الجزائر

الذاكرة الحافزة



مخلفات الاستعمار الفرنسي للجزائر الإنسانية والاقتصادية والثقافية تحتاج إلى ذاكرة حية وحافزة لتصفيتها، خاصة إذا علمنا أن فرنسا الرسمية اليوم تعمل بكل الوسائل من أجل تبييض بشاعتها بالأمس.
وتأتي درجة بشاعة الاستعمار الفرنسي من كونه يهدف بالإضافة إلى الاستعمار الاستيطاني إلى مسخ هوية الشعب الذي يستعمره، وترى عساكره ينتقمون من أفراده وجماعاته ليس لأنهم يرفعون السلاح في وجهه من أجل إخراجه من بلدهم بالقوة كما دخلها بالقوة بل يعمد إلى إبادتهم جماعيا إذا رأى فيهم مخالفة في ما جاءهم به من قيم يدعي أنها للتحضر ويدرك منهم تحصنهم منها بقيمهم الدينية والثقافية والحضارية.
لذلك رأينا الاستعمار الفرنسي استهدف الجغرافيا والحضارة والدين والتقاليد فكانت جرائمه بحق جرائم ضد الإنسانية بكل أبعادها المادية والمعنوية، وفوق ذلك عمد عند إرغامه على الرحيل إلى اعتماد سياسة الارض المحروقة خاصة بالنسبة للمؤسسات الحساسة مثل المكتبة الجامعية التي تم إحراقها والاستحواذ على أرشيفها سعيا منه للتستر على جرائمه.
ولأن التاريخ لا يرحم فإن هذه البشاعة بقيت دائما طافية على السطح وأن فاتورة الحقبة الاستعمارية تبقى مفتوحة بين الجزائر وفرنسا هذه الأخيرة التي تبقى مريضة بماضيها الاستعماري وليس أدل على ذلك من محاولاتها اليائسة لتمجيد الاستعمار أو المساواة بين الضحية والجلاد بدل الاعتراف ثم الاعتذار لهذا الأخير.
ومادامت الذاكرة حية عند الأجيال ومادام تاريخ الثورة حافزا وليس مثبطا فإن الشعب الجزائري يظل معتزا بكفاحه وليس هناك ما يدفعه للخجل أو يتطلب منه التستر عليه، بعكس فرنسا الرسمية المكبلة معنويا ودبلوماسيا بماضيها الاستعماري.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)