري:
بعد اندلاع ثورة فاتح نوفمبر 1954، عينت مصر ملحقين عسكريين في بعض العواصم الأوروبية (مدريد، روما، برن، بودابيست..) مكلفين بدعم الكفاح المغاربي والتنسيق بين أطرافه، وهذا الدعم كان يثير حفيظة الفرنسيين.. وعندما أسرنا في حادث اختطاف الطائرة (22 أكتوبر 1956)، قال لي جنرال فرنسي: "أيام صديقكم ناصر باتت معدودة!".
من ذكريات الحرب العالمية:
سبق إنزال الحلفاء بإيطاليا نظيره بنورمندي، وبفضل الضغط على الجبهة الجنوبية الشرقية اضطر الألمان إلى فك الخناق المضروب على جبهة بحر "المانش"، علما أن هؤلاء ألحقوا خسائر فادحة بالقوات الأمريكية البريطانية المشاركة في الإنزال.
* الجندي الأمريكي كما عرفته في الميدان لا يتحمل مشاق الحرب، ولا يصبر على الجوع والعطش، كان مدللا، يخلط بين الحرب والسينما!.

الرئيس علي كافي: توقعت للعموري "سوء العاقبة"

زرت الرئيس علي كافي بمقر إقامته في 23 مارس 2008، فتناول الحديث ـ عرضا ـ عن قضية العقيد محمد العموري القائد السابق للولاية الأولى، المتهم بمحاولة تدبير انقلاب على الحكومة المؤقتة، وقد أفادنا الرئيس كافي بالمعلومات التالية:
ـ كان العموري طالبا بمعهد ابن باديس في قسنطينة، ولم تكن له سوابق نضالية، (عكس ما يذهب إليه الفقيد عبد الرحمان مهري شقيق عبد الحميد).
ـ وقع العموري بتونس تحت تأثير الدكتور التيجاني هدام الذي كسب ولاءه لأحمد بن بلة، فأصبح لذلك من أشد خصوم كريم، بطريقة فجة.
ـ قابلته بتونس مطلع 1958، ورغبته في العودة معي إلى ولايته (الأوراس)، تحمس في البداية لذلك، حتى أنه اقترح على مرافقيه لمساعدته هناك (*)
ضربنا موعدا للعودة (منتصف فبراير 58)، لكن في اليوم المحدد جاءني مضمد الرجل، معتذرا بنصيحة الدكتور هدام له بعدم السفر في تلك الحالة.
ـ أوصيته قبل أن نفترق بالكف عن معارضة كريم، لأنه باختصار ليس من وزنه، ومنذ ذلك الحين توقعت له سوء العاقبة.
(*) عاد العقيد كافي إلى ولايته غداة العدوان الفرنسي على ساقية سيدي يوسف (تونس) في 8 فبراير 1958، وعاد معه الرائد صالح زعموم من مجلس الولاية الرابعة.

مسعود بوقادوم: آراء في بعض الشخصيات الوطنية

احتضنت مدينة سكيكدة، في أواخر أكتوبر 1985، ملتقى حول الأدب والثورة، فاتصلت بالمناسبة بالمناضل مسعود (الحواس) بوقادوم الذي استقبلني في بيته وسط المدينة مساء الخميس 24 من الشهر، تطرق إلى الحديث عن بعض الشخصيات الوطنية، فكان رأيه فيها:
1ـ الحاج مصالي: " كان مصالي يشعر بالنقص أمام الإطارات المثقفة بالحزب، فاتخذ بعض الفرنسيين (التروتسكيين) مستشارين له، يزودونه بالأفكار التي تمكنه من المحافظة على مكانته في قيادة الحركة".
2ـ فرحات عباس: سألت الشيخ بوقادوم (75 سنة آنذاك)، وكان صائما، عن دوافع التحاق فرحات عباس بثورة التحرير فقال: "ليس من اللائق البوح بشيء، مادام الرجل على قيد الحياة (توفي عباس بعد تمام شهرين).. كل ما أستطيع أن أشهد به الآن أنه استجاب لنداء جبهة التحرير، عندما طالبت منه العلم بصفوفها على الصعيد الخارجي".
3ـ أحمد بومنجل: قدم بومنجل بفرنسا خدمات جليلة لحزب العشب الجزائري، دون أن يكون منخرطا في صفوفه (*)، ويقول مازحا: نضالي يتوقف عند عتبة السجن، أي لا تطلبوا مني ما يوقعني تحت طائلة القانون!"
4ـ حسين آيت أحمد: آيت أحمد من أصل عربي، وتبنى النزعة البربرية تحت تأير منظرها خليفاتي.
5ـ عبد الحميد مهري: التحق بحزب الشعب الجزائري وهو صغير.. وتحمل المسؤولية بوادي الزناتي وهو في الـ 16 من عمره".
6ـ عبد الحفيظ بوالصوف: ظلت علاقتي طيبة ببوالصوف بعد الإستقلال، فكنت كلما نزلت بالعاصمة لا أتحرج من طرق بابه وتناول الغذاء معه ببيته، قال لي ذات يوم: هل تدري أن الفرنسيين مازالوا بيننا ولم يرحلوا بعد نهائيا؟!".
من المؤسف أن يختفي هذا الرجل العظيم فجأة، عندما بلغني نبأ وفاته (31 ديسمبر 1980) قلت في نفسي: لعل الفرنسيين قتلوه، طالما أن حالته الصحية لم تكن توحي بموت وشيك.. لقد كان يحتفظ بوثائق هامة عن كثير من رجال المخابرات الفرنسية، فضلا عن معظم الشخصيات التونسية والمغربية.. ولست أدري ما مصير هذا الأرشيف..
7ـ هواري بومدين: ذهب بعض المسؤولين إلى الرئيس بومدين وهو في أوج سلطانه (سنة 1972 أو 1973)، يقترحون عليه رد الإعتبار لقدماء المناضلين، فغضب أشد الغضب، ثم أفهم أصحاب الإقتراح أن الحفاظ على مناصبهم يقتضي منهم تجنب الخوض في هذا الموضوع ثانية!".
(*) من قيادة حزب البيان مع عباس وفرنسيس وساطور

أحمد حدانو: مصير واعلي بناي

في هذا اللقاء تناول الكلمة أحمد حدانو، لإثراء بعض المواضيع التي طرحت بالمناسبة:
ـ تهريب آيت أحمد:
كانو حدانو قد شارك سنة 1951 في تهريب حسين آيت أحمد إلى فرنسا، علما أنه دخل السرية بعد مجازر 8 ماي 1945، وظل طريدا إلى غاية تهريبه. وحسب الشاهد فإن العملية تمت بمساعدة مناضل شيوعي مسؤول بسفينة "وهران"، كان على صلة باثنين من قادة اتحادية حركة الإنتصار بفرنسا هما: أمحمد يزيد وعبد الله فيلالي..
ـ محاولة تهريب واعلي بناي:
كان واعلي بناي ـ المسؤول السياسي لمنطقة جرجرة ـ قد اعتقل بوهران في سبتمبر 1948، وهو يتأهب للسفر إلى فرنسا.. وحسب الشاهد أن آيت أحمد ـ مسؤول "المنظمة الخاصة" آنذاك ـ فكرة في تحريره من قبضة الأمن الفرنسي، عند الإتيان به إلى العاصمة للتحقيق معه، وكلف بهذه المهمة حدانو رفقة الشهيد عبد القادر بودة وتاغليت.. لكن مصالح الأمن أفسدت عليهم خطتهم، بنقل بناي مباشرة إلى سجن تيزي وزو..
كان بناي حسن المظهر، قوي البنية، صلبا عنيفا، كان شارك في تصفية شرطي جزائري يدعى قصاب، لإفراطه في مضايقه المناضلين. وكان في إطار مهمته السياسية يولي عناية خاصة لتلاميذ بن عكنون (أمثال آيت أحمد وعلي العيمش وآيت عمران..)، حتى أنه كان يلبس بعضهم من ماله الخاص. وبعد الإفراج عنه نشط في تجارة السلال البردية ما بين القليعة والعاصمة، وغداة اندلاع الثورة تعرف على عدد من العناصر المصالية.. وذات يوم تقدم لقيادة الولاية الثالثة بعرض غريب أن يساعدها في الإيقاع ببعضهم.. غير أن كريم ورفاقه ارتابوا في أمره.. ونظرا لسوابقه (في الحركة البربرية خاصة..) فضلوا التخلص منه، وكان ذلك سنة 1956.

من آداب النضال:
فاجأ امحمد يزيد ـ مسؤول اتحادية حركة الإنتصار بفرنسا - المناضل حدانو ذات يوم باصطحابه إلى موعد مع أعد عناصر الحزب الشيوعي الفرنسي، وكان اللقاء يتعلق بمشاركة الإتحادية في مسيرة عمالية (فاتح ماي أو 14 يوليو)..
حضر حدانو اللقاء، لكن بعد الإنصراف سأل يزيد: لماذا أقحمتني في مسألة لا تعنيني؟ فكان جوابه: لتكون شاهدا تجنبا للشبهات وكان حزب الشعب قد أصدر تعليمة: ألا يقابل مسؤول بمفرده أي طرف أجنبي..

الطيب الثعالبي: كيف سقط بوجريدة
في نفس اللقاء تدخل الثعالبي حول بداية الصراع بالعاصمة بين جبهة التحرير والحركة المصالية، فقد اتصل مطلع 1955 برابح بيطاط قائد المنطقة الرابعة، فوجده في غاية القلق من نشاط العناصر المصالية في العاصمة خاصة، فكان لذلك يلح في استقدام الحكيم (بن مهيدي) لمواجهة الموقف وكان يبدو قلقا كذلك، لانقطاع صلاته بمراد ديدوش مسؤول المنطقة الثانية، ولم يكن على علم باستشهاده بعد. وقابل الثعالبي بالعاصمة عمار بجريدة، من العناصر القيادية التي انحازت لمصالي فنهره بلهجة لا تخلو من التهديد، وكرر ذلك مع مناضل آخر من جبهة التحرير.. فسارع بإبلاغ رمضان عبان، وفعل ذلك الثعالبي أيضا، فلم يمض أسبوع حتى سقط بوجريدة برصاصة فدائي من جبهة التحرير.



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)