الجزائر

الدلالة.. مهنة المخاطر والسمعة السيئة تطاردهن


عمل المرأة خارجا من أجل توفير لقمة العيش تسد بها رمق عائلة بأكملها مألوف وعادي جدا، غير أن لجوءها إلى أرصفة الشوارع للمتاجرة بالمجوهرات في مهنة تعرف ب”الدلالة”، أمر قد لا يتقبله محيط هذه الأخيرة الذي لايزال يستهجن مثل هذه المهن، ناهيك عن مخاطر الاعتداءات التي تتربص بها طيلة الوقت.
تحولت العديد من أرصفة شوارع العاصمة إلى أسواق موازية، أوكما يعرف عند الجزائريين ب”دلالة”، تباع فيها مختلف أنواع البضائع من ألبسة، هواتف نقالة، وأدوات كهرومنزلية.. غير أن الواقع يشير إلى أن النساء قد أصبحن جزءا لا يتجزأ من ديكور هذه الأسواق، نساء من مختلف الأعمار نزلن للشارع لكسب لقمة العيش من خلال المتاجرة بقطع المجوهرات الذهبية، مخاطرات بحياتهن ومعرّضات سمعتهن للمزايدة.
لجأن للأرصفة بحثا عن لقمة العيش
خلال تجولنا في إحدى الدلالات بالعاصمة، قابلنا عددا من هؤلاء الفتيات اللاتي اخترن أرصفة الطرقات لكسب قوتهن اليومي، وفي كثير من الأحيان لسد رمق عائلة كاملة هن المسؤولات عنها. (فريدة.م) التي قابلناها في دلالة “الرويسو” منهمكة في جذب انتباه الزبائن للمجوهرات التي تعرضها، تقول إنها تعيل عائلتها المتكونة من 7 أفراد رغم أن سنها لا يتجاوز 22 سنة، وفي ذات السياق تقول: “لم يكن العمل بالشارع يوما من بين طموحاتي، غير أن الظروف العائلية والمعيشية فرضت عليّ الخروج بحثا عن لقمة العيش”. أما (غ.ح) التي تبلغ من العمر 29 سنة والتي قابلناها في ساحة الشهداء، فأكدت أنها لم تتعرف على هذه المهنة إلا مؤخرا بعد أن طلّقت من زوجها، واضطرت للعمل من أجل تربية ابنتيها. ومن جهتها تقول (ط. ه) إنها بحثا عن الاستقلالية في الحصول على مصروفها اتجهت لهذه المهنة التي لا ترى فيها اختلاف عن باقي المهن، مشيرة من خلال حديثها إلى أن العمل لم يكن عيبا في يوم من الأيام.
حياتهن مليئة بالمخاطر..
لم يكن التقرب من هؤلاء الدلالات سهلا مطلقا، لما يتميزن به من حدة الطبع والحرص كذلك. كما أعاقنا وجود عدد كبير من “الحراس” يحولون دون التحدث معهن، ولم يكن هنالك سبيل سوى التظاهر أننا من الزبائن حتى نستدرجهن في الكلام، لأن حملهن لمجوهرات غالية الثمن وتجولهن بها طيلة النهار بحثا عن زبون سخي في دفع ثمنها، يستدعي الحماية المضمونة.. لذا يرافق كل واحدة من تلك الدلالات شاب أو أكثر يوفر لهن تلك الحماية يضمن سلامتهن من أي محاولة اعتداء أو سرقة. وفي ذات السياق ردت (ط.ه) لما سألنها عن سبب ملازمة هؤلاء الشبان لهن قائلة:”تعرضنا في الكثير من المرات لعمليات السرقة والعديد من الاعتداءات الخطيرة، فكان لزاما علينا الاستنجاد بشبان نوفر لهم مصروفا يوميا على أن يقوموا بحمايتنا”، وتضيف زميلتها:” لا يمكن لأي كان التجول بسلعة ثمينة دون التأكد من أنه محمي، فكيف إذا تعلق الأمر بنساء ضعيفات لا يمكنهن حماية أنفسهن؟!”.
السمعة السيئة تلاحقهن..
تشتكي العديد من تلك الدلاّلات من السمعة السيئة التي تطاردهن في محيطهن، لاسيما إذا تعلق الأمر بالزواج، حين تصبح فكرة اتخاذهن كزوجات مستبعدة من طرف أغلب الشبان. وفي ذات السياق تقول (فريدة.م) إن العديد من الشبان الذين تقدموا لخطبتها غيروا رأيهم بعد اطلاعهم على نشاطها في الدلالة، مضيفة أن الجزائري لا يستطيع التأقلم مع الأمر، لاسيما أنها ترفض تغيير هذا النشاط. ومن جهتها تقول الحاجة زهرة، التي قابلناها في الرويسو، إن عملها أثر على سمعة بناتها التي تخشى أن تعنسن بسبب رفض الشبان الزواج من بنات دلالة، مضيفة أن فكرة الزواج من بنت امرأة تخرج كل صباح للشارع، عارضة سلعتها أمام زبائن من الجنسين تقلق الرجل الجزائري.
وفي هذا السياق، تؤكد الأخصائية الاجتماعية، رشيدة بشيش، أن عقلية الشباب الجزائري، والبنية الفكرية لمجتمعنا تفرض نوعا خاصا من المقاييس الواجب توفرها في زوجة المستقبل، مؤكدة أن الزواج بفتاة تتاجر بالذهب أو بأي سلعة أخرى على أرصفة الشوارع، تحدث هذا وتتناقش مع هذا، وتقنع آخر بنوعية سلعتها، أمر يستهجنه شبابنا ولا يتقبلونه، منوهة أنها لا تقصد تشويه سمعة تلك الفتيات اللاتي تقول أنهن خرجن للشارع اضطرارا لا اختيارا.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)