الجزائر

الذاكرة لن تستطيع تجاوزك



الذاكرة لن تستطيع تجاوزك
وأنا أكتب هذه الكلمات التي لن يأذن لك البرزخ الذي يحول دوننا أن تقرأها، لازلت لم أصدق بعد بأنك أنت الأستاذ شعبان المعني بها وبعبارات التأبين هذه، قلت: ''خسارة كبيرة، وخبر مفجع للغاية''.. أردت أن أقول لك بأنني شعرت كما لو أن والدي يموت للمرة الثانية، وقفت مرارا، يوم الأحد، أمام صورة والدي ودعوت لكما بالمغفرة.
أستاذ شعبان، سأخاطبك كما تعوّدت أن أدعوك بهذه الصفة، كنت أتحدث إليك وفقا للحدود التي تحب أن تضعها مع محدثيك، كثير من الاحترام، نصائح مقتضبة، تستهلها دائما ''شوفي يا أم السعد، عندما نكتب، نهتم بالأخبار التي تعني أكبر شريحة من المجتمع...''.. الشأن العام هو ما يعنيك أستاذ، أما المصالح الضيقة التي يلهث خلفها الكثير من الناس، فلا مكان لها في أجندة أولوياتك. ومن سبق له وتعامل معك، يدرك تماما حرصك على تجنب إثارة الفتن. أستاذ شعبان، يحز في نفسي، اليوم، حديثي المقتضب إليك يوم الخميس الماضي، الذي كان الفاصل ما بين المعافاة والموت، ما كنت أعلم أن الموت في جوار مكتب ''الخبر'' بقسنطينة، وما تلمست من حديثك أي سوء أو ألم تعالجه خلسة عنا جميعا، كنت أنت كما في سابق الأيام، بكل همتك وجدك، اتصلت حتى أخبرك عن مجريات الانتخابات المحلية وفقا للمراسلة التي أبرقت بها إلى كل المراسلين، أخبرتك في حدود الساعة الثانية زوالا عن الأجواء العادية التي تسود الانتخابات، فقلت: ''نعم، هو الطابع العام في أغلب الولايات، عادي، عادي.. ما كان ما نقولو''، لم يكن أي تغيير يظهر على صوتك، أنت في تمام صحتك، فماذا جرى بعد سويعات؟
جرت الأمور بسرعة كبيرة، فسرعان ما سمعت، في حدود الساعة العاشرة مساء، من يوم السبت خبر نقلك إلى المستشفى، وعن إصابتك بأزمة قلبية.. نمت لأستيقظ على هذا النبأ الذي لا أحبه أبدا، ولا أحب حتى حزن السماء في هذه المواقف التي تحبس الأنفاس.
تجدني في لحظة كهذه أحدث نفسي، وأقول بأنك أجبرتنا على احترامك، وعلى العمل تحت وصايتك وإشرافك، ونحن على يقين بأن تعبنا أبدا لن يضيع. ولكننا نسينا، في غمرة انشغالنا بأنفسنا، بأننا ضيّعنا حقك، ولم نستطع حتى أن نقول لك كلمة شكر واحدة، ولم ننتبه حتى لما تعالجه من ألم خفي. ترى، هل ستصلك هذه الكلمات؟ وهل سينفع الشكر والبكاء اليوم؟! أعذرني أستاذ شعبان، على تأخري في مخاطبتك، وفي طلب الإذن منك لأقول لك أبي، ليس لأنك كبير بفارق العمر، ولكني لم أجد، في لحظة حزني هذه على فراقك المباغت، سوى تطابق بينك وبين أبي. أستاذ شعبان، أقول لك فقط إن هذا الألم الذي زرعه موتك فينا جميعا لن يسمح لذاكرتنا بتجاوزك، ونسيان هذا الشخص الذي لم أشأ الاتصال بالمكتب الجهوي حتى لا أخطئ وأقول لشخص غيره أستاذ شعبان، لأن روحك الطاهرة ستظل ماثلة أمامنا جميعا.. ليرحمك الله أستاذ، ويجعل مثواك الجنة.
شكر وعرفان
إثر وفاة المغفور له بإذن الله تعالى شعبان زروق، عن عمر ناهز 59 سنة، يتقدم أفراد عائلته بخالص عبارات الشكر والامتنان لكل من وقف معهم في مصابهم الجلل، داعين كل من عرفوه وأحبوه الدعاء له بالرحمة. إنا لله وإنا إليه راجعون


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)