الجزائر

الجدير بالذكر من الغابة الصغيرة إلى مطعم الخليج



أيها الكبير الكبير.. كم يلزم أمتنا من جيل كي يجود لها الدهر بمثلك.. كم يلزمنا من سنة لنصادف واحدا في مثل رباطة جأشك وهدوئك وحكمتك وحنكتك وتواضعك.. كم يلزم الجزائر من وقت حتى تنجب رجلا في نفس قامتك وهامتك وحسن تصرفك وتدبرك وعميق نظرتك للأمور وحسن تحليلك للواقع واستشرافك لمآلات الأمور.. أيها الكبير الكبير.. أول مرة رأيتك فيها كانت خلال السنة الدراسية 67 ـ 1968 بالغابة الصغيرة الواقعة في دار المعلمين ببوزريعة التي كنت مديرا لها، كنت تحدثنا وكنا نستمع إليك بإعجاب وكأن على رؤوسنا الطير. تكررت لقاءاتي بك وتعددت ولم تتح لي فرصة الحديث إليك إلا مرة واحدة، حين طلبت منك الحضور إلى ملتقى فرانز فانون الذي كنت أشرف عليه، اعتذرت بلباقتك المعهودة وسلمتني رقم هاتفك وأنت تعدني بأنك ستلبي دعواتي اللاحقة إذا كانت رزنامة التزاماتك وارتباطاتك - وما أكثرها ـ تسمح.. أيها الكبير الكبير.. السنوات وثقلها لم تغير من مبادئك ولا من مواقفك ولا من طريقة حديثك الهادئة وأسلوبك في الإقناع.. الذين رفضوا ما اقترحته للخروج من النفق وتجنب انهيار الدماء هم وحدهم من يتحمل مسؤولية ما حدث ووزر ما لحق بالجزائر وطنا وشعبا.. أيها الكبير الكبير.. لم أكن أدري أن لقاءنا في مطعم الخليج بدالي ابراهيم، في حفل زفاف أحد أصدقائنا المشتركين سيكون آخر لقاء بيني وبين رجل أحب الجزائر كما لم يحبها أحد قبله، وكان رجل إجماع إحترمه كل من عرفه حتى أولئك الذين اختلفوا معه وحاولوا إيذاءه ها هم اليوم يأكلون أصابع الندم.. أيها الكبير الكبير عزاؤنا في فقدانك أن الجزائر أدركت من أنت. سليمان جوادي


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)