الجزائر

الدستور الجزائري تحت مجهر عبد العزيز رحابي و عمار بلحيمر بمكتبة الأمير عبد القادر: لا الرئيس الشاذلي و لا زروال قاما بحماية الدستور



الدستور الجزائري تحت مجهر عبد العزيز رحابي و عمار بلحيمر بمكتبة الأمير عبد القادر: لا الرئيس الشاذلي و لا زروال قاما بحماية الدستور
أجمع كل من ضيفي نقاشات «الجزائر نيوز» وزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي، والمحلل السياسي عمار بلحيمر، على أن الجزائر لم تعرف دساتير قائمة على أساس المصلحة العليا للبلاد كما هو معمول به في العالم، بل تتوافر على دساتير تقوم على حاجة ظرفية لحل أزمة ظرفية خدمة لمصلحة خاصة، حيث يتم ذلك من أجل إحداث توازنات بين قوى متصارعة في قمة السلطة، وغالبا ما يكون توازنا ظرفيا. كما اعترف الرجلان بمجهودات الرئيس اليامين زروال باعتباره الوحيد الذي سعى إلى وضع دستور يقوم على إجماع الطبقة السياسية بما فيها المعارضة، وأعاب المتدخلان على السلطة تفضيلها للخطاب الذي يعتمد على العنف في تأطير مجتمعه.
أكد وزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي، أن الجزائر تعمل منذ 50 سنة بدساتير «خارجة عن القانون» لأن كل الدساتير الجزائرية استمدت موادها من دستور 1963، وهو نفسه «خارج عن القانون» لأن مدة صلاحيته 23 يوما فقط، حيث تم توقيف العمل به بعد أحداث منطقة القبائل، وأعلنت السلطة وقتها أن كل القوانين سارية المفعول ماعدا تلك التي تمس بالسيادة الوطنية.
وأضاف الوزير السابق في «نقاشات الجزائر نيوز»، أول أمس، بمكتبة الأمير عبد القادر بالعاصمة، متسائلا عن أي دستور في الجزائر يمكن الحديث؟ وهل يوجد دستور قائم بذاته في الجزائر؟، مشيرا إلى أن الجزائر كانت تسير بقوانين استعمارية لا تخدم المصلحة الوطنية إلى غاية دستور 1976.
دساتير الجزائر تحمل العديد من التناقضات وخارجة عن القانون
وأوضح الوزير بأن الجزائر شهدت عدة تناقضات قانونية في دساتيرها، حيث أقمنا ثورة اشتراكية بقوانين ليبيرالية، في حين كان يزج بالاشتراكيين في السجون، وفي دراسته لمختلف الدساتير التي خضعت لها الجزائر، قال المتحدث إن دستور 1963 يشبه إلى حد كبير نظيره الحالي، حيث تضمن الأول في مادته 75 أن النشيد الوطني مؤقتا هوقسما .
وفي تحليله لمختلف الدساتير، قال رحابي إن الأحكام العامة لدساتير الجزائر لم تتغير، إلا أنه أعاب على أغلبها أنها لم تحمل توقيعات رؤوساء الدولة ما عدا دستور63 الذي وقّعه الرئيس الراحل أحمد بن بلة والدستور الحالي يحمل توقيع الرئيس بوتفليقة.
وإن كانت الدساتير في العالم تعدل أو تغير بناءا على ضرورة تستدعيها مصلحة عامة تعكس انشغالات مواطنيها، فإن ضيف «نقاشات الجزائر نيوز» يقول ما يحدث في الجزائر هو العكس، حيث أن ذلك يتم من أجل إحداث توازنات بين قوى متصارعة في قمة السلطة وغالبا ما يكون توازنا ظرفيا، بدليل ما حدث في دستور 76 من تغيير فرضته أحداث 5 أكتوبر 1988، حيث أضافوا بندا مهما يسمح بتعيين نائب رئيس الجمهورية وكان الحل لما عرفته البلاد وقتها هو وضع نائب للرئيس فقط .
واستغرب المتحدث تغيير الخطاب الرسمي في تعامله مع أحداث 5 أكتوبر الذي أصبح يعتبره أمرا إيجابيا حاليا مقابل ما يحدث في المنطقة العربية، في حين كانت في السابق تتفادى حتى الحديث عنه، مشيدا بدستور 1996 لما حمله من مسائل اعتبرها إيجابية، حيث قال «نحن كنا السباقين في مسألة تكريس التعددية الديمقراطية التي حلت مشكل التوريث واختصرت العهدة الرئاسية في عهدتين.
زروال الوحيد الذي تقدم بمشروع دستور للأحزاب للنقاش بما فيها المعارضة
واعترف الوزير السابق بالمجهودات التي بذلها رئيس الجمهورية السابق اليامين زروال لوضع دستور يحظى بإجماع أغلبية الطبقة السياسية، حيث كشف المتدخل أن الرئيس زروال قدم مشروع دستور أرسله إلى الأحزاب السياسية آنذاك، اقترح فيه حصر العهدة الرئاسية في عهدة واحدة مدتها سبع سنوات غير قابلة للتجديد، وكذا ترسيم اللغة الأمازيغية وفتح نقاش وقتها بين الأحزاب بما فيها المعارضة وحتى حسين آيت أحمد وقتها شارك في النقاش، ولكن للأسف تم رفض الاقتراح، إلا أنه تقرر إنشاء المحافظة السامية للأمازيغية.
وقال رحابي «أشهد أن دستور 96 كان نتاج نقاشات موسعة بين الطبقة السياسية وحتى المعارضة منها»، مضيفا أن هذا الدستور هو المؤسس لدولة الجزائر الحديثة، حيث تضمن في مادته رقم61 «يمكن لغرفتي البرلمان فتح تحقيق في قضايا ذات العلاقة بالمصلحة العامة كفضيحة الخليفة وفيضانات باب الواد وأحداث العروش وزلزال بومرداس، ولم نلحظ أي تحقيق بالرغم من فضائح الفساد التي مرت بها بلادنا، بل الأكثر من ذلك فإن وزارة العدل تتستر على هذه الفضائح.
دستور 2002 جاء استجابة لمسيرة العروش بعد مقتل شخص فيها
واستطرد الوزير السابق في حديثه عن مجريات التعديلات والتغييرات التي مرت بها الجزائر، حيث أشار إلى أن الجديد الذي جاء به دستور 2002 هو الاعتراف بترسيم اللغة الأمازيغية الذي جاء نتيجة أحداث مسيرة العروش في جوان التي اعتبرت أكبر مسيرة عرفتها الساحة الوطنية باعتراف دولي، حيث أدت إلى مقتل 120 شخص، مشيرا إلى أن التعديل جاء استجابة لمطلب حركة العروش الذي تضمن تمديد العهدة الرئاسية إلى مدى الحياة بحجة إتمام الرئيس لمشاريع حتى وإن كانت ستنتهي بعد 50 سنة، وهذه ليست ميزة جزائرية فقط، فكل الدول العربية تقوم دساتيرها على عهدات رئاسية مدى الحياة.
وأشار المتحدث إلى أننا نقارن أنفسنا بالنموذج الفرنسي عند وضع دساتيرنا، رغم أننا على علم بأنه لا يناسبنا والأقرب لنا هي نماذج البلدان اللاتينية.
لا يوجد أي إشكال بين بوتفليقة والجيش بدليل أن الرئيس طلب عهدة مفتوحة والعسكر وافقوا
وفي رده على مداخلات بعض الحضور، قال رحابي لا يوجد أي إشكال بين رئيس الجمهورية والمؤسسة العسكرية كما يدّعي البعض بدليل أن الرئيس بوتفليقة طلب عهدات رئاسية مفتوحة والجيش وافق على مطلبه لأنه يرى أن الجزائر بحاجة إلى استقرار.
الجزائر تعرضت لخيانة رؤسائها وأولهم اليامين زروال الذي أقسم على حماية الدستور
حتى في عهد اليامين زروال لم يواجه ضغوطات بشأن ما اقترحه في مشروع تعديله، وكل ما في الأمر كان هناك ادعاء أن 7 سنوات كعهدة رئاسية لا تضمن الاستقرار، وهو نفس ما حدث مع الدستور الأخير، حيث كان فيه مطلب من بوتفليقة للإبقاء على ثلاث عهدات وهو ما وافق عليه الجيش، وأشار إلى أن الجزائر تعرضت لخيانة من قبل رؤسائها الذين أدوا اليمين الدستورية لحماية الدستور وضمان احترامه، إلا أنهم لم يقوموا بذلك، كما اتهم الرئيس اليامين زروال بالخيانة العظمى لأنه وضع دستورا وأقسم على ضمان تطبيقه، إلا أنه فضل التخلي عنه والاستقالة من منصبه كحامٍ للدستور.
لا يوجد قوى متصارعة في السلطة بل هنا ضعف للنخب
واستطرد ضيف «الجزائر نيوز» في حديثه بالقول «إنني لا أؤمن بوجود قوى متصارعة في هرم السلطة، بل المشكل في الجزائر هو ضعف النخب التي كانت متعاونة مع السلطة ولم تعرف الجزائر نخبة جريئة ومواقف النخب بشأن الأنظمة بالجزائر ولاسيما الدستورية غائبة في الجزائر».
بلحيمر : لا الرئيس الشاذلي و لا زروال قاما بحماية الدستور ووجدنا أنفسنا أمام حاة خيانة عظمى
أما ضيف نقاشات «الجزائر نيوز» الثاني المحلل السياسي عمار بلحيمر فذهب بعيدا في انتقاده للدساتير الوطنية، حيث قال «لدينا اعتقاد في الجزائر أنه لدينا روح دستورية لكننا نفتقدها، بل ليس لدينا تنظيم دستوري ينظم المجتمع ليس لشيء بل لأن النظام الحاكم ليس بحاجة إليه لأنه يفضل اعتماد العنف في تعامله مع شعبه».
وأضاف المحلل السياسي أن ما يقوم عليه النظام الدستوري ببلادنا من انتهاج للعنف يتعارض تماما مع الأهداف التي أُنشئت لأجلها الأنظمة الدستورية، مشيرا إلى أن الجزائر أمام مرحلة انتقالية من نظام ديكتاتوري إلى آخر أشد دكتاتورية، وما يلاحظ على الجزائر - يقول بلحمير- أنها دائما تشكل الاستثناء بدليل أننا تبنينا اشتراكية خاصة يزج فيها بالاشتراكيين في السجون، كما اعتمدنا الليبيرالية لكننا نحارب أصحاب رؤوس الأموال.
الجزائر عرفت 8 دساتير، أربعة منها فقط تحمل صفة دساتير
وأوضح ضيف «الجزائر نيوز» أن المسار الدستوري بالجزائر عرف 8 دساتير، أربعة منها فقط تحمل صفة دساتير حقيقية وهي دساتير63 - 89 - 76 - 96، أما الباقي فهي مجرد تعديلات ظرفية اُدخلت على الدساتير، فدستور 76 عُدل ثلاث مرات، وهي كلها دساتير مؤقتة مرتبطة بأزمات ومراحل خاصة تستدعي حلها بتعديل الدستور.
فلا الرئيس الشاذلي ولا زروال قاما بحماية الدستور ووجدنا أنفسنا أمام حالة خيانة عظمى ونتيجة لهذه السياسة التي تلجأ إلى دساتير مؤقتة، يقول بلحيمر فإن ذلك قد أدخل البلاد في حلقة مغلقة بسبب غياب الدولة ماعدا في عهد الراحلين بومدين وبوضياف، فلا الرئيس الشاذلي ولا اليامين زروال قاما بحماية الدستور ووجدنا أنفسنا أمام حالة خيانة عظمى.
وأكد بلحيمر أن الجزائر تقوم على ديمقراطية تمثيلية انبثقت عن نسبة مشاركة ضعيفة لا بد أن تتدعم بديمقراطية تشاركية في ظل غياب مجتمع منتج وقوي فاعل سمح بفتح المجال أمام السلطة لاستعمال العنف لتأطير المجتمع.
وعلّق المحلل السياسي على الوضع ببلادنا على أن القوانين بصفة عامة تقوم على العلاقات بين القوى، لكن في الجزائر لا تقوم على هذا المعيار بل تقوم على اساس استعمال السلطة للعنف، فالرئيس الشاذلي بن جديد عند وضعه لدستور 1989لم يواجه معارضة كبيرة من الجيش فقط، بل واجه معارضة من الأفلان بالرغم من أنه كان الحزب الوحيد في الساحة السياسية آنذاك، فما بالك اليوم ونحن في ظل التعددية الحزبية حيث من الصعب تحقيق إجماع وطني حول قضية وطنية ما.
زروال كرس كل طاقته من أجل تأسيس دولة بإجماع الجيش والطبقة السياسية
وشاطر بلحيمر رأي رحابي في أن الرئيس اليامين زروال كرس كل طاقته من أجل تأسيس الدولة الجزائرية الحديثة التي جاءت بعد مشاورات واسعة ليس فقط مع الجيش باعتباره أمرا طبيعيا ويحدث في كل الدول، بل أجرى مشاورات مع كل الطبقة السياسية وهوما جعل دستوره فعالا.
الخطاب المؤسساتي الرسمي يتسم بالعنف رغم أن المجتمع معروف عنه بأنه مسالم ويرجح الحوار
ما يميز النظام الجزائري، يؤكد المتحدث، هو إفراطه في استعمال العنف في مواجهة شعبه، فالخطاب المؤسساتي الرسمي يتسم بالعنف رغم أن المجتمع معروف عنه بأنه مسالم ويرجح الحوار على القوة في تعاملاته، وما يعاب على السلطة ببلادنا أن النقاشات التي تفتحها لا تقوم حول مواقف تتعلق بالقضايا الوطنية بل حول توزيع المناصب.
حدوث طلاق بين الدولة والمجتمع الذي تشكل التجارة غير الشرعية 40 بالمائة من دخله الخام
وشدد المتدخل التأكيد على حدوث طلاق بين الدولة والمجتمع لأنه لا يعقل أن نتحدث عن وجود ثقة بين الطرفين في بلد تشكل فيه التجارة غير الشرعية ما نسبته 40 بالمائة من دخله الخام الوطني دون أن يفتح نقاش وطني بشأن هذه الإشكالية المهددة للاقتصاد الوطني في بلد يسير بقرارات إدارية تعسفية لا ينظمها أبدا القانون، وهذا ما يترجم غياب الدولة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)