الجزائر

الدّين.. و حريّة التّعبير



الدّين.. و حريّة التّعبير
يتراءى للبعضِ أنّ الدّينَ يُقيّد الفكرَ و يحُدُّ من السّلوكاتِ ، بل من النّشاط الإنسانيّ بالنّظر إلى رسالته الحقيقيّة في هذا الوجود ،و دعاةُ التّفكيرِ المتحرّر _ بمعناهُ المنسلخِ عن العقيدة ب0سْم حريّةِ التّعبير _ ينتهزونَ الفرصةَ في كلّ مكانٍ للمسك بمِخْنقِ كلِّ مَنْ يقولُ ب0رتباطِ سلوكاتِنا و تفكيرنا بمنظومةِ دينٍ، تتراءى لهم بأنَّ مَن يفكّرُ أو يتحرّكُ في إطارها هو إنسانٌ عُبوديٌّ رَجْعيّ، لا يريد التّحرّرَ من 0ستبدادٍ قهريٍّ ، رضيَ به طوعًا ،و نادَى بمشروعيّته .و لكنّ الدّافعَ في نظري من وراء هذه الخرطقةِ يكتنفه عاملان هامّان ؛ أوّلهما يخصُّ " نوعيّة المفكّر " و الثّاني يخصُّ " عقيدته " .
..فالعاملُ الأوّل يرى من زاويته شخصان، مُنظِّرٌ مترصّدٌ لمنظومة أيّ دين كان دونَ 0ستثناءٍ أو مُنظِّرٌ مستهدفٌ دينًا بعينه دون آخر؛ و أمّا ما يخصّ العامل الثّاني فالذي يؤمن بهذه الغائلة مستهترٌ أو متعصّب ..و ب0جتماعِ هذه العناصر يتبيّنُ بأنّ الدّاعي لحريّة التّعبير يوجّه دعوتَه الضّالّةَ المضِلَّةَ إلى بؤرة الدّين من خلال تنشيط فعاليّاتٍ إنسانيّةٍ عالميّةٍ سياسيّةٍ و جمعويّةٍ تقول بحريّة التّعبير ، ماسكًا _ في نظره الأعرج و حقده الأعوج _عن الدّين زلاّتٍ تثيرُ نعْرةَ الاعتقاد بعائقيَّته إزاءَ قيام الإنسان بنشاطه و إبداعه ! و بالخلاصة ؛ يقفُ صاحبُ الأفق البسيط من طرح صاحب التّنظير المعقّد موقفَ ( المُولَع بالغالب) فينجرُّ من وراء فكرته الدّاعية بالقول بأنّ " الدّينَ ضدّ الفنّ و الإبداع " حرصُه على تثبيت قضيّةِ حيلولة الدّين من فسح المجال لحريّة التّعبير ، فينقلبُ جنديًّا وفيًّا لهذا الطّرح و يثير الرّأي العامَّ في الشّارع و المسرح و المنتديات و المحافل،لاقيًا التّرحيبَ و التّأييدَ من كلّ الجهاتِ، معمّقًا الغَوَرَ في نظره بينَ النّقيضيْن ..!
إنّي أعالجُ الموضوعَ كمسلمٍ يخاف من أن ينطليَ على قُصّار النّظر منّا هذا الاعتقادُ ، فيظهرُ أشباهُ الأحرار و المبدعين _شعراءَ كانوا أم كتّابًا أم فنّانين أم..._ قُدوةً لهم تُؤصِّلُ في فكرهم السّاذج يقينا بأنّ الدّينَ الإسلاميَّ لا مجالَ فيه لإبداعٍ أو تفكيرٍ أو حريّة ؛ و من ثمَّ يُصبحُ النّقرُ على هذا الوتر عذبَ الوقعِ على نفوسهم ، و بعد 0نتشاءٍ و سلوى تصلُ الشّوكةُ في جنبِ الدّين إلى شغافِه و حينها يستعْصي 0ستئصالُها إلاَّ بعد أن تنخرَ العظمَ و تمزّقَ اللّحمَ و تُذوّبَ الشّحمَ .
بيرين / الجزائر سبتمبر 2012
(*) كاتب وشاعر من البيرين - الجلفة


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)