الجزائر

الثعبان والحبل


لا يختلف اثنان في حقيقة أن ما يحدث بمالي اليوم هو النتيجة المنطقية لضعف السلطة المركزية في باماكو، والقدر المحتوم لتركيبة اجتماعية وسياسية بدائية، تقدّم الإثنية والطائفة على الأمة، والقبيلة على الدولة. لكن من السذاجة والغباء استبعاد عوامل أخرى في قراءة هذا الانفجار الذي سيصل دويه إلى كل الآذان في شمال إفريقيا وجنوب أوروبا، وستمتد ألسنة حريقه ليس إلى الجزائر فقط، بل إلى المنطقة كلها. فلم يعد غريبا الآن أن بال الكثير من الدوائر الغربية عموما، والفرنسية بصفة خاصة، لن يهدأ، وبأن جفنها لن يغمض حتى تخر هذه البلاد على ركبتيها، وترفع الراية البيضاء، وتصرخ بملء فيها: ''ها أنا ذا بين أيديكم افعلوا بي ما شئتم''. لن تقبل هذه الدوائر أبدا على تخومها البلد الأكبر والأغنى في إفريقيا.. هذه البلاد التي دحرت الاستعمار وصمدت أمام محاولات هيمنته، ولم تقبل بإقامة قواعد عسكرية على ترابها، وتقاوم مبدأ أي تدخل أجنبي في المنطقة، وترفض أن ينقل العملاق النووي الفرنسي ''آريفا'' اليورانيوم ''المنهوب'' من المناجم النيجرية عبر برها.. هذه البلاد يجب أن تدفع الثمن.. يجب أن تتشتت وتتفتت وتذهب ريحها. لن تقبل هذه الدوائر أن يهنأ بالأمن والأمان والاستقرار هذا البلد الذي رفض تدخل الناتو في ليبيا، والذي يصر شعبه على دعم الفلسطينيين في صراعهم على استرداد حقوقهم المسلوبة، وعلى نبذ مناقشة فكرة التطبيع مع إسرائيل، فما بالك بقبولها والتعاطي معها، وعلى الدفع بباريس إلى محكمة التاريخ ومطالبتها بالاعتذار على ما اقترفته من جرائم ضد البشر والشجر والحجر.  لا أنكر بأن هذه القراءة قد تكون سطحية وبسيطة وعاطفية، وأقرب إلى نظرية المؤامرة منها إلى واقع العلاقات الدولية وموضوعيتها.. لكن ما رأيناه من تحركات ''المشبوه'' برنار هنري ليفي، وسلوكات رفاقه وأصحابه وبني عصبته، يجعلنا نشك في كل شيء، أو بعبارة أدق، يجعلنا لا نثق في شيء. فهؤلاء علمونا كيف تطوع المبادئ والقيم النبيلة والسامية لخدمة المصالح الدونية والضيقة. فمن هو السوداني الذي كان يصدق قبل عشرين سنة بأن بلاده ستقسم شطرين؟ ومن هو الليبي الذي كان يتوقع الحرب الأهلية وهو يحمل السلاح لإسقاط الطاغية؟.. وصدق المثل الشعبي الذي يقول: من رأى الثعبان يخشى الحبل!   Mouhben2002@yahoo.fr
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)