الجزائر

"الخبر" أمام "بوابة" اللغز الذي حيّر 28 مليون ماليزي ماذا بعد الفاتح مارس 2033 في كوالالمبور؟




ينتظر عدد كبير من الماليزيين بأحر من الجمر حلول تاريخ 01 مارس 2033، تاريخ موعد افتتاح كبسولة الزمن، التي تتوفر على أسرار يجهل هؤلاء مضامينها. أما هذا الموضوع فقلة هم أولئك من غير الماليزيين الذين يعرفون عنه شيئا، لأن وجود هذه الكبسولة في متحف عسكري، وفي منطقة عسكرية، يجعل الوصول إليه ليس متاحا للجميع، سيما الأجانب.لا تعني عبارة ”ليس متاحا للجميع” أن السلطات الماليزية تفرض شروطا أو إجراءات في زيارة المتحف، وإنما يفضل الأجانب زيارة المناطق التي تتوفر على معالم طبيعية وأثرية وكبريات المعارض والمحلات التجارية التي تشتهر بها ماليزيا. أما فيما يخص زيارة هذا المتحف، فتبين أن المبادرات في الذهاب إليه تقتصر على من يوصفون ب«النخبة”، وأحيانا أولئك الذين يرغبون في التعرف على ماليزيا، طبيعة واقتصادا وتاريخا، وليس تأثر فكر بسحر الطبيعة وعظمة الاقتصاد.
ساعتان لمعرفة تشكيل الجيش الماليزي عبر مختلف العصور
وفي الحقيقة شكّل وجودنا ضمن وفد أكاديمي علمي فرصة ”ذهبية ونادرة” للتعرف على تاريخ وتشكيل الجيش الماليزي عبر مختلف العصور، ليتبين لنا أن هذه الدائرة التراثية تعد من أفضل الأماكن التي يمكنك زيارتها من أجل الحصول على صورة كاملة للتراث العسكري الماليزي، بداية من سلالة ”ملقا”، مرورا بفترات الاستعمار التي عانى منها الويلات هذا الشعب، بداية من فترة الاستعمار البرتغالي مرورا بالهولندي والبريطاني وصولا إلى الياباني.
ويتوفر هذا المتحف على عدة صالات عرض في ثلاثة طوابق وأخرى أرضية، وتختزن بطريقة عرض رائعة ومتميزة تاريخا مصورا لموروث الجيش الماليزي وما قدّمه في نضالاته أمام كل المحاولات الاستعمارية التي حاولت في كل الفترات القضاء على هويته واستئصاله من علاقته المقدسة بالأرض، حيث استطاع القائمون على هذا المتحف تصوير مختلف المركبات القتالية وأنواع الأسلحة التي استخدمها الجيش الماليزي في الماضي، وهي فرصة من شأنها أن تعطي نظرة عن قرب على المعدات المستخدمة لدى الجيش الماليزي، والذي هو بالتأكيد أكثر فائدة من أن يشاهدها الشخص من خلال أفلام سينمائية أو صور على أي دليل سياحي.
ويتمكن الزائر لهذا المتحف من الوقوف على مشاهد مصورة على كل عملية نفذها الجيش الماليزي في الماضي، بما فيها تلك التي تحمل طابعا إنسانيا كتوفير الإمدادات إلى الشعب وإسعاف المرضى، والتي تختلط مشاعر الزائر إليها بين التعجب والإكبار والحزن، لأن تلك الأعمال ”الفنية” التي أوجدها القائمون على هذا المعرض تعكس في كثير منها ذلك الانسجام المنقطع النظير بين أقليات هذا البلد، والتي وحّدها ”عداء الاستعمار” في صناعة ”مقاومة عظيمة” لا تزال تحظى باحترام الجميع، بل وتحوّلت لمثال تاريخي فريد من نوعه يحتذى به.
واللافت أن أي مرحلة تاريخية من إنجازات الشعب أو الجيش الماليزي موثقة بأشكال وأعمال فنية يستعرض فيها التطورات التي عرفها هذا البلد منذ أن كان لا يحظى باهتمام دولي، وإلى أن أصبح رقما صعبا بات يفرض حضوره في معادلات الاقتصاد العالمي والحضور الأمني، من خلال مشاركته في عمليات حفظ الأمن في بؤر صراع كبيرة، بما فيها منطقة الشرق الأوسط أو ما يصطلح عليها بقوات حفظ السلام الدولية ”الإيفور”، وبالتالي فإن بعض ما رسخته لنا ”السينما” في أفلام مقاومة المستعمر في منطقة آسيا، سيجدها زائر هذا المعرض حقيقة وموثقة بشكل يجعل الزائر يستوعب خلال ساعتين أو 3 ساعات كل تفاصيل تاريخ ماليزيا جيشا وشعبا، وهذا بدل عشرات المحاضرات والندوات أو الكتب أو الأفلام.
وتصنف السلطات الماليزية هذا المعرض على أنه الدائرة المسؤولة على حفظ ونشر المعرفة حول التراث في البلاد التاريخية والثقافية والطبيعية، من أجل خلق الوعي بين الناس من تراث البلاد الغنية من التاريخ، والثقافات متعددة الأعراق والبيئة الطبيعية، لخلق مجتمع متناغم مع المعايير الأخلاقية العالية ومساعدة الحكومة على تعزيز وتطوير صناعة السياحة.
شارع العرب أو شارع الشيطان
والأكثر من هذا فإن الزائر لماليزيا يقف على ذلك الذوبان بين السلطات وأفراد الشعب في ”التعلق بالوطن”، حيث استطاعت الدولة أن تفرض لنفسها هيبة في مقابل توفير كل متطلبات العيش الكريم كما على صعيد الحقوق أو الحريات، وهو ما يلمسه الزائر لهذا البلد الذي تكاد تعتقد أنه دون ”أجهزة أمنية”، لقلتها أو انعدامها في بعض المناطق، وهذا باستثناء ”شارع العرب” الذي لا يخلو فيه مكان من تواجد عناصر الأمن، لا لشيء إلا لأن الشارع شهد ”التقاء كل صور الفساد الإيراني والعربي”، وهو ما يجعل الماليزيين يعلّقون عليه باسم ”شارع الشيطان”، وهنا يصاب الزائر بالدهشة، بما يجعله يردد تلك الكلمة الشهيرة: ”حمدا للّه أن الماليزيين عرفوا الإسلام قبل أن تلحظ أعينهم هذه الكوارث الأخلاقية”.
الكبسولة.. اللغز المحيّر
وتأتي فرصة هذا المعرض كوسيلة لتعزيز روح المواطنة في نفوس الماليزيين، وتظهر أهمية المتحف الحربي من خلال حفظ المقتنيات الأثرية الحربية، وبث الوعي الثقافي العسكري مع تذكير الفرد بسيرة ماضي قادتهم العسكريين والسياسيين، والذين تمتلئ بصورهم جدران المتحف، ومحاولة تحويل المؤسسة العسكرية إلى مؤسسة وطنية عريقة تمثل القاسم المشترك الأعظم في البعث الحضاري ونهضة هذه الأمة .
أولى القناعات التي تترسخ لزائر هذا المتحف الموجود بمنطقة ”نيجري سمبيلان” السياحية هو أن موضوع ”الكبسولة” يعكس بجلاء صورة من صور البساطة المميزة للشعب الماليزي.. بساطة تفكير شعب تصنف دولته حاليا ضمن مجموعة ”الكبار”، وهي البساطة التي جعلت منه متطلعا بشغف للعيش في السلم والأمن في دولة متباينة الأقليات، إلا أن ما يجمع بينه هو ذلك الدعاء المؤثر الذي يردده هؤلاء عقب صلواتهم أو طقوسهم.. أما المسلمون فلا تمر صلاة جماعة حتى يرفع الإمام يديه راجيا اللّه أن يحفظ لهم أمنهم واستقرارهم، بصيغة: ”يا صريخ المستصرخين آمنّا مما نخاف”.
وفي المقابل، فإن ما تبادر إلى ذهني حول موضوع ”الكبسولة” أنني أمام قصة أو خرافة من خرافات الحكايات الشعبية ك«سندباد” وغيرها، لأن عبارات ”الكبسولة” وتاريخ الفاتح مارس 2033 جعلتني في البداية مصدوما في أن هذا الشعب الذي بات يشار إليه بالبنان على أنه رقم صعب في السياسة العالمية، واستطاع التحدي ومجابهة كل الأزمات السياسية والاقتصادية التي عصفت بآسيا والعالم، يعيش موصولا بموضوع لو لم نقف عليه كحقيقة واقعية، لاتّهمنا من يتحدث به ب«الجنون”. ومع هذا كنا نتوقع أن نجد إجابات شافية حول هذا الموضوع، عند السيد محمد، وهو ضابط عسكري برتبة رائد، تولى تقديم شروحات لنا حول محتويات المعرض، ورغم سيل الأسئلة التي وجهناها له، ردّ علينا فيها بإجابات من ضريع لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو ما أثار شكوكنا في البداية إلى درجة أسأنا الظن به في أن الرجل يحاول التهرّب من إعطاء تفاصيل حول موضوع لا يرقى إلى درجة ”الأسرار العسكرية”، إلا أننا سرعان ما أدركنا أن درجة الفضول التي نحياها، فهو يعيش على لهيبها منذ سنوات، إلا أنه عندما تحوّلنا بالسؤال إلى شخصيات علمية وتاريخية أكاديمية، تطابقت إجابتهم مع إجابة السيد محمد وأقنعونا أنهم بدورهم ينتظرون حلول هذا الموعد للاطلاع على أسرار ”الكبسولة”.
وتلخصت التفاصيل التي قدمها الرائد محمد حول موضوع الكبسولة في أنه يرجح أنها تتوفر على وثائق وتسجيلات صوتية، جزء من مضمونها يتناول كيفية التعاطي مع الأزمات الكبيرة في حال وقوعها قبل تاريخ 1 مارس 2033، وماعدا ذلك فهذه الكبسولة لن تفتح قبل موعدها المحدد لها، وبالتالي فإن أي شخصية مهما كانت قيمتها السياسية أو العسكرية أو التاريخية أو الدينية لا يمكنها التجرؤ على الاقتراب من هذه الكبسولة، وتلك هي ”وصايا” القادة العسكريين والسياسيين الذين وضعوها بتاريخ 1 مارس 1933، والذين لا يجوز الخروج عن وصاياهم التي تبين من خلال كلامه أنها تحمل ”قدسية” تشكل قناعة مشتركة لمختلف الأقليات المشكلة لهذا البلد المسالم، والذي بلغ درجة هوسه بالعيش في سلام وأمان، أنه شديد التأثر بمواضيع السحر والشعوذة والغيبيات، سيما في الطوائف غير المسلمة.
ولعل ما يزيد من الإثارة والتشويق تلك الساعة الرقمية التي تعلو الكبسولة، والتي تشهد عدا تنازليا لتاريخ 1 مارس 2033، حيث يلاحظ الزائر لها الثواني والدقائق تمر أمام عينيه للوصول إلى موعد ”ساعة الحسم”، وفي هذه الحالة تنتاب الإنسان حالة من التحسر الممزوجة بالغبطة، حيث يغبط زائرها من سيكتب لهم طول العمر للاطلاع على جزء هام من سر لا يعرفه إلا عدد من القادة ممن غادروا دنيانا وماتوا واللغز مدفون في صدورهم ولم يبوحوا به لأحد.
ويتوقع، حسب تحليلات من تحدثت إليهم ”الخبر”، أن جزءا من محتوى الكبسولة يتضمن خططا ونصائح وإرشادات موثقة صوتا وكتابة للتعامل مع الأزمات المستعصية في حال وقوعها، أما بعد التاريخ المنتظر، فيرجح أن الجزء الباقي منها يتعلق بنصائح استشرافية جديدة لكيفية التعامل مع المرحلة القادمة، ما يعني أن بقاء الماليزيين كاملا وهم متحدون ويعيشون في تآخي ووحدة لابد له من ”تجديد” وإعطائه ”جرعات” لتقوية هذا الاتحاد، وهو الراجح في تفسيرات هذا الجزء من الأسرار، حسب من استجوبتهم ”الخبر” حول هذا الموضوع.
وبحسب أكاديميين وأساتذة جامعات بماليزيا ممن تحدثنا إليهم، فإن تفسيراتهم لمضمون الكبسولة ينظر إليه من زاوية أنه يحمل ”حافزا معنويا” لهذا الشعب ”الخيّر” والمتعطش للعيش بسلام وآمان، وبالتالي فإن وجودا مشتركا يجمع بين الأقليات أمر لابد منه لتعزيز هذه الوحدة، ولهذا جاءت فكرة الكبسولة، التي عززت لدينا أنها إن كانت كذلك، فإنها ساهمت في تحويل التجربة الماليزية إلى دولة رائدة وأنموذجا لتعايش الأقليات.
إلا أن الحقيقة التي وقفنا عليها، أن هذا الفضول الذي غرسته فينا هذه الكبسولة، جعلنا بدورنا نبتهل إلى اللّه أن يطيل أعمارنا إلى ذلك التاريخ حتى نتعرف على مضمونها، وهذا بدل أن نتمنى وقوع ”أزمة أو كارثة” لهذا الشعب الذي ينظر لنا نحن العرب على أننا سبب نهضته وتطوره، لأننا أهديناه أعظم ”شريعة” جعلت منه شعبا فاضلا ومتطورا، وبسبب الإسلام يقول السكان إنهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه من تطور وازدهار.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)