الجزائر

الحاجة لكتيبة أممية



الحاجة لكتيبة أممية
تعتمد ”داعش” و”النصرة” و”القاعدة” وطالبان وما سواها من المنظمات الإسلاموية الإرهابية على متطوعين من الخارج، من أوروبا إلى أستراليا، ودعم مالي أيضا. ذكرني ذلك بما قاله تولستوي: إذا كان بإمكان الأشرار أن يتعاونوا على الشر فلماذا لا يتعاون الأخيار على فعل الخير؟عندما اندلعت الحرب الأهلية الإسبانية في 1936 بين الفاشيين بقيادة فرانكو الذي جاء بمتطوعين من أفريقيا أيضا لإسقاط الحكومة الشرعية الديمقراطية الاشتراكية، خف متطوعون ديمقراطيون ويساريون من سائر أنحاء العالم الغربي لنجدة الحكومة الشرعية ومحاربة فرانكو. شكلوا فيما بينهم ما عرف بالكتيبة الأممية International Brigade. ضمت في صفوفها شتى المفكرين والأدباء والفنانين؛ مثل الروائي الأميركي إرنست همنغواي، والمؤرخ الإنجليزي الشهير توينبي، والروائي جورج أورويل. تدربوا على حمل السلاح وحاربوا الفاشيين لما يقرب من سنتين. فشلوا في جهادهم، ولكنهم تركوا وراءهم شتى الأعمال الخالدة التي صورت تلك الحرب مثل رواية ”لمن تدق الأجراس؟” لهمنغواي ولوحة بيكاسو الشهيرة ”غارنيكا”، والكثير من الأعمال الموسيقية والغنائية التي ما زلت أستمع وأطرب لها. وهناك الآن مكتبة في لندن تضم أعمالهم ووثائقهم وصورهم.ما تقوم به هذه المنظمات الإسلاموية الإرهابية لا يقل خطرا على التراث العالمي والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا سيما المرأة. قامت طالبان بهدم الآثار التاريخية الثمينة ومنع الفتيات من التعلم وفرض الحجاب والبرقع. وتقوم ”داعش” بالشنائع نفسها زائدا نسف الأضرحة التاريخية والأنصبة الفنية والدعوة لختان المرأة التي تعتبر جريمة في الغرب يعاقب القانون عليها. في يدها الآن مدينة الحضر، أهم صرح تاريخي فني ما زال قائما في العراق. لن أعجب إذا ما سمعتها تضع المتفجرات تحتها وتنسفها بحجة أنها وثنية. وكل ذلك بالإضافة إلى جرائمهم الإرهابية، كتقتيل أبناء الطوائف الأخرى وتهجير المسيحيين وتدمير كنائسهم.هذه تصرفات تهم ”اليونيسكو” ولجنة حقوق الإنسان وتمس الحضارة العالمية ومصير الديمقراطية ومكانة المرأة وسيادة القانون. ومن ثم، فهي موضوع دولي يهم الجميع. وأعود لكلمة تولستوي: إذا كان هناك أشرار يتطوعون لفعل الشر فلمَ لا يكون هناك أخيار في العالم يتطوعون لنصرة الخير والسلام والحضارة؟ هناك حاجة لكتيبة مشابهة للكتيبة الأممية التي تطوعت لإسبانيا؛ كتيبة من سائر الأحرار الحريصين على التراث العالمي وحقوق الإنسان وحياة الأبرياء وكل ما أصبح مهددا بنشاط هذه المنظمات الإرهابية؛ كتيبة تتسلح وتمول أمميا ويدربها ويقودها وينظمها ويوجه عملياتها قادة أحرار أكفاء من شتى الدول يتولون مهمة دحر هذه المنظمات الهمجية الطائشة وتنظيف أديم المنطقة من أقدامها وأوساخها. طالما عجزت الأنظمة القائمة ومنظمات الأمم المتحدة عن تولي المسؤولية، فليتولَ أحرار العالم هذا الواجب الإنساني فيسجلوا أروع صفحة في التاريخ الحديث للمنطقة ويعطوا بادرة رائعة للقيام بأدوار مشابهة في شتى هذه الجبهات المدمية والغارقة بالمآسي الإنسانية من نيجيريا إلى ليبيا واليمن فبلاد الشام والعراق وحتى أوكرانيا شمالا وتايلاند جنوبا.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)