الجزائر

الحاجة زعرة.. المعززة المكرّمة


 وتتكرر المأساة.. لكن هذه المرة بأبشع الصور والأصوات. سيدة جزائرية تستغيث المسؤولين في بلادها ولكن المسكينة تكتشف كل يوم يمر على محنتها بأنها تنادي على جثث هامدة خالية من الروح والإحساس والإنسانية.
وهل حبر الأقلام يكفي أو أعمدة الجرائد تتسع لتصوير فظاعة الموقف. ما هذه القساوة في قلوبكم ''يا ناس روما'' لم ترحموا حتى كبار السن والعجائز في سن أمهاتكم وآبائكم.
الحاجة زعرة، في الستين من العمر، ولا تنتظر التكفل بنفقات رحلة علاج إلى باريس أو روما أو جنيف، أو سفرية خاصة لإجراء عملية تجميل وشد الوجه، أو نزع ضرس أو للتسوّق في محلات الشانزلزيه.. أمنيتها بسيطة جدا، أن يطرق حاجب سفارة الجزائر في روما، أو سائق السفير أو قنصله الموقرين، باب غرفتها في المستشفى بمالطا ماسحا دموعها وشادا أزرها بالصبر إلى غاية تماثلها التام للشفاء والعودة معززة مكرّمة إلى أبنائها.
إن المصاب جلل. في زمن القذافي، تحركت الدبلوماسية الجزائرية على أعلى مستوى، من الوزير مدلسي إلى سفيرنا في ليبيا، بوزاهر مرورا بالوزير المنتدب مساهل، متوددين للعقيد الهارب من أجل إعادة مساجين حكم عليهم بالإعدام وقطع اليد في قضايا مخدرات وقتل وسرقة.. لكن من أجل الحاجة زعرة فإنها لم تحرك جفنا.. ليست تاجرة مخدرات ولا مهربة ولا سارقة ولا قاتلة، وإنما سيدة بريئة ذنبها الوحيد أنها ذهبت إلى العمرة وفي طريق عودتها كادت أزمة قلبية تنهي حياتها في طائرة سعودية تحلق على علو 33 ألف قدم.. ولولا إنسانية طبيب جزائري وعقلانية قائد الطائرة لكانت الحاجة زعرة تحت الأرض.
إنه من غير المقبول استمرار تجاهل سفارتنا في روما لنداءات السيدة، وليس منطقيا أن نصرف المليارات على استقدام راقصات ومطربات كباريهات الشرق والغرب برحلات خاصة على متن طائراتنا دون حساب، ونعجز عن إجلاء مواطنة إلى وطنها.. إنه العار الذي يجب أن يمحى من ذاكرتنا في أقرب وقت، وألا نشاهد مثله على أعمدة جريدتنا.
أما بالنسبة إليك أيتها السيدة زعرة.. فلا تقلقي، فإن لم يكن بوسعنا اليوم تغيير العقول فذلك لأننا نعلم من زمان بأنهم ليسوا ''عقولا''.. وتأكدي بأنك ستعودين إلى بيتك في الطارف وستغدو معاناتك درسا لأحفادك من بعدك.. وأصدق حكاية ترددها الألسن عن جزائر العزة والكرامة. وعلى المحبة نلتقي.
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)