الجزائر

الدار الكبيرة



دوّت صرخة عالية من الدار الكبيرة التي تتوسط القرية ثم ثانية وثالثة، شيئا فشيئا ينتبه كهول وشباب وأطفال ناحية الصوت، الذي بدا وكأنه صاعقة ،مات أبو مجيد كبير عائلة الراوي بعد صراع امتد لشهور طويلة قضاها في حجرته الدافئة وملامح الأجداد التي تظهر على الجدران في هيئة صور قديمة من الأبيض والأسود تعود لسنوات بعيدة تحكي تاريخ آبائه وأجداده.امتلأت الدار بالنسوة متوشحات بالأسود ،بينما الأطفال أخذوا أماكنهم في أطراف الدار يتابعون ما يحدث في صمت والبعض الآخر يلهو غير مدرك لما يدور من حوله ، في الردهة الواسعة تجمع عدد كبير من أبناء العائلة البعض منهم يقف متحفزا والبعض الآخر جلس جلسة القرفصاء على الأرض في انتظار خروج الجثمان من الدار ليحملوه إلى مثواه الأخير بمقابر العائلة في أطراف القرية .. امتطى الصمت جواده بين أبناء العائلة ليتساءل كل منهم بداخله من سيكون خلفا له وسندا للعائلة من بعده ليصبح السؤال مغلقا بلا إجابة.
مات أبو مجيد هذه شهرته التي كان الجميع من أحفاده وأقاربه وأبناء القرية يعرفونها ،أما اسمه الحقيقي في أوراق الحكومة عبدا لمجيد صاحب العقل الراجح والفطرة السليمة في النزاعات التي تنشأ بين أطراف العائلة وغيرها من عائلات القرية ، فقد كان لا يميز بين أحد من أبناء العائلة ولا ينتصر لنفسه في نزاعاته مع الآخرين . تعالت صيحات النساء من الداخل وتجمهر أبناء العائلة يتنافسون على حمل نعشه الذي بدا لهم وكأنه فارغا من كل شيء وانطلقوا به تتبعهم بعض النسوة في محاولة يائسة للحاق بهم وخرج الأطفال خلفهم، وتحولت الدار الكبيرة إلى قطعه من الصمت بينما ظلت صورته على جدران حجرته في أذهان أحفاده تحكي عن أبو مجيد ومن سيأتي بعده .


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)