الجزائر

الدكتوران بليمان وجباب ينشّطان ندوة الجمعية الفلسفية



استضافت الجمعية الفلسفية الجزائرية أول أمس، الدكتورين عبد القادر بليمان ونور الدين جباب لندوة فكرية نظمتها ضمن نشاطها الثقافي لشهر رمضان. وقد دار موضوع الندوة الفكرية الفلسفية حول إشكالية الدولة الوطنية في العالم العربي، بحضور نخبة من المثقفين والأساتذة الجامعيين.استعرض في بداية الندوة الفكرية الدكتور نور الدين جباب، الدولة كظاهرة لها مظاهر مختلفة، وأكدّ أنها تزداد تعقيدا عندما نتكلم عن الدولة عند العرب، حيث نجدها مشحونة بالإيديولوجيات أكثر منها كحقيقة تاريخية. وأضاف المحاضر أن من مزايا الربيع العربي فضحه الزيف والغطاء الإيديولوجي والأوهام بعد أن أصبح للفكر مطلب واحد، وهو تأكيد البديهيات حتى يدافع عن المبادئ.
وتوقّف المحاضر عند ثلاثة مفاهيم رآها من البديهيات التي تشكل أسس الدولة، فمن خلال مفهومها الحديث هي ظاهرة جديدة نشأت في لحظة تاريخية معيّنة، وكان وراء هذه النشأة الطبقة الرأسمالية، التي نقلت البشرية من مرحلة زراعية إلى مرحلة حداثة لتجسيد مشروع “الدولة الأمة”.
وتساءل جباب عن إطلاق هذا الاسم “الدولة الأمة”؛ حيث يراه حاملا لدلالات كثيرة، والقصد من هذه الدولة الأمة السيدة وذات السيادة، التي تقوم على معيارين: التحرّر والحرية.
وفي استعراضه لمفهوم الدولة الأمة أكد المحاضر أن الرأسمالية هي التي أوجدت هذه البقعة التي تسمى “وطن”، فأبدعت لها العلم والحدود، وأصبحت سيادة الأمة التي تحميها وتصونها.
أما العامل الثاني لمفهوم الأمة فهو الحرية الداخلية؛ لأنه من غير المعقول أن ينتصر مشروع الحداثة دون الحرية الليبرالية بمعناها السياسي، والحرية هي أكثر الأشياء التي أبدعتها الحداثة، والقصد منها حرية الإنسان؛ باعتباره محور الكون والقيمة المطلقة في الوجود، فالإنسان هو هدف الإنتاج، والدولة استبدلت فكرة الله بالإنسان؛ باعتباره القيمة المطلقة. وأضاف المحاضر أنّ كلّ التراث الذي جاء بعد الحداثة، جاء ليدعّم حرية الإنسان كالماركسية.
أما فيما يخص ما بعد الحداثة فقد تم التركيز على نقطة واحدة يراها المحاضر انتقدت الرأسمالية ورأت أن الدولة تغوّلت، فضيّقت من حرية الإنسان. واستعار العرب بعد الاستقلال الدولة كهيكل على غرار الدول الغربية، إلا أن الاستقلال أصبح مجرد مظهر خارجي، والتحرر الوطني لم ينجز استقلالنا الوطني، بل عمّق التبعية، وأصبح استقلالنا مخترقا، فالإنسان فقد حريته داخليّا، وهذا ما جعلنا نفشل في الوصول إلى الدولة الوطنية، بل دخلنا مرحلة أخطر، وهي تفتيت هذه الأوطان إلى كيانات صغيرة.
من جانبه، عمل الأستاذ عبد القادر بليمان على متابعة تشكّل الدولة الأمة في الوطن العربي؛ من خلال المحطات الكبرى، التي يرى أنه لم يتم الحسم فيها وماتزال في إطار نقاش مفتوح. واستعرض بليمان، في مداخلته، أولوية الأمة في التحرير، وقال إنها بدأت مع عصر النهضة في محاربة الاستعمار، لتنتقل بعد التحرير إلى أولوية الدولة وبناء السلطة المركزية وتكفّل الدولة بمشروع المجتمع، فأصبحت دولة شمولية مالت من التفتح على المجتمع إلى التصلب، وتولدت عنه المعارضة التي أحدثت تيارات لم تجد نفسها في الدولة الوطنية الشمولية، التي انتقلت من مرحلة البناء إلى مرحلة الخلل، فانهار المعسكر الاشتراكي. وداخليا، اختنق المجتمع، فخرج ليعبّر عن نفسه، ثم جاءت مرحلة أخرى، وهي مرحلة البحث عن شكل من المصالحة بين الدولة والأمة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)